شددت ليبيا من إجراءات استقبال الجزائريين الذين يقصدونها، حيث فرضت عليهم ضرائب جديدة، والتي مست أيضا الرعايا التونسيين والمصريين بسبب خوف نظام العقيد معمر القذافي الموجود في الحكم لأكثر من أربعين سنة أن تمتد موجة الاحتجاجات التي تعيشها هاته البلدان إلى طرابلس. وأفادت صحيفة القدس العربي الصادرة في لندن أنه في خطوة عكست شدة القلق الليبي من انتقال عدوى الثورات إلى البلد من جيرانه، اتخذت إدارة معمر القذافي إجراءات شديدة للتضييق على المسافرين الآتين برا من تونس والجزائر ومصر. وأوضح المصدر ذاته أن عشرات المسافرين الجزائريين الذين قصدوا ليبيا في الأيام الأخيرة من أجل السياحة أو التجارة أو لزيارة الأهل عبروا عن انزعاجهم من الضريبة التي ألزم بدفعها أصحاب السيارات والمقدرة ب150 دينارا ليبيا، أي ما يعادل 150 دولارا في السوق الموازية، إضافة إلى ضرورة استظهارهم مبلغ 700 يورو من أجل المرور من المركز الحدودي رأس الجدير الواقع بين تونس وليبيا. وأكد هؤلاء المسافرون أن الأمر لا يخص التجار فحسب، بل يشمل أيضا السياح، أو حتى الذين يقصدون ليبيا للاطلاع على أحوال أبنائهم وعائلاتهم المقيمة هناك. وأشارت الصحيفة ذاتها انه ما زاد من غضب الجزائريين، هو إعفاء نظام القذافي التونسيين مؤخرا من هذه الرسوم بعد تدخل السلطات التونسية لصالح مواطنيها، في حين بقيت هذه الإجراءات المتشددة سارية المفعول على الجزائريين، رغم وجود وعود برفعها، إلا أنها تبقى لحد الآن قولا بلا فعل. ولم يستبعد المصدر نفسه أن تدفع هذه الإجراءات بالجزائريين لاتخاذ قرار بمقاطعة الأراضي الليبية وتحويل كل تعاملاتهم التجارية إلى تونس، أو تكليف وسطاء تونسيين لجلب السلع من ليبيا، وهو الأمر الذي يكلفهم كثيرا، خاصة أن الجزائريين القاصدين ليبيا يوفرون للخزينة الليبية عشرات المليارات سنويا بفضل التعاملات الاقتصادية والبضائع المختلفة التي تدخل إلى ليبيا من عدة دول أوروبية وآسيوية وتحول إلى الأسواق الجزائرية. ونقلت الصحيفة ذاتها عن مصادر مطلعة أن كبار المسؤولين الليبيين أبدوا مخاوفهم من تعلم مواطنيهم المناخات الثورية من تونس المجاورة التي يزورها مليون وأربع مئة ألف ليبي سنويا، وهم سيُعجبون بأجواء الحرية السائدة فيها وسيعمل بعضهم على الأقل على نقلها إلى بلدهم. وأوضحت المصادر نفسها أن القيادة الليبية تلقت توجيهات من العقيد القذافي القابع في السلطة منذ أواخر ستينات القرن الماضي لدراسة إجراءات عاجلة يتم بموجبها تقديم مساعدات للأسر الليبية، إضافة لاتخاذ بعض الإجراءات الانفتاحية لكن ضمن دائرة مؤسسات أبنائه، وخاصة المؤسسة التي تحمل اسمه والتي يرأسها نجله سيف الإسلام، مخافة أن ينفلت الوضع في حال أطلقت الحريات الحقيقية. وكانت السلطات الليبية قد رفعت عام 2008 مبلغ الضمان الذي يجب أن يتوفر لدى الجزائريين الراغبين في عبور الحدود الجزائرية الشرقية نحو الأراضي الليبية من 300 يورو للفرد الواحد إلى 1000 يورو، أي من 3 ملايين سنتيم إلى 11 مليون سنتيم لكي يتخطى جزائري واحد الحدود الليبية الجزائرية، كضمان مقابل السماح له بالعبور إلى الأراضي الليبية. ومع بداية عام 2010 ، فرضت ليبيا على الجزائريين وباقي رعايا دول المغرب العربي الحصول على التأشيرة للدخول أراضيها ، إلا أنها سرعان ما ألغت هذا القرار بعد أن أبدت السلطات الجزائرية انزعاجها من هذا القرار .