بسبب الضجة التي أثارها موقع «ويكيليكس» على الإنترنت بنشر قرابة مائة ألف وثيقة عسكرية عن حرب أفغانستان، واحتجاجات قوية من البيت الأبيض والبنتاغون بأن النشر يؤذي الأمن الوطني الأميركي، وفي هذا السياق يقول الخبراء يتأكد يوما بعد آخر أن الولاياتالمتحدة تشهد على صعيد أجهزتها الاستخبارية والعسكرية من جهة والسياسية من جانب آخر، صراعا داخليا غير مسبوق يخفي بين طياته تطاحنا بين قوى داخلية مختلفة تتحكم في القرار السياسي للبيت الأبيض، كل واحدة منها تحاول فرض تصوراتها وخياراتها، في نفس الوقت فإن هذه المواجهة الداخلية قد تكون مقدمة لحدوث تحول أساسي في توجهات واشنطن التي يعتبرها الكثيرون حتى الآن القوة الأولى عالميا والأكثر قدرة على صياغة التحولات على الساحة الدولية. وحتى إذا كان هذا الصراع مسرحية تستهدف خداع أطراف محددة عبر العالم كما يقول قلة من المحللين فإنها تعكس تحولا في أسلوب تعامل يكشف عن تقلص حجم المناورات المتاحة للسياسة الأميركية... دافع جوليان اسانج، صحافي أسترالي، ورئيس تحرير «ويكيليكس»، عن النشر. وقال: «نحن نؤمن بأن الشفافية هي الطريق نحو العدل. وكررنا بأن هدفنا النهائي هو كشف الظلم في العالم، ونحن نعمل ونحاول تحقيق ذلك». وشبه اسانج نشر الوثائق السرية بنشر «أوراق البنتاغون» سنة .1971 وقال مراقبون في واشنطن إن هزة وثائق «ويكيليكس» ربما ستكون مثل هزة «أوراق البنتاغون» التي كان نشرها نقطة تحول في حرب فيتنام التي استمرت عشر سنوات تقريبا (1964-1974). في ذلك الوقت، سرب دانيال اليزبيرغ، خبير كان يتعاون مع البنتاغون، تقريرا ضخما كتبه عسكريون وقيموا فيه حرب فيتنام تقييما سلبيا. وعندما نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» التقرير، ثارت ضجة كبيرة، وقال البيت الأبيض والبنتاغون إن نشرها يهدد الأمن الوطني الأميركي، ويعرض أرواح الجنود الأميركيين للخطر. وحسب أمر من الرئيس نيكسون، رفع البيت الأبيض قضية ضد الصحيفة، ووصلت استئنافات القضية إلى المحكمة العليا التي حكمت بأن النشر جزء من حرية التعبير. وكأن التاريخ يعيد نفسه يوم الاثنين 26 جويلية 2010 نشر موقع ''ويكيليكس'' الإلكتروني عشرات الالاف من المستندات السرية التي تلقي الضوء على الحرب في أفغانستان مع كشف أسرار حول الضحايا المدنيين والعلاقات المفترضة مع أجهزة الاستخبارات الباكستانية والمتمردين وتورط الجنود الأميركيين في قتل مدنيين فيما يعتبر جرائم حرب.وفي الإجمال، تم نشر حوالي 92 ألف وثيقة بدأ تأريخها عام 2004 وتنتهي في ديسمبر .2009مقتطفات من تلك الوثائق نقلتها صحف ''نيويورك تايمز'' الأميركية و''الغارديان'' البريطانية الاسبوعية ومجلة دير شبيغل الالمانية. وذكرت صحيفة الغارديان، ان هذه المستندات تتضمن ''وصفا مدمرا لحرب في طريقها الى الفشل''، وتصف كيف قتلت قوات التحالف المئات من المدنيين في حوادث لم يتم الإبلاغ عنها وكيف تصاعدت هجمات طالبان .وقد تواترت تقارير أخرى حول احتواء هذه الوثائق على اتصالات حساسة مع إسرائيل وتعاونها مع قوات شمال الأطلسي ضد المقاومة في كل من العراق وأفغانستان، ولذا فإن الأضواء قد تسلط لاحقا على أنشطة ''الموساد''.وأشارت نيويورك تايمز من جانبها إلى أن هذه المستندات تبرز ''بكثير من التفاصيل الأسباب التي جعلت من عناصر طالبان، بعدما أنفقت الولاياتالمتحدة حوالي 300 مليار دولار في هذه الحرب، أكثر قوة من أي وقت منذ 2001س. موقع ''ويكيليكس'' ..غموض ميزته نشر الأسرار يقول عدد من الخبراء ان موقع ''ويكيليكس'' يحيط نفسه بشيء من السرية والغموض. لكن يعرف عنه أنه ''منظمة دولية'' تتخذ من السويد مقرا لها. وهو يتخصص فقط في كشف النقاب عن الوثائق والقرارات الحساسة الصادرة عن الحكومات أو المؤسسات والمنظمات، ولا يمانع أيضا في نشر فضائح كبار المشاهير والأثرياء. لكنه يحرص قبل كل شيء على سرية هويات مصادره. وتبعا للمعلومات المتوفرة، فقد تأسس الموقع في ديسمبر 2006 وتديره وكالة الأنباء ''صنشاين برس''، ويرد على الموقع أنه تأسس على أيدي بعض المعارضين لعدد من أنظمة دول كبرى في العالم، إضافة إلى عدد من الصحافيين والمشتغلين بعلم الرياضيات وخبراء التكنولوجيا من الولاياتالمتحدة وأوروبا وتايوان وأستراليا وجنوب أفريقيا. وقال مسؤول في إدارة البيت الأبيض: ''لا نعلم كيفية الرد على ذلك التسريب، فالواضح أن الكونغرس والرأي العام في حالة مزاجية سيئة''. ومن ثم يواجه الرئيس أوباما خيارا صعبا: فإما أن يحاول العثور على وسيلة لإقناع الكونغرس والشعب الأميركي بأن استراتيجيته لا تزال ماضية في طريقها ومثمرة أو الانتقال سريعا إلى وجود أكثر محدودية هناك. صحيفة ''واشنطن بوست'' قالت: ''كشف هذه الكمية العملاقة من الوثائق عن كتابات رسمية عسكرية يعيد إلى الأذهان تساؤلات عن منطق تدخل أميركا في حرب غامضة، وبعيدة، واستمرت سنوات كثيرة، تماما مثلما كشفت ''أوراق البنتاغون'''' وهي التي صدرت أُثناء حرب فيتنام.وأضافت: ''لكن، بينما أوضحت ''أوراق البنتاغون'' عدم مصداقية إدارة الرئيس جونسون لأنها كشفت معلومات كانت خافية، قال مسؤولون في إدارة الرئيس أوباما إنهم لم يخفوا شيئا عن الشعب الأميركي حول معوقات حرب أفغانستان، وإنهم قالوا مرات كثيرة إنها ليست سهلة. وقال دانيال ألسبيرغ، خبير البنتاغون والأستاذ الجامعي الذي سلم ''أوراق البنتاغون'' إلى صحيفة ''نيويورك تايمز'' سنة 1971: ''يوجد تشابه كثير بين الاثنتين. هذه أكبر وثائق سرية تكشف منذ ''أوراق البنتاغون''. بل هي أكبر حجما. شكرا ل''الإنترنت''، نشرت الوثائق حول العالم بين يوم وليلة''.وفي حين لم ينف ألسبيرغ أن نشر وثائق حرب فيتنام أحدث ردود فعل قوية بالمقارنة مع نشر وثائق حرب أفغانستان، قال إن النتيجة واحدة، وهي ''زيادة الشكوك في قدرة القوات الأميركية على النصر''، وأضاف: ''حتى لو استطاع كل أميركي أن يقرأ كل وثيقة من هذه التسعين ألف وثيقة، لا أعتقد أن الأغلبية ستقول إننا يجب أن نستمر في هذه الحرب. وأن نرسل ثلاثين ألف جندي إضافي، وأن نصرف مليارات الدولارات، بعد أن صرفنا، حتى الآن، ثلاثمائة مليار دولار. أين المفر؟.. همّ أمريكا الأول أدان نواب وشيوخ اميركيون نشر الوثائق التي اعتبروا أنها تهدد أمن الجنود الأميركيين.وقال آيك سكيلتون رئيس لجنة الدفاع في مجلس النواب الاميركي ''ان بعض هذه الوثائق يورط باكستان على انها تساعد طالبان وتغذي التمرد في أفغانستان. إنه لأمر حاسم ألا نستخدم تقارير بالية لوصف تعاون باكستان في اطار جهودنا في أفغانستان''.واضاف سكيلتون ان باكستان ''عززت منذ ذلك الوقت بصورة كبيرة جهودها في مكافحة طالبان''. ولكنه قال ان الوثائق تؤيد رأيه حول الحرب في أفغانستان والقائل بأن الأمور ''لا تسير على ما يرام'' وأن هناك حاجة لإستراتيجية جديدة.واعتبر السناتور كيت بوند المسؤول الجمهوري عن لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ ان التسريبات من فعل اشخاص ''يخونون بلادهم''.ومن جانبه، أدان الديمقراطي دنيس كوتشينيتش التسريبات مكررا موقفه المعارض للحرب والمؤيد لسحب كل القوات الأميركية.وبحسب الجنرال جيمس جونز، مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي باراك اوباما، فان نشر مثل هذه الوثائق يمكن ان ''يعرض للخطر حياة اميركيين وحلفائنا ويهدد الأمن القومي'' للولايات المتحدة. لكن مؤسس موقع ''ويكيليكس'' المتخصص في الاستخبارات جوليان اسانغ وهو صحافي أسترالي وناشط في حقوق الإنسان على الإنترنت، برر قراره كشف الوثائق بتاكيده أن ''الصحافي الجيد مثير للجدل بالفطرة''.وخلال مؤتمر صحافي في لندن دافع أسانغ عن نشر الوثائق، فقال: ''أود أن أرى هذه الوثائق تؤخذ بجدية ويتم التحقيق فيها وأن ينتج عنها سياسات جديدة لا محاكماتز. جدل واسع حول موقع ''ويكيليكس'' أثار موقع ''ويكيليكس'' جدلا واسعا عندما تم إنشاؤه في شهر ديسمبر من عام ,2006 ولا تزال الآراء منذ ذلك الحين منقسمة حياله بين مؤيد ومعارض لما يقوم بنشره. ففي الوقت الذي يشيد البعض به ''كمثال على الصحافة الاستقصائية''، يعتبره البعض الآخر ''خطرا داهما في حد ذاته''، البعض قدر أن الموقع يستخدم سواء بمعرفة أو بدون معرفة مسييريه في تمرير معلومات من طرف أجهزة إستخبارية. في أواسط شهر مارس ,2010 نشر مدير الموقع وثيقة قال إنها صادرة عن أجهزة الاستخبارات الأميركية تعتبر فيها أن الموقع ''يمثل تهديدا للجيش الأميركي''. هذا وقد أكدت الحكومة الأميركية '' أن ''تلك الوثيقة حقيقية بالفعل''. هذا ويمكن لأي شخص كان أن يقدم، بشكل لا يضطر معه للكشف عن هويته، وثائق لموقع ''ويكيليكس'' الذي يقول إنه يمتلك أكثر من مليون وثيقة. إلا أن من يقرر في نهاية المطاف ما ينشر على الموقع هو فريق من الخبراء الذين يقومون بمراجعة وتقييم الوثائق، بالإضافة إلى متطوعين من وسائل إعلام كبرى ورئيسية في العالم، وصحافيي وموظفي ''ويكيليكس'' أنفسهم. ويقول الموقع أيضا إنه يقبل تلقي ''مواد ووثائق سرية، أو مواد تكون خاضعة للرقابة، أو لقيود هي على قدر من الأهمية السياسية، أو الدبلوماسية، أو الأخلاقية''. ولكن الموقع في الوقت ذاته لا يقبل المواد والوثائق التي تقوم على ''الإشاعات والأقاويل والآراء، أو أي نوع من البلاغات والتحقيقات الأولية، أو المواد التي باتت معروفة ومتاحة للعامة''.إدارة واشنطن حاولت تسفيه ما نشر ووجهت انتقادات لجوليان أسانغ، وبعث البيت الأبيض برسائل بريد إلكتروني إلى الصحافيين تحمل مقتطفات من مقابلة مع أسانغ التي أجراها مع ''دير شبيغل''، أكد فيها على عبارات التي كان من بينها تأكيده أنه ''يستمتع بسحق الأوغادس. كما صرح متحدوثون بإسم البيت الابيض أن الصورة الفوضوية التي ترسمها السجلات كانت نتيجة ''لنقص في توفير الموارد'' في ظل إدارة سلف أوباما، مضيفا ان ''من المهم الإشارة إلى ان الفترة الزمنية التي تذكرها الوثائق تتناول الفترة الواقعة بين جانفي وديسمبر .2009 الأمن القومي.. ورقة التحجج الكبرى التي بيد البيت الأبيض مع تجدد النقاشات حول الحرب، ساق مسؤولو الإدارة الأميركية نفس حجج الإدارة السابقة للدفع عن استمرار الاستراتيجية الحربية في أفغانستان. فقال ريتشارد هولبروك، المبعوث الخاص لإدارة الرئيس أوباما إلى أفغانستانوباكستان في شهادته أمام لجنة العلاقات الخارجية قبل أسبوعين بأن الحرب الأفغانية ترقى إلى مصاف قضايا الأمن القومي الأميركي. وساق السكرتير الصحافي للبيت الأبيض روبرت غيبس حجة مشابهة يوم الاثنين 26 جويلية ردا على الوثائق وقال: ''نحن نوجد في هذه المنطقة من العالم بسبب ما حدث في 11 سبتمبر ,2001 لضمان عدم قيام ملاذات آمنة في أفغانستان يمكن أن تنطلق منها هجمات ضد الولاياتالمتحدة ودول العالم الأخرى وربما يكون ذلك السبب في أننا سنواصل تحقيق تقدم في هذه العلاقةس. وكان العديد من مسؤولي الإدارة قد عبروا سرا عن أملهم في استخدام الوثائق، ووصفها للحليف الباكستاني بذي الوجهين، للضغط على الحكومة الباكستانية للتعاون بشكل كامل مع الولاياتالمتحدة في مكافحة الإرهاب.لكن المساعي الأميركية التي بذلت خلال اليومين الذين تليا نشر الوثائق، كانت في سبيل التأكيد على أن العلاقات بين وكالة الاستخبارات الباكستانية وطالبان معروفة. وقال غيبس: ''لا أعتقد أن ما نشر لم يأت بجديد، حيث كانت تلك الموضوعات مثار نقاشات من الصحافيين أو الحكومة الأميركية، لبعض الوقتز. يشار الى انه يوم الثلاثاء 27 جويلية نشرت عدة مصادر اخبارية تصريحات لليفتينانت جنرال حميد غول رئيس الاستخبارات الباكستانية الأسبق قال فيها إن التقارير المنشورة عن اتصالاته بقيادات حركة طالبان لا تعدو كونها مجرد أكاذيب حاكتها عقول غير محترفة من أجل تبرير المخصصات الكبيرة التي تدفع إلى متعهدي استخبارات داخل أفغانستان.وقال حميد غول ''من الممكن أن تكون الاستخبارات الأفغانية زرعت هذه المعلومة الخاطئة من أجل الحصول على أموال من متعهدين غربيين''. وأضاف: ''من المعروف حاليا أن البنتاغون أعطى عقودا إلى شركات خاصة من أجل تجميع معلومات استخباراتية داخل أفغانستان. وقد خصص البنتاغون مليار دولار من أجل ذلك. وعليهم القيام بشيء لتبرير هذه المخصصات الضخمة للمتعهدين''.وأضاف غول إن هذه التقارير الاستخباراتية مفبركة وإنها ''محض أكاذيب''. وأضاف: ''هذه ليست معلومات استخباراتية، فأنا رجل استخبارات وأعرف أن هذه أكاذيب مختلقة وليست معلومات استخباراتية. وهؤلاء المتعهدون الخاصون لا يعلمون شيئا عن جمع المعلومات الاستخباراتية. الشيء الوحيد الذي يعرفونه هو تبرير هذه المخصصات الكبيرة ولذا نجدهم يصدرون هذه التقارير المختلقةس. قصص التجسس الإلكتروني قبل نشر الوثائق الخاصة بأفغانستان ويوم الأربعاء 7 جويلية 2010 نشرت وكالة أسوشيتد بريس الخبر التالي: في قصة جديدة من قصص التجسس الإلكتروني أقرب إلى الخيال، تطارد السلطات الأميركية متهما بسرقة ما يزيد على ربع مليون وثيقة وبرقية سرية تم تسريبها من وزارة الخارجية الأميركية. وقالت تقارير إعلامية إن خبراء مختلف الوكالات الأمنية الأميركية يسابقون الزمن لإلقاء القبض على أسانغ الأسترالي الذي قد يقوم بنشر عدد من الوثائق التي قدر أقصى عدد لها ب260 ألف وثيقة سرية. وذكر كيفن كولمان المراسل في الحرب المعلوماتية في مجلة ''ديفينس'' الإلكترونية المتخصصة في شؤون الدفاع، إن نشر هذه الوثائق والمراسلات قد يؤدي إلى إحداث ضرر في الأمن القومي الأميركي لأنها ستكشف عن ''مصادر وطريقة'' التزويد بالمعلومات، التي توظفها وكالات المخابرات الأميركية في الخارج.مصادر رصد ألمانية وفرنسية ذكرت أنه ضمن الوثائق المسربة توجد ما يوصف ''بالمدسوسة'' أو ''المغلوطة'' وهي تلك التي وضعت في أوقات سابقة ضمن المجموع بهدف استخدامها في وقت لاحق بهدف تحقيق أهداف معينة، وأشارت إلى انه عندما يحدث تسرب لوثائق سرية نتيجة قرصنة أو فعل مبرمج فإنه لا يمكن بسهولة التمييز ضمن الكم الهائل المتوفر على تلك المدسوسة. على هذا الأساس كانت عدة عواصم غربية بعضها تورط في الحرب الأميركية متحفظة في التعامل مع مجمل الوثائق على أساس أنها سليمة. البحث عن الحقيقة طلبت ألمانيا يوم الاثنين 26 جويلية درس المعلومات حول الدعم المفترض لإيران وباكستان لطالبان الوارد في الوثائق. وقال وزير الخارجية الألمانية غيدو فسترفيلي على هامش اجتماع في بروكسل مع نظرائه في الاتحاد الأوروبي ''أرى إنني مدعوم في موقفي عندما قلت انه يجب عدم تجميل الوضع في أفغانستان الذي يعد خطيرا للغاية''. وتابع ''لكن الالتزام في أفغانستان ضروري في رأي الحكومة الألمانية لأنه يضمن أمننا في أوروبا وألمانيا''.وفي برلين انتقد متحدث باسم وزارة الدفاع تسريب وثائق سرية لها علاقة بالحرب في أفغانستان. وقال كريستيان دينست خلال مؤتمر صحافي إن ''نشر وثائق بعضها سري عمل يثير جدلا لان ذلك قد يؤثر على أمن حلفاء الأطلسي ومهمة هذه الهيئة برمتها''.وقال وزير الخارجية الالماني غيدو فسترفيلي على هامش اجتماع في بروكسل مع نظرائه في الاتحاد الاوروبي ''علينا ان ندرس المعلومات الجديدة الواردة''.ودعا الجنرال الالماني ايغوس رامز المسؤول عن العمليات في اطار قوة ''ايساف'' في أفغانستان الى التعاطي بمزيد من الحذر مع الاف الوثائق السرية التي نشرت. ونقلت الطبعة الالكترونية لصحيفة هاندلسبلات الاقتصادية عن الجنرال الالماني قوله ''علينا دائما ان نتوقع تسرب اوراق أو وثائق الى الخارج، وهذا الامر يجبرنا على العمل بكثير من التأني''.واضاف الجنرال الذي يعمل في مركز قيادة الحلف الاطلسي في برانسوم في هولندا ''نحن لا نشن حربنا الخاصة في افغانستان بل نتحرك بامر سياسيس. صرع مراكز قوى يقدر عدد من خبراء الرصد الأوروبيين بمن فيهم هؤلاء الذين عملوا لحساب أجهزة الإتحاد السوفيتي أن تسريب الوثائق الخاصة بأفغانستان، وفي هذا التوقيت بالذات يكشف عن وجود شخصيات عسكرية اميركية نافذة تعارض هذه الحرب، والاستمرار فيها، لانها تعرف الوقائع على الارض جيدا، وحجم الخسائر الاميركية، المادية منها والبشرية، ولهذا قررت ان تعلق الجرس، وتطلق صفارة الانذار.فالمؤسسة العسكرية الاميركية بدأت تتمرد على قيادتها السياسية وقراراتها، ومن بينها الاستمرار في الحرب في أفغانستان، وعبر عن هذا التوجه الجنرال ماكريستال الذي اقاله الرئيس الاميركي باراك اوباما من منصبه بعد تهكمه في مقابلة مع مجلة ''رولنغ ستون'' على جوزيف بايدن نائب الرئيس. ضمن القيادات الأميركية من يرى كذلك أن الحرب الأميركية على البوابة الشرقية للأمة العربية تسير في عكس ما تروج له دعاية البيت الأبيض وأنه قد حان الوقت للتفاوض مع المقاومة العراقية لتنظيم عودة إلى النظام الشرعي بأقل الأضرار الممكنة لسمعة الولاياتالمتحدة وللخروج من ذلك المستنقع الذي كلف واشنطن غاليا، بدلا من الانتظار حتى يفر الأميركيون ومن معهم بواسطة الطائرات العمودية من عاصمة الرشيد كما حد لهم سنة 1975 في سيغون بجنوب فيتنام. هناك حسب مصادر رصد عديدة ترابط يفتح الأبواب أمام كارثة أكبر خاصة للأجهزة الإستخبارية الأميركية والإسرائيلية ويتعلق الأمر بقضية الجندية عنات كام ابنة البالغة من العمر 23 عاما والعميلة التي هددت أمن إسرائيل. ففي أبريل 2010 أمرت السلطات الإسرائيلية وفي محاولة لتخفيف وقع كشف جزء من أسرارها برفع الحظر عن حالة التكتم العام التي رافقت قضية ''العميلة'' الإسرائيلية عنات كام التي تتهمها الدولة العبرية بأنها صورت أكثر من ألفي وثيقة سرية عسكرية، ثم سلمت 700 وثيقة سرية في غاية الأهمية لجهات صحافية.