تقوم أبسط قواعد المعاملات بين الأفراد بعضهم البعض على التحمل وقبول الطرف الآخر إذا كان ذلكم الآخر مما حتمته الأقدار على العيش معك، وجمعته جغرافيا الزمن والمكان لتصبح على مرآه، وتمسي على محياه الذي قد يكون وسيما وقد يكون دون قبح الجاحظ، والحقيقة أن كثيرا من قواعد الجماعات تنسحب على الأفراد انسحابها على الجماعات ضابطة لها وناظمة لها في سلك نضيد. وقد اقتضت قواعد الديمقراطية التي راجت ثقافتها وانتشرت بفضل أمريكا إن بحد السيف أو باللين والحيف على أن تتجاور الإثنيات وتجتهد للعيش في سلام ووئام، لأن ذلك أجدى على الطرفين من الدخول في الحروب الأهلية فضلا عن المهاترات والملاسنات، إذ لا يعدو ذلك إلا أن يكون ضياعا للجهود وإراقة للفكر الذي بدل أن يوظف في الاستنهاض والتقدم سيوظف في تدبير المكائد وابتداع أمكر الطرق وأدقها خفاء للإيقاع بالآخر. وماتعيشه الأراض الفلسطينية لا يخرج عن هذا التوصيف مع فارق كبير وهو أن التربص والمكيدة يقوم بحبكها وربط عقدها من انتسبوا إلى صفوة الأنبياء، زاعمين أن الأرض أرضهم، والإرث إرثهم، فإذا قام صاحب الدار بالدفاع عن نفسه وصف بأنه عنصري أناني متعنت، ولولا أن صندوق العجب يحكي لنا مايحدث هناك بلسان الحال والمقال لكدنا نشك بأن اليهود مضطهدون وأن الفلسطينيين همج لا يطيقون الضيف... ولعل ماتشهده العينان يكذب حتما كل قالات السوء وكل مايروجه الإعلام في الغرب الذي قبض مقاليده اليهود، بالأمس القريب رأينا كيف يتحرش اليهود بالفلسطنيات، والآن مشهد لا ترى مثله إلا في المشاهد الهوليودية من مثل ذلكم المستوطن الإسرائيلي الذي دهس بسيارته طفلين عن سابق إصرار، فأي طينة من البشر عجن هؤلاء، وأي شعب سيطيقهم إذا بقوا على تلك الخلائق من العنصرية المقيتة والبغض لكل الشعوب؟.