يزعم العقلاء كلهم، والناس إلا من رفع عنهم القلم أن سر النجاح هو التكاثف في الجهود وعدم اازدراء جهد هامشي قد يكون له أفضل المردود، ومما يروى عندنا أن الفرقة قسيم النار، وأن الاتحاد جنة يستظل تحت ظلالها الذين سلمت منهم القلوب، ونفي عنها زغل الصدور. قد يكون هذا واجبا في الحالات العادية والأمن مكفول والعيش رغد، لكن قد يطلب مثله وبأضعاف مضاعفة إذا ادلهمت ظلمات الخطوب، والتفت بالإنسان الإحن والمحن وكشر البعيد له عن الأنياب، وتركه الجيران يلقى مصيره وحده. يعلم القاصي والداني والقريب والبعيد حالة الضعف التي يمنى بها بين الفينة وأختها الجماهير السادرة من الخليج الهادر إلى االمحيط الثائر-زمانا- ، وكيف أن العصر يأبى أن يعيش فيه الفتات المفتت والجزيء المجزأ، وعصر الدول الكبرى المصنعة قد مضى ليخلفه عصر الإتحادات من الأمريكى إلى الأوروبي إلى تكتل النمور الآسيوية، فكيف بالله لا يهرع الكل إلى تحقيق هذه الوحدة التي هي الأصل في الوجود والأساس في الصمود. ولكم تنتابك الدهشة ويشدهك الاستغراب والعجب العجاب إذا تبين لمن له أدنى مسكة من عقل، مايطلع به علينا مؤسس لكيان صهيون -شمعون بيريز- الذي ماشهدناه يتنحنح ويتزحزح في مكان جلوسه إلا حين انتفض عليه سليل العثمانيين، هذا الكيان المغتصب للبلاد والمنتهك لحرمة العباد - يصرح أحد أعمدته بقول فيه من الزهو والشماتة وقطف الثمرة-التي لم يعيي بإنتاجها- الماحقة الحالقة لرؤوس الفلسطينيين أولا ومن يهمه مصير تلك البلاد المقدسة ثانيا، حين يذكر بأن ماحققته إسرائيل من المجتنى يصعب تصديقه، وآخرها إضافة إلى الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية ماهو موجود من العناد والخصام بين فصيلي حماس وحركة فتح، فهلا استفاد الأخوان من نصائح الشيطان، واعتبروا بقول النبي ''صدقك وهو كذوب'' .