تزداد حوادث المرور في الجزائر بشكل كبير وتسجل أرقام مصالح الدرك الوطني والشرطة ارتفاعا ملحوظا كل سنة. ورغم القوانين الرادعة إلا أن ذلك لم يقلل من الظاهرة. ويرى المختصون أن هناك طرقا ومناهج وحلولا كفيلة بتقليل حجم الخسائر البشرية والمادية المسجلة سنويا ومن بين رجال القانون العارفين بخبايا الطرقات السيد محمد العزوني أو ''الشرطي المخفي'' الذي كان لنا معه هذا الحوار. لماذا تكثر حوادث المرور في شهر رمضان الكريم؟ لا ينظر المواطنون إلى القانون من جانب النصح والتربية بل من الجانب الردعي فقط. ففي رمضان تكثر حوادث المرور بسبب العقليات فالمواطن الذي قضى ليلة كاملة في السهر لا يمكنه أن يقوم بقيادة السيارة بشكل جيد والتعب يؤدي إلى انخفاض نسبة السكر في الدم. لكن المشكل المطروح في الحوادث الرمضانية أن الجميع يرجع ذلك لتأثير الصيام فإذا كان السائق صائما فالسيارة ليست صائمة ويمكنه التحكم فيها بشكل جيد ويفرض عليها قدرته. ورمضان هذه السنة جاء في شهر أوت وكثير من الجزائريين في عطلة، حيث تجد الكثير من المواطنين يستعملون السيارات للتنقل والتجول عبر مسافات طويلة وخطورة الحادث مرتبطة مع عدد الكيلومترات التي يمشيها المواطن في اليوم، فهناك العديد من العاصمين يذهبون إلى ولايات مجاورة على غرار شرشال والبليدة، وكثيرا منهم يسافرون إلى مناطق أخرى في رمضان من أجل اقتناء الزلابية كما يحصل في بوفاريك واللبن بأولاد يعيش وخبز الشعير ببئر خادم، هؤلاء المواطنون ينسون أنفسهم ولما تبقى ساعة قبل الفطور يبدأون في زيادة السرعة، فهو يفطر 12 شهرا خارج البيت بشكل عادي ولكن في رمضان لابد عليه أن يدخل إلى البيت، ولكن لن يأخذ في الحسبان حالته البدنية الفيزيولوجية الصحية أو التركيز حيث يبلغ سرعة مفرطة تتجاوز 120 - و140 كلم في الساعة وهنا لا يقدرعلى التحكم في هذه السرعة. هل ساعد فرض القانون الجديد على خفض حوادث المرور؟ القانون الجديد ليس خاتم سليمان. مهما يكن القانون فإنه لن يفيد ولن ينجح ولن يفلح إلا إذا تقبله المجتمع فالردع وحده لا يحل المشكل. وعلى سبيل المثال الردع لا يكون في كل مكان وزمان فمنذ حوالي شهر وقع حادث مرور خطير أودى بحياة 15 شخصا بطريق المنيعة بمركبة ذات 7 مقاعد بها 25 شخصا والسرعة مفرطة وهناك منعرج وقع الحادث على الساعة 10 ليلا، والسؤال الذي نطرحه يا ترى القانون والردع كان موجودا في تلك الساعة وبطريق المنيعة؟ هذا اسمه الردع فالردع إذن ان نرى شرطيا أو دركيا نخافه فنمر أمامه بالتقليل في السرعة ولكن لما نبتعد نرجع إلى السرعة السابقة. وحسب عدد الحوادث التي تسجل يوميا فأكثرها يقع في حدود الساعة الخامسة صباحا لماذا لأنه لا توجد مصالح الأمن والمراقبة، إذا لو توجد توعية وتربية وتحسيس والمواطن كان متقبلا ومقتنعا للقانون فإنه يحترمه، أما إذا كنا نهدده بالردع ولا يحترم القانون إلا إذا رأى دركيا أو شرطيا لا تكون هناك إيجابيات بل سلبيات. عندما يقتنع المواطن بان قانون المرور في صالحه هنا يمكن القول انه ستنقص حوادث المرور، فكل المواطنين يستعملون حزام الأمن، وكذلك يتكلمون بالهاتف النقال أثناء السياقة، فعدم احترام قانون حزام الأمن واستعماله مخالفة مطولة المدى أما الهاتف مخالفته قصيرة، ولما يرى الدركي أو الشرطي يترك هاتفه فالسياقة تتطلب التركيز وحتى الحوار والنقاش بين الأصدقاء في السيارة. ومن جانب التوعية والتحسيسي أنا أقول لهم تجنبوا السياسة والرياضة لماذا؟ لعلى هذا السائق من أنصار المجموعة ''أ'' وصاحبه من فريق ''ب'' فينسون أنفسهم وينسون السياقة. ونذهب بعيدا حتى فيما يخص الراديو داخل السيارة، بالهاتف نسمع ونركز لكي نرد أما الراديوا فإننا نسمع ونحن ليس ملزمين بالتركيز عكس الهاتف نركز عليه فزاوية الرؤية للسائق تنغلق والرؤية الجانبية لا نراها حاليا العديد من المواطنين يتكلمون بالسماعات ''الكيت'' وهذه لا يعاقب عليها القانون ولكن مع الزمن فسوف نصل لمعاقبة فاعليها. بالنسبة لاستعمال الهاتف النقال، فيد في الهاتف ويد في المقود ولكن الخطر ليس في اليد، وإنما في السرعة والتركيز وكل مكالمة وتأثيرها ونوعية النقاش عندها أهمية في انفعال السائق. حسب الحصيلة الأخيرة لحوادث المرور فإن أصحاب المركبات هم الأكثر تسببا في حوادث المرور ما تعليقك؟ إنني أصرخ وسأصرخ عبر جريدتكم من هذا الأمر، فالمفروض على كل سائقي المركبات والشاحنات أن يكونوا سائقين محترفين وهي مهنتهم، ولكن أنا انظر انه العكس وأنا شخصيا أرى انه من الواجب أن تنشئ الدولة مركزا خاص بالسائقين المحترفين لكي يتحصل على تكوين جيد لماذا؟ ما هو المانع أن الدهان أو النجار يتربص لمدة سنة أو أكثر بالمركز التكوين المهني، مع أنهم لا يشكلون خطرا بينما نعطي حافلة لسائق بها 60 روحا عبر الولابات هنا أين التكوين؟ فكل ما يتلقونه هو تكوين سطحي. في وقت سابق كانت هناك فكرة لإنشاء مركز ببلدية رويبة أو مدرسة وطنية تحت وصية وزارة النقل ولكنلا شيء تحقق من ذلك. ما هي الحلول الممكن استعمالها للتقليل من حوادث المرور؟ أطالب بمقياس الذكاء، سنوات طويلة ولم يتحقق طلبي هذا من قبل الوزارة الوصية. السياقة تتطلب ممارسة يومية ودائما، فحسب دراسة أجريت مؤخرا في بلد النمسا، فإنه وبعد 7 سنوات ممارسة يومية للسياقة فإن ذلك يقلل ويخفض خطورة الحادث 50 بالمائة. أوجه نداء إلى المتحصلين على رخص سياقة جديدة أو حتى القديمة منها وليس لهم خبرة كاملة، التوجه إلى مكاتب السياقة لأخذ دروس إضافية، وخاصة حاملي العلامات 80 وهنا بيت القصيد فالكثير منهم يخجل منها، لكنها وبالعكس تحميهم من كل الأخطار ولكن هناك بالمقابل سائقين قدماء جاءوا لأخذ دروس إضافية لتعليم السياقة. وماذا عن فكرة المحاكم الخاصة؟ إن فكرة إنشاء محاكم خاصة لم تكن وليدة اليوم بل تعود إلى سنوات السبعينيات، حيث بإمكانها أن تساهم بقسط وافر في خلق وإنشاء العديد من مناصب الشغل على مستوى الدوائر، ويجب على السلطات المعنية التعجيل في إنشاء محاكم خاصة بمخالفات قانون المرور مثل التي كانت موجود سنوات الاستقلال وذلك من اجل استرجاع هيبة الدولة ومصداقتيها. وفيما يخص المدة الزمنية لتعليم السياقة هل هناك برنامج خاص لتمديد المهلة أكثر من 3 أشهر؟ هذه النقطة حساسة، فالوزارة الوصية أعطت برنامجا وحددته، ولكن العيب يرجع إلى المترشحين وكلهم قلقون ويريدون الانتهاء من الدراسة بسرعة كبيرة، ومن يسجل اليوم يريد في الغد الحصول على رخصة السياقة، وأعطي لك مثالا في هذا الشأن عن صديقي الذي فتح مكتبا لتعليم السباقة وأنا كنت أساعده في دروس قانون المرور كل مساء، وعشية الامتحان أخضع المترشحين لامتحان أبيض لمعرفة قدرتهم على اجتياز الامتحان الأصلي في الغد لكن أكثر المنتسبين لا يعترفون بأخطائهم وهو ما يتسبب في حوادث وأخطاء قاتلة. من هو محمد العزوني؟ محمد العزوني أو ''الشرطي المخفي'' كما يعرفه الكثير من الجزائريين الذين لا يعرفونه إلا من خلال صوته الجهوري في حصصه الإذاعية والتلفزيونية حول السلامة المرورية وأمن الطرقات.. من مواليد ال8 مارس 1937 في سوسطارة بأعالي العاصمة، كما شارك في الثورة الجزائرية عند اندلاعها وانخرط في صفوف الأمن الوطني غداة الاستقلال ليتدرج في صفوف الشرطة من عون أمن مؤقت ظرفي إلى مراتب عليا حتى بلغ رتبة عميد شرطة. كما تقلد عدة مناصب بمديرية الأمن الوطني من بينها رئيس مصلحة الإعلام والمعارض وترقية العلاقات مع الجمهور سنة 1982 وأستاذ الأمن المروري بمدرسة شاطوناف، ثم بمدرسة الصومعة، وكذلك رئيس مدرسة تعليم السياقة للشرطة. أطلق سلسلة من البرامج الإذاعية والتلفزيونية منذ سنة 1974 أشهرها ''الشرطي المخفي'' و''الدراج المخفي''. محمد العزوني وإن سعى لأن ينشر السلامة المرورية كان ضحية حادث مرور خطير سنة 1993 وفي ذات السنة أحيل على التقاعد، إلا أنه واصل حملاته التوعوية ولايزال يطل على الجمهور الجزائري بصوته الجهوري ونصائحه وملاحظاته كل يوم خميس على القناة الأرضية في برنامج ''طريق السلامة''.