قليل الشهية في رمضان، الشربة أكلته المفضلة مع البوراك والطاجين لحلو، لا يحب سماع الأغاني في هذا الشهر الكريم ويفضل قضاء سهراته الرمضانية في بيته رفقة زوجته وابنائه. تلك هي طقوس الفنان عبد الحميد رابية خلال شهر الصيام. منحنا ليلة من لياليه ليحدث جريدة ''الحوار'' كصائم وكمبدع . ما هي طقوس رابية الرمضانية؟ - بمناسبة الشهر الكريم أتمنى لعائلة جريدة الحوار الكريمة رمضانا مباركا. بالنسبة لي أقضي شهر رمضان كباقي الجزائريين، شخصيا لا يقلقني شهر الصيام بالعكس أشعر فيه دائما بنشاط وحيوية، من عادتي ايضا النهوض باكرا والنوم باكرا . أقوم بالتسوق احيانا لأن اغلب الامر اترك مهام التسوق لزوجتي كونها صاحبة المطبخ فهي ادرى اكثر مني ما ينقص المطبخ. وماهي الأطباق التي تفضلها في هذا الشهر الكريم؟ - انا بسيط جدا في الأكل، لست كثير الشهية وليس لدي اكلات استثنائية، احب الشوربة وقليلا من البوراك وطبقا ثانويا، عادة أبدا فطوري ب''الطاجين لحلو''وأنهيه بالطبق نفسه. وبالنسبة للسهرات الرمضانية أين تفضل قضاءها؟ - منذ بداية رمضان لم أخرج الا مرتين، في الليل مرة حضرت تكريم الفنانة القديرة سلوى بالمسرح الوطني، ومرة اخرى حضرت احدى نشاطات مؤسسة فنون وثقافة وهذا راجع الى نقص المواصلات ليلا وبما انني اسكن في بلدية الدارالبيضاء التي تبعد عن العاصمة بنحو 20كلم صعب علي التنقل ليلا رغم اني كنت ارغب حضور عروض المسرح الوطني كوني مدمنا على المسرح لكن لابأس فمعظم عروض المسرح المبرمجة لهذا الشهرالكريم سبق لي وان شاهدتها في اطار تظاهرة عاصمة الثقافة العربية، لا يوجد جديد في انتاج المسرح الخاص برمضان، لذلك اقضي معظم سهراتي الرمضانية في البيت مع زوجتي واولادي، لا أحب سماع الموسيقى في رمضان، أحب المطالعة وقراءة الكتب وانا بصدد قراءة سلسلة ثلاثة نصوص مسرحية، مسرحيتان أخرجتا على مستوى المسرح الوطني في الثمانينات لميسرو بيكبير وعمر برزوان ومسرحية جديدة سميتها ''فضيحة'' أحاول الربط بينها لاخراج سيناريو سلسلة جديدة من نوع الكوميديا تعالج قضية اجتماعية وسياسية في نفس الوقت . وماذا عن الأعمال التي شاركت بها في رمضان هذا العام؟ - شاركت في مسلسل''البذرة ''2 للمخرج محمد حازورلي، قدمت دور عمي الصالح دور ثانوي، ولي مشاركة ثانية في سلسلة ''حال واحوال''2 مع المخرج محمد صحراوي شاركت في ثلاث حلقات ستبث ابتداء من الاسبوع القادم، هي سلسلة فكاهية اجتماعية للمخرج يحيى مزاحم مثلت فيها الى جانب مجموعة من الفكاهيين. لاحظنا أن أغلب الأعمال التلفزيونية التي قدمها رابية هي أدوار ثانوية وذات طابع فكاهي بالدرجة الأولى ؟ هل سيشاهدك جمهورك يوما في دور بطولي؟ ولماذا الفكاهة بالذات؟ - ما عساني أقول، تجربتي الفنية في المسرح أو التلفزيون انا راض بها، أما بخصوص الاعمال الفكاهية ربما يرجع الامر الى شكلي الفيزيولوجي بحكم انني قصير القامة وكذا تقاسيم وجهي هي من تقحمني عادة في هذا النوع من الاعمال، فكما تعلمين يجب أن تكون ملامح الشخصية تناسب الدور الذي يؤدى. نعود إلى مسلسل ''البذرة ''2 الذي شاركت فيه، لاحظنا وباجماع آراء الجمهور أن سيناريو السلسلة الثانية فارغ في محتواه. ما تعليقك؟ - اعتقد ان المسلسل عندما يقدم لاول مرة تكون فيه خطة ما واستراتيجية وبناء درامي عقدة وحل.. المؤلف له تصوره الخاص،، وعادة نجد أن المسلسل او الفيلم لا يحتاج الى جزء ثاني او ثالث ومع ذلك يلجأ اغلب المنتجين الى سد ثغرات اجزائهم الجديدة. مسلسل البذرة2نجد الجنيريك وملخص الحلقات السابقة التي تسبق كل حلقة اطول من القصة الي تبث ربما هذا ما يجعل المشاهد يمل من متابعة احداث المسلسل. المنتجون اليوم اكثر ما يهمهم هو الربح فان كان مثلا تصوير عمله يتطلب 10 حلقات يقدمه في 25 حلقة حتى يقبض ثمن 25 حلقة بدل 10حلقات وكل هذا يكون على حساب الجودة والنوعية دائما. ما تقييمك للشبكة البرامجية الوطنية المعدة لهذا الشهر الكريم؟ - أظن انه فيه انجازات غزيرة سواء ما تعلق بالمسلسلات او السلاسل وهناك ما هو قيد الانجاز. لكن رغم كثرة الأعمال الا أن قرار حمراوي حبيب شوقي القاضي بعدم السماح للممثل الواحد المشاركة في اكثر من عمل وضع حد لهذه الغزارة؟ - في الحقيقة هذه القرار سبقنا اليه اخواننا المصريون وقوبل بالرفض حيث ندد الفنانون من وراء نقابتهم وعبروا عن رفضهم القاطع لهذا القرار. اذا كان الممثل له وقت ويتمتع بقدرات ومؤهلات فنية تمكنه من تقديم اكثر من عمل لماذا نقمعه ونحصر جهوده في عمل واحد، الفنان عادة يقتات من عمله ولا يجد امامه سوى شهر رمضان المبارك حيث تكثر الاعمال والعروض رغم انني ضد ان يحصر كثافة الانتاج في رمضان فحسب لانه يفترض بنا تقديم الاعمال طيلة السنة. ألا ترى أن قرار حمراوي هو قمع لجهود الفنان؟ - نحن نتمنى ان يراجع حمراوي نفسه وان يتراجع عن قراره هذا ويفتح باب الحرية والابداع أمام الفنانين وأن يسمح للفنان أن يبدع ويكثر في الانتاج لكن مع مراعاة الجودة طبعا. لاحظنا ظاهرة غياب المسلسلات الدينية من أجندة المنتجين الجزائريين. هل هذا يرجع برأيك إلى غياب منتجين في القيمة ام أننا لا نملك فنانين قادرين على تأدية الدور؟ - في الحقيقة استغرب من ظاهرة استيراد الافلام والمسلسلات الدينية من البلدان العربية الشقيقة رغم أننا قادرون على انتاج هذا النوع من المسلسلات، القضية ليست قضية منتجين او ممثلين ولا قضية لغة لأن اللغة التي تقدم بها هذه الاعمال هي الفصحى وقضية اللغة ليست مطروحة عندنا لأن العامية الجزائرية مصدرها اللغة العربية، القضية اذن هي قضية اجتهاد لاغير. بين المسرح والعمل التلفزيوني أين يجد رابية نفسه؟ - المسرح طبعا فهو ابو الفنون وأقدمها، السينما والتلفزيون تعتبر ظهورا جديدا أما المسرح فيعود تاريخ ظهوره الى ما قبل سيدنا عيسى عليه السلام المسرح له شهداء قدم أمثال طقوس اشيل وارطقان هم رواد المسرح وبداية المسرح العالمي، اما السينما فيتغلب عليها الجانب التقني اكثر من الجانب الأدائي والتمثيلي لان الممثل عندما يقوم باي دور نفسيته او الشخصية التي يؤديها تكون مشتتة منقطعة، لا يوجد احساس متواصل يتوقف ويعيد التصوير يكرر الجملة واللقطة، اما المسرح مسؤولية كبيرة فيه تدريبات على الشكل الايطالي حيث يجتمع الممثلون على طاولة يقوم من خلالها توزيع الادوار نصحح، نتعمق نتقمص.. وعندما يرفع الستار تلقى المسؤولية على عاتق الفنان وحده. كيف تقيم الساحة الفنية الجزائرية اليوم؟ - في اطار التغيير الذي شهدته الجزائر وامام الانعاش الجذري الذي مس مختلف القطاعات التربية العدالة... نجد ان القطاع الثقافي الوحيد الذي لم يمسه هذا التغيير فالثقافة في بلادنا بقيت جامدة راكدة وتقهقرت الى درجة سفلى. لهذا نجد بعض المسؤولين فتحوا الباب امام الخواص للانتاج الفني لكن هؤلاء لا يوجد منهم من ينتج بامواله الخاصة وانما يلجأون دائما للشراكة مع التلفزيون وهذا ليس عملا.. السينما تحتاج الى ملايير.. المشكل المطروح هنا هو اننا نعاني غياب ثقافة التمويل.. فيلم بن بولعيد ''لأحمد راشدي رصد له 23 مليار ومع ذلك نجد المخرج في كل مرة يقول إن ''الفيلم فلسني''.. نحن نتمنى ان يكون الفيلم في مستوى 23 مليار. ظاهرة اخرى عرفت طريقها الى الساحة الثقافية ببلادنا حيث اصبح كل من هب ودب يسمي نفسه مخرجا ويقبل على مهنة الاخراج، هؤلاء المخرجون ''المظليون''ان صح التعبير لا يتعاملون مع المحترفين لانهم أدرى أن أصحاب المهنة يطلبون حقهم وهذا ما لا يناسبهم، فتجدينهم يلجأون الى الشوارع بحثا عن ممثلين لاقحامهم في عملهم رغم انهم بعيدون كل البعد عن مجال الفن. تقصد بقولك المخرج نزيم قايدي الذي أقحم عدة وحوه فنية جديدة في مسلسله الجديد ''قلوب في صراع''؟ - لا، لا أقصده اطلاقا انا لست ضد ان نعطي الفرصة للشباب لكن الفرصة لن تكون على حساب الجودة. توزيع الادوار على وجوه مجهولة تنفر الجمهور من متابعة العمل لانه لم يتعود عليها لكن حبذ لو كانت استمرارية الظهور. لكن اهل المهنة باقين ومستمرين انا شخصيا لا يمكنني ان أنفصل عن الفن لان الفن يغذي فكري وعائلتي فعلا أعيش من الاجرة التي اتحصل عليها في عملي الفني وما أدراك ما الاجرة فهي لا تناسب حتى قيمة الفنان ولا إبداعه. 44 سنة فن أنا خريج معهد الفنون الدرامية ببرج الكيفان في سنة 1970 وراتبي القاعدي لا يتجاوز 13 الف دينار.. كيف نسمح للفنان الذي قضى نصف عمره في الفن ان يعيش بهذه الاجرة؟ وأعود وأؤكد انه بفضل هذه الاعمال السينمائية والتلفزيونية ''رانا شادين'' وصدقيني الكارثة ستكون أكبر في المستقبل القريب مع هؤلاء الطلاب خرجي معهد الفنون الدرامية الذين يعانون من البطاله لا توجد حتى مؤسسات تحتضنهم، لهذا نحن نطلب من الدولة ومن وزارة الثقافة ان تنشىء على الاقل معهد للفنون في كل ولاية لان معهدا واحدا على مستوى الجزائر ككل عار علينا. ما هو جديد رابية الفني ؟ - لدي بعض النصوص المسرحية المقتبسة من المسرح العالمي وهي الان على مستوى الدراسة بالمصلحة المختصة على مستوى المسرح الوطني محي الدين بشطارزي، وهي مسرحية تعالج هموم وانشغالات المجتمع الجزائري. وفضلت ان ألجأ الى التراث القديم وعملت على اسقاطه على الواقع المعيش بما يناسب مجتمعنا، لان الجمهور عندما يحضر الى المسرح يجب ان يشاهد نفسه ويسمع لغته ويرى ملابسه فوق الخشبة، فالمسرح الجزائري كان ومازال مسرحا شعبيا يخرج من الشعب الى الشعب.