كثيرا ما تحدث المنبر الإعلامي والرأي الحر ورمز حرية الإعلام ومناضل التحرر، الأستاذ عبد الباري عطوان عن الهوان العربي وانعكاساته السلبية ،على حال الشعب العربي وما يلقاه من ذل ومهانة، سواء تحت وطأة الاحتلال والاستعمار من جهة ، أو ولاء ''الكرسي'' المهيمن والجاثم على صدورنا للخارج من جهة ثانية، فكان اسم عبد الباري على مسمى البارئ، فقد خلق صالحا ومناسبا للمهمة والغاية ، فبرأ عبد الباري قلمه وجعله صالحا للكتابة وبرأ أسهمه وجعلها صالحة للإصابة ، ذلك ما جعل المواطن العربي يستشهد بهذا الصيت ويشهد على انه هو المنبر وهو الصوت المعبر الذي يعلو المنابر، لأنه الأقرب إليه بنبرة لسانه الشافية وجرأة كلامه وحرية تعبيره لا يداهن ولا يهادن ، ويجمع الكثير على أن عبد الباري شخصية سياسية فذة، وداهية إعلامية صنعت منبر جريدة القدس العربي، وصنعت فيه قلعة إعلامية حصينة للنضال من أجل تحرير فلسطينوالقدس ومقارعة المحتل ومن والاه ولسان حال من لا لسان ولا قلم له، لأنه ببساطة ولد مناضلا وتربى حافيا ولاجئا، ولم يختر من المبادئ غير نضال القلم للتحرر من المهن غير فن التحرير، استطاع أن يكشف ويسقط الكثير من الأقنعة ويتجاوز الكثير من المحن والمكائد التي تدبر له خلال مسيرته ومصدرها معلوم ومعروف ولا حاجة لنا هنا إلى وثائق ''ويكيليكس'' للكشف عن من يقف وراء تلك الحملات المسعورة، فالرجل ونحن أدرى بشعاب مكة وان تشعبت فلن نتشعب ولن يتشعب الأحرار والشرفاء من حوله، وسيقفون شعبا واحدا في صف مرصوص لمناصرة الذي كثيرا ما أثلج صدورهم وكشف عن همومهم ومعاناتهم ويرفعونه درجات درجات ليعلى منبره وسيبقى صوته عاليا وشخصه شامخا ومداد قلمه ساريا ولا يحتاج إلى منة من احد، منافق أو مداهن ، أقول ذلك وهذا الجفاء الإعلامي الغربي المتنامي في حق عبد الباري عطوان وما يلقاه من تضييق ومحاولات لخنق صوته ومنعه من الظهور على العديد من القنوات الغربية وربما حتى العربية بضغط لوبي صهيوني بتهمة معاداة السامية وتشجيع الإرهاب ،يقابله إجحاف الإعلام العربي وجفاف حبر الأقلام الصديقة التي اتضح أنها غير صادقة، أقلام كثيرا ما أنصفها عبد الباري ولو بأضعف الإيمان ،وهاهي اليوم تدخل في سبات السلحفاة وحالة البيات الشتوي فذلك حال تلك المخلوقات من الحيوانات ،وليس حال دعاة حرية الصحافة التي ليس من صفاتها ولا من سماتها ولا من سلوك وأخلاقيات ومبادئ مهنتها أن تنساق للأهواء وسياسة الولاء، فهاهو موقع ''ويكيليكس'' قد اختصر ماضي وحاضر وربما مستقبل الصحافة المفترض أنها حرة بضغطة زر ما يعني وبالمختصر أن البقاء سيكون للأجدر .