تصف برقية دبلوماسية أميركية سرية سربها موقع ''ويكليكس'' ونقلتها صحيفة ''ذي غارديان'' البريطانية نهاية الأسبوع الماضي على موقعها في الأنترنت ما دار من حديث في اجتماع بين مائير داغان الذي كان إلى ما قبل بضعة أيام رئيس الاستخبارات الإسرائيلية الخارجية (الموساد) ومساعد الرئيس الأميركي لشؤون أمن الوطن ومكافحة الإرهاب فرانسيس فراغوس تاونسند. ويتبين من التقرير أن داغان يحاول تشويه سمعة الجزائر من خلال التحدث عن الأمن في البلاد خاصة في منطقة الجنوب، مهتما بشدة بما أسماه الموساد القوى الإسلامية الأصولية. كما تحدث ممثل الاستخبارات في إسرائيل عن القاعدة وجماعات الجهاد العالمي محذرا من امتلاكها الأسلحة النووية. وقال إن ''القاعدة'' وغيرها من ''جماعات الجهاد العالمي'' لا يمكن الاعتماد على تصرفها بعقلانية إذا ما امتلكت سلاحا نوويا، لأنهم لا يأبهون بمصالح الدول ولا بصورتهم أمام الإعلام. وقال إن السبب الوحيد الذي دفع القذافي للاعتدال في مواقفه هو أنه يخشى أن يكون في ''بؤرة'' تغيير الأنظمة الحاكمة. واعتبر داغان الوضع في الجزائر أكثر جدية، لأن الوضع في الجنوب يزداد خطورة والقيادة حسب زعمه وتلفيقه غير قوية بينما تواجه القوى ''الإسلامية الأصولية''. وحسب المراقبين فإن سنة 2007 كانت الجزائر تشهد عصر انجلاء أزمة عشريتها السوداء مع سن قانوني الوئام المدني والمصالحة الوطنية، وكانت التقارير الأجنبية تشهد بتراجع العنف في البلاد على غير الأخبار التي يصفها المتتبعون ''بالمشوهة'' التي يخترعها الموساد لنقلها إلى واشنطن. أما في شمال إفريقيا، فقد ادعى داغان أنه يجب الضغط على القذافي أكثر لوضع ليبيا على الطريق الصحيح. وأضاف أن القذافي لا يواجه الكثير من الضغط محليا، لكنه يرد بشكل تقليدي على التهديدات الخارجية ويدير السياسة الخارجية بناء على عواطفه. وقال إن المغرب يتكيف بشكل أفضل مع هذه القضايا ''رغما عن الملك'' الذي يبدو أنه لا يعير اهتماماً للحكم. ويهتم الموساد كثيرا بالجزائر، حيث كان قد نشر بعد هذا اللقاء السري بين اسرائيل وواشنطن تقرير الخبير الاستراتيجي الإسرائيلي، عاموس هرئيل، حول الجزائر وكان هذا الخبير قد استند على تقارير استخباراتية زودته بها الموساد. وحاول الخبير الإسرائيلي، وهو باحث معروف بإلحاده وشدة كراهيته للإسلام والمسلمين: ''طالما عجزت إسرائيل على فهم شدة كراهية الجزائريين لنا إلا أنني تمكنت من خلال سنوات من الدراسة والتحليل من فك طلاسم هذا اللغز المحير والذي يتلخص في التركيبة النفسية والعقائدية التي تهيمن على هذا الشعب الذي يسيطر عليه التطرف الديني إلى أقصى حد، فهم من أشد الشعوب الإسلامية اتباعا لتعاليم القرآن وأحاديث النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) إلا أن حقيقتهم غير ذلك تماما، فهم يخفون وراء ملابسهم رجال دين أشد تدينا من حاخامات إسرائيل، أو كما يسمونهم شيوخا''. ويختم الخبير في هذا السياق بقوله: ''لقد هزمنا الإسلام في كل مكان ولكن الإسلام هزم إسرائيل في الجزائر''. ويرى المراقبون أن تقرير الخبير الإسرائيلي ليس انتقادا للجزائر بقدر ما هو مدح لها فإذا ''هزمت إسرائيل بالجزائر'' حسب الخبير الاستخباراتي فما هو إلا اعتراف بضعف اختراق شبكة الموساد للجزائر.