غريب أمر بعض القنوات والفضائيات العربية، التي تتفنن في اختلاق عورات للجزائريين ، وفي الكبيرة والصغيرة تلقاها تعمل على جعل العلاقة بين الشباب الجزائري ومسؤوليه ''متشنجة''، تاركة خلفها مواضيع أهم بكثير من نقل ما تحاول هذه الفضائيات أن تسميه ''معاناة'' جزائريين في المهجر، تحديدا في فرنسا، على الرغم من أن ما تابعناه لم يكن ''معاناة''، لكنها رغبة ملحة لدى بعض شبابنا في اكتشاف خبايا الضفة الأخرى من المتوسط، فكم من تجربة عشناها وعايناها لشباب قرر الرحيل باتجاه أوروبا بحثا عن ''جنة الخلد'' مثلما يخيل للبعض، رغم توفر الظروف الحسنة ''حتى لا نقل الجيدة'' في بلاده، بل هي عقلية بعض الشباب الجزائري الذي صار يرى في ''الحرقة'' مغامرة لابد من تجريبها .. الحقيقة أن المعاناة التي تحاول بعض الفضائيات أن تستغلها لخلط الأوراق، ومحاولة إيهام البعض بأن الوضع بات لا يطاق في الجزائر، باتت كلها ألاعيب مفضوحة، لأشخاص مدفوعي الأجر، يحاولون الاصطياد في المياه العكرة، حتى وإن كلف ذلك حالات من القلق والفوضى في بلادنا، ومع سبق الإصرار والترصد تثار مسألة التشغيل والسكن في الجزائر، وكأن الجزائر على فوهة بركان، غير آبهين بحملات الترحيل التي تنظمها السلطات الجزائرية من حين لآخر من ولاية إلى أخرى، فأي بلد عربي هذا الذي يمنح مواطنيه سكنا بالمجان، ثم لماذا تخفي ذات الفضائيات الشمس بالغربال وتسعى إلى المقارنة بين الجزائر وتونس، والجزائر ومصر، أو حتى بين الجزائر واليمن، فأين نحن؟ وأين تراهم هم؟ هذا إن صح وحاولنا المقارنة.. لا نحن ''فراعنة''، فاقت فترة حكم رؤسائنا الثلاثين سنة حتى صرنا نشكو فقرا مدقعا، ولا نحن تونسيون محرومون من التعبير عن معتقداتنا الدينية، أو أبسط أفكارنا، فلم التركيز على الجزائر، ولم كل هذا التحامل يا ترى؟؟ .. من يسعى ل'' تسخين البندير'' والعزف على وتر ''التخلاط''، مثلما يقال عندنا في الجزائر، لإخراج الشباب إلى الشوارع والانتفاضة، لم يعش ما عشناها منذ أزيد من عشر سنوات، ولم يذق معاناة العشرية السوداء التي أكلت الأخضر واليابس، فلسنا بحاجة لتكرارها، ولن نرضى بغير العيش في هناء، وما تحقق من مطالب منذ سنوات حتى اليوم، لهو كفيل بأن يغير الأحوال مستقبلا، خصوصا وقد لمح رئيس الجمهورية منذ يومين إلى نيته رفع حالة الطوارئ، واستكمال مشوار التنمية ودعم آليات تشغيل الشباب، فضلا عن الشروع الفوري في تنفيذ التعليمات المتعلقة بتثبيت وضبط سوق المواد الغذائية و ''توسيع'' نطاق تطبيق آلية تثبيت أسعار المواد الاستهلاكية وتعميق التشاور والشرح والاتصال.