أكد الوزير الأول احمد أويحيى أن التواجد العسكري في منطقة الساحل لن يحل المشاكل التي تعانيها المنطقة، كونه سيزيد الوضع تعقيدا، مبينا في الوقت ذاته أنه إن كانت الجهات الخارجية تسعى لمساعدة بلدان الساحل الصحراوي فعليها دعم هذه الأخيرة بالأموال لتحقيق التنمية لسكان المناطق المحرومة . وقال أويحيى في تصريح للصحافة على هامش رده على انشغالات نواب المجلس الشعبي الوطني بخصوص بيان السياسة العامة للحكومة، في رده عن سؤال متعلق بالاهتمام الأجنبي بما يحدث في المنطقة ''ما نقوله لأصدقائنا في العالم أن دول الساحل في حاجة إلى المساعدة والاحترام من أجل تحقيق التنمية''، مضيفا أنه ''بدون تنمية يبقى الأمن هشا''. وذكّر الوزير الأول في هذا الشأن بما عانته الجزائر خلال السنوات الأخيرة، مؤكدا على ''صمود'' قوات الأمن وأهمية الوئام المدني والمصالحة الوطنية وكذا ''المجهود التنموي'' الذي ساهم في ''هزيمة'' الإرهاب. وأبرز أويحيى أن دول الساحل تحتاج أيضا إلى ''إمكانيات وأموال لتطوير إدارة مناطقها الشمالية''، وإنها ''ليست في حاجة إلى تواجد أجنبي''، مبينا أن الإرهابيين الذين ينشطون في المنطقة ''مجرمون''، إلا انه ''إذا حدث وكان هناك تواجد غربي بالمنطقة فأنهم سيصبحون مجاهدين''، على حد ما بيّن الوزير الأول الذي أردف قائلا إنه وقتها ''نكون قد ساهمنا من دون أن نشعر في تحويل المنطقة إلى جحيم''. وبخصوص سؤال متعلق بإمكانية وجود ضغوط خارجية على الجزائر، أكد أويحيى ''لسنا تحت ضغط أي كان وموقفنا واضح وضوح الشمس''، مشيرا إلى أن الوضعية الأمنية في منطقة الساحل أو محاربة الإرهاب ''لم تكن يوما بالنسبة للجزائر مسألة استعراض''، مبرزا أن تصريحاته ''تكمل تلك التي قدمها وزير الخارجية مراد مدلسي''. وأوضح الوزير الأول أن الجزائر ''تتحمل مسؤولياتها بأداء واجبها في أراضيها وتجاه جيرانها من خلال ميكانزمات رؤساء الأركان وقوات الأمن ومجموعة من اللقاءات كالذي عقد بسيرت الليبية على هامش القمة العربية الإفريقية التي عقدت مطلع شهر أكتوبر 2010''. وكان قبل ذلك، قد رد أويحيى على انشغالات نواب الغرفة السفلى للبرلمان حول بيان السياسة العامة للحكومة، مؤكدا حرص الدولة على تعزيز الرقابة على الأموال العامة ومكافحة الفساد و التكفل بالشباب و حماية مصالح البلاد، مشيرا أنه من أجل الوقوف في وجه الفساد أشار إلى تعزيز الدولة لوسائل وميكانيزمات الرقابة والعقاب التي تتمثل في تكوين وتأهيل الإطارات التي تساهم في تسيير المال العام وكذا تعميم المراقبين الماليين على مستوى كل بلديات الوطن، إضافة إلى تعيين قضاة وخبراء لدى الهيئات العامة والوزارات للنظر في الصفقات العمومية. وجدد أويحيى الدولة سهر الحكومة على التكفل بتحسين الوضع الاجتماعي للشعب من صحة و تربية و تعليم، نافيا تراجعها عن مبدأ الطب المجاني، ومشيرا إلى أن المخطط الخماسي القادم يقضي بتكوين 11 ألف طبيب مختص، والذي ''سيسمح بتجاوز العجز المسجل في بعض المستشفيات والعيادات وخاصة في ولايات الجنوب'' . وفي موضوع آخر، أكد المسؤول ذاته أن شهادات النظام الجديد للجامعة ليسانس-ماستر-دكتوراه (LMD) معترف بها في الوظيف العمومي، والأمر ينطبق أيضا على عملية الرسكلة التي يستفيد منها أساتذة التربية في الابتدائي و الموسط. وفي رده عن المشككين في أرقام نسب البطالة التي تتحدث عنها مصالحه ، قال أويحيى أن الحكومة ''لا تتلاعب بأرقام البطالة في الجزائر'' ، مؤكدا أن سبة البطالة بلغت ''10.25 بالمائة''، و أن البرامج التنموية على المستوى الوطني ''تساهم بصورة فعالة'' في الحد من هذه الظاهرة. وفي رده عن الذين يزايدون عن الوضع في منطقة القبائل، قال أويحيى أن ولايتي تيزي وزو و بجاية ''ستحظيان بالعديد من الهياكل الصحية والجامعية الجديدة في إطار البرنامج الخماسي الجديد 2010-,''2014 مشيرا إلى أن عاصمة الحماديين التي تتوفر حاليا على خمسة مستشفيات و20 هيكلا صحيا ستستفيد قريبا من مستشفى جامعي يوجد في نهاية مرحلة الدراسة، في حين أن ولاية تيزي وزو التي خصص لها بمقتضى البرنامج الخماسي الجديد 350 مليار دج تحصي أيضا 7 مستشفيات وعشرات الوحدات والمراكز الصحية. وخاطب أويحيى سكان هاتين الولايتين قائلا '' كنتم لسنوات رهائن واستعملتم في خدمة طموحات سياسية وكنتم أيضا إلى غاية 2005 ضحايا عرقلة التنمية لكنكم كسرتم قيود هذه العرقلة''، مبينا في سياق ذي صلة أن السلم ''سيعود إلى تيزي وزو وبجاية على غرار المناطق الأخرى للوطن''، من خلال ''تظافر الجهود بالتعاون مع مصالح الأمن في المناطق الأخرى''، وداعيا إلى ''انتهاج ذات السبيل للقضاء على الإرهاب في تيزي وزو وبجاية''. وفي إطار حديثه عن الانشغالات المحلية، أكد الوزير الأول أن مقر العاصمة الجزائرية لن يتغير، وأن مدينة بوغزول الجديدة التي ستبنى لن تكون عاصمة البلاد بل ستكون ''قطبا للتنمية يتوفر على هياكل جد هامة'' كما سيكون ملتقى لعدة طرقات سريعة و لسكك حديدية تربط الهضاب العليا. واستغل أويحيى وجوده أمام نواب الشعب للتحدث عن أهمية إعادة الثقة والأمل في أوساط المجتمع الجزائري و''ضرورة مرافقة التنمية المادية بالتنمية الروحية'' وذلك من خلال إعادة الاعتبار للعدالة والتكفل بالمراجع الروحية والثقافية، مبينا أن مسار إعادة الثقة ''غير ممكن في ظل تمجيد الفوضى بل بحماية الجزائر وبناءها'' وأن إعادة بعث الثقة هو ''رهان تقع مسؤوليته على الجميع من خلال إعادة إشعاع قيمنا الحضارية الجزائرية وفاء للشهداء''. وبخصوص قضية شركة جيزي التابعة لأوراسكوم المصرية، أكد أويحيى أن الدولة الجزائرية ''ستشتري نهائيا'' هذه الشركة وهي تتعامل مع الطرف الوحيد الذي أمضت معه العقد وهو ''أوراسكوم تلكوم هولدينغ'' لا غير.