لا تنقطع أعمال البر والإحسان لدى الجزائريين التي دأبوا عليها خلال رمضان بمجرد انقضائه، فالعديد من المواطنين يصرون على مضاعفتها بعده وهذا ابتداء من أول أيام العيد في صور مختلفة ابتداء من مدّ يد المساعدة للمحتاجين بمضاعفة الصدقات في مثل هذا اليوم وصولا إلى استقبال في بيوتهم بعض المرضى المتواجدين في المستشفيات لتمضية العيد معهم في جو عائلي. يعد أول أيام عيد الفطر المبارك أسعد مناسبة على قلوب المسلمين، يسعى الجميع فيها على أن يكون مسرورا مبتهجا وعلى إدخال البهجة على قلوب أحبائه وأقربائه من خلال تبادل التهاني والزيارات، فلا شيء يضاهي شعور الفرد في مثل هذه المناسبة وهو يلتقي بمن يحبهم، لكن قد تدخل عوامل خارجة عن نطاق الإنسان تمنعه من الاستمتاع بفرحة العيد كأن يكون مريضا ومتواجدا بأحد المستشفيات ما يبعده عن أهله. إفطار للصائم..فاستضافة للمريض من شيم مجتمعنا الجزائري حب الخير والتسابق على فعله، فلا يوجد تقريبا عائلة لم تستضف خلا الشهر الفضيل صائما على مائدة إفطارها أو لم تشارك في إفطار صائم بإمداده بوجبة الإفطار الكاملة مهما كان مستواها الاجتماعي، ففي هذا الشهر يسعى الفقير قبل الغني إلى مضاعفة حسناته بالإكثار من التصدق. وهناك من العائلات من تتمنى لو يكون رمضان على طول السنة لتواصل على نفس وتيرة عمل الخير إلا أن لله حكمته في خلقه ن فتلجأ هذه الأخيرة إلى البحث عن سبل أخرى لفعل الخير وكسب الأجر والثواب بعد رمضان فلا تضيع الوقت وتتوجه في الأيام القليلة منه إلى المستشفيات للاستفسار عن مرضى قدموا من ولايات أخرى لا يمكنهم تمضية العيد رفقة أهلهم لسبب أو لآخر، من أجل أن تستقبلهم في بيتها لتمضية أول أيامه معها. وبما أن الطبيب يعدّ المسؤول الأول عن سلامة الحالة الصحية لمريضه ويحرص كل الحرص على أن يتعافى بسرعة وأن تكون نتيجة العلاج ناجحة، لا يوافق بعض الأطباء على توقيع الإذن بالخروج للعديد منهم خوفا من تدهور حالتهم الصحية فال تجد العائلات التي قصدت المستشفى من أجل إحضار أحد المرضى إلى بيتها والذين يكونون في الغالب من الأطفال القادمين من ولايات الداخل ومناطق نائية من حل سوى بتقديم لهم ملابس وهدايا العيد يوم أو يومين قبل المناسبة على أن تأتي لتمضية الفترة الصباحية رفقتهم للتخفيف من وحدتهم و مآنستهم في يوم يحن فيه الفرد لرؤية جميع أهله ومشاطرتهم مشاعر الفرحة. "نادية'' تفتح بيتها للمرضى في العيد تعد السيدة ''نادية العيداني'' نموذج حي للمواطنين الجزائريين الذين لا ينسون إخوانهم المرضى المتواجدين بالمستشفيات في المناسبات السعيدة، فبحكم عملها كمساعدة اجتماعية تبقى على اتصال مباشر بالمرضى فهي تعرف أدق التفاصيل عن حياتهم عما يسعدهم ويحزنهم فتعمل على التخفيف من معاناتهم بكل ما استطاعت من جهد. في لقاء لها مع (الحوار) أكدت ''نادية'' أنها قد حولت منزلها إلى دار لاستقبال المرضى طيلة السنة فهي تساعد أولئك القادمين من ولايات الداخل بتخصيصها غرفة لهم يبيتون فيها طيلة الفترة اللازمة التي تسبق دخولهم المستشفى. أما يوم العيد فيكون الاستقبال مميزا فضيوفها غالبا يكونون من الأطفال حتى يستمتعوا رفقة ولديها باللعب والملابس الجديدة كما هو حال الطفل ''مروان'' صاحب ال 13 سنة الذي سيكون ضيف الشرف لدى عائلتها هذا العيد ، فستعمل على إدخال الفرحة على قلبه وعدم إشعاره بعجزه وضعفه الصحي فهو على وشك إجراء عملية جراحية على مستوى الفك ليتمكن من استعادة القدرة على النطق.