كثيرة هي التحولات التي يشهدها العالم المعاصر، قد تكون جهة الإيجاب وقد تكون جهة السلب، ولا ضير من وجود تصحيح أو نقد لتلكم التحولات طالما أنها لا تحمل تشفيا أو إزراء وقدحا ، أو حتى إعجابا بما لدينا من مواريث قيمية وأخلاقية هي أثمن ماقد يطلع عليه البشر، ولتقرأ آداب الفرس أو آداب الهند والروم هل ستجد فيها عشر معشار ما ماوصل إلينا من موروث هائل، وقد تقول فما سر التخلف الرهيب والبعد الكبير بين واقع الناس وسلوكاتهم وبين ماورثوه مما ذكرت، والإجابة لا تعوز السائل إذا علم أن الكنوز المخبأة إذا لم ينقب عنها ويستخرجها الغواصون ليطلعوا بها على الناس دررا تلألأ وذهبا يتألق ويغري الناظرين بها بقيت مهملة منسية في أماكنها إلى أن يأتي المهرة، وليس هؤلاء المهرة الغواصون إلا المرشدون والأئمة والمثقفون في دنيا الناس، والقريب من مثل هذا اللوم يلقى على عامة الناس لأنهم فضلوا على العجماوات بالعقل، فالمرء ليس سائمة ترعى وليس هملا ملقى ، ولعل الملومين أكثر هم الذين خصوا بهذا الموروث. ويأخذك مشهد العجب والضرب بالكف على أخيه إذا سمعت أن القادمين من أقاصي آسيا يلتزمون احترام القواعد العامة في معاشرة الآخرين، وقمة الاحتقار للذات تلاحظها من المشهد الذي ذكر لنا من ضحك صينيين غرباء من عدم احترام جزائرية لشارة المرور التي كانت تمنع مرور الراجلين ، مما يؤكد أن النظام خلق ينمو مع الإنسان..