مثير وجميل أن يلتفت إلى فئة المثقفين والمتعلمين المتنورين، فيقدموا بعد تأخير، ويكرمون بعد ذلة وهوان لازاماهم من عصر الجاحظ ، الذي كان ''الغاشي'' يتندر فيه على معلمي القرآن، والذي عزم فيه أديب العربية حينها على إحياء ماهم به ذات يوم بتأليف كتاب في نوادر المعلمين ، وزاده هذا الهم عزيمة لما سمع أحدهم يبكي أم عمرو ولم يرها، وإنما تعشقها من خلال سماعه لمن كان ينشد: ياأم عمرو جزاك الله مكرمة ردي علي فؤادي كالذي كانا فسأله الجاحظ كيف عشقت من لم تر؟ فقال من خلال هذا البيت أدركت كم كانت جميلة، ثم قال له وكيف علمت بموتها ؟ فقال المعلم أتى الرجل نفسه في اليوم الثاني ينشد: لقد ذهب الحمار بأم عمرو فلا رجعت ولا رجع الحمار وبغض النظر عن الدواعي التي كانت تحرك الواقفين ضد الحرف العربي والذي مااستطاعت فرنسا أن تزيله من ألسنة الجزائريين ، فتولى المهمة شرذمة قليلون، قاموا بإحياء مذهب جمع النوادر وبثها بين الناس لمن يريدون تأخيره والتهكم به ، وتركه بين العالمين هزأة ضحكة، بل وحتى إنزاله من الباب العالي ، وإخراجه من أضيق المخارج والنوافذ، ولنا عبرة فيمن زعموا أن نكاته ألقيت في البحر فخرج السمك والحوت وكل طري ضاحكا ساخرا.. هي التفاتة طيبة من بلدية باب الزوار التي زادت في ملف السكن شرط الشهادة المدرسية، وربما زيد في بنود هذه الزيادة فأعطوا السكن الواسع بالغرف الكثيرة لمن كان أعلى شهادة وأكثر علما، لكننا نخشى أن يكون الحظ الأعثر الذي لازم أهل العلم من نصيب المحرومين من التعلم والشهادات، فلا يظفر الواحد منهم حتى ب''أف ''1 ، مما يصحح النظرة التي سادت حتى غدت كقانون في الكون ، وحتى تركت أبا العلاء المعري يقول: كم عالم عالم أعيت مذاهبه وجاهل جاهل تلقاه مرزوقا هذا الذي ترك الأفهام حائرة وصير العالم النحرير زنديقا فلعل هذا سيكون طريقا لتصحيح العقائد والإيمان بالله بداية من باب الزوار.