هما جناحان يسهمان في بناء المجتمع والطيران به نحو آفاق رحبة، والعهد المعرووف أن التساوق والانسجام بين الجانبين ضروري لاستكمال مسير الحياة، فلا مدعاة لاستغوال طرف على آخر أو طغيان الرجل على المرأة والعكس صحيح، وإن كان الذي يقف الغراب على شاربه هو الأكثر تحرشا والأقدر على ظلم إحدى الأضعفين في مجتمعنا الذي كثر فيه الضعفاء . ولتذهب للبحث عن المعاملة بالحسنى، وقد كانت زمانا علامة مروءة ورجولة، لمن وسمن بالقوارير فلن تجدها إلا في المجتعات التي بلغت درجات من المثالية التي كادت تبلغ مجتمع أفلاطون في مدينته الفاضلة أصالة رأي وسلامة منهج وحسن سلوك وطريقة، وشاهد من التاريخ على ذلك من أراد أن يشكو لعمر سوء معاملة وجفاء من زوجه، فما بلغ طرف الباب حتى سمع زوجة عمر ترفع صوتها وتصيح فكر راجعا، لما علم أن من يشكو إليه بحاجة إلى أن يشكو لغيره على حد المثل المصري المعروف '' جيتك ياعبدالمعين تعيني لقيتك ياعبدالمعين تنعانس. ولولا ظواهر في المجتمع بلغت حدا من التعقيد لم يمكن معه السكوت، لما تعلم أن واقع العنف في الجزائر ضد المرأة يذكر نسبا مهولة من أن 68 بالمائة من النساء ضحايا العنف، الذي أقله عنف اللفظ، إذ لا يغيب عن بال القارئ أن العصبية والغضب الذي صار موضة يميز بها الجزائري من بين الخلائق كلهم، يلجأ فيها إحدى المتخاصمين إلى الاستنجاد كتعبير عن تنفيس الغضب إلى اليد والضرب ابتداء وانتهاء، ولو كان الأمر إلينا لأمرنا كثيرا من الناس برد الصاع صاعين، لما نعلم أن كثير ممن يتزوجون لا يتميزون إلا باختلاف بيولوجي بين الجنسين، وماعدا ذلك فنسبة لا بأس بها من هؤلاء يصدق فيهم أنهم سفهاء أحلام.