لم تمر الأزمة المالية العالمية التي عصفت بالسوق الدولية مرور الكرام على تجار وسماسرة العملة الصعبة في الجزائر، ففي الوقت الذي أكدت الحكومة أن الجزائر تظل في منأى عن مخاطر هذه الأزمة لفترة خمس سنوات، فإن هؤلاء التجار قد دخلوا في جو من الاضطراب والشك بإمكانية أن تطالهم الأزمة المالية الحالية وتؤول بهم إلى خسارة تجارتهم التي لم تشهد من قبل وضعا اسمه عدم الربح وغياب الفائدة، الأمر الذي دفع بهؤلاء السماسرة إلى أن يتخذوا احتياطات جديدة للمحافظة على تجارتهم الرابحة رغم ارتفاع الطلب في هذه الفترة، وذلك من خلال لجوئهم إلى طريقة بيع ''يد بيد'' كما يسمونها، أي أن السمسار منهم لا يشتري أي عملة إلا إذا كان قد ضمن مسبقا من يبيعها إليه، وهو ما لمسناه في جولة قادتنا إلى ساحة بور سعيد بالعاصمة. كل يبيع على هواه ولا استقرار في السوق أوضح لنا من التقيناهم في بور سعيد أن الأزمة المالية الحالية قد أدت إلى تفرقة سماسرة السوق وعدم اتفاقهم على سعر موحد كما كانوا يقومون به من قبل، حيث صار كل واحد منهم يبيع وفق هواه ووفق الطريقة التي تقيه شر التعرض إلى خسارة تجارية مادام قد ضمن فيه على الأقل نسبة فائدة تقارب الخمسة في المائة، حيث أشار لنا أحد السماسرة إلى أنهم كانوا متفقين قبل وقوع الأزمة المالية على أن يباع اليورو الواحد بنحو 120 د ينار، والدولار بنحو 74 إلى ,76 إلا أن هذا الاتفاق لم يصبح له وجود اليوم، يواصل محدثنا الذي أضاف أن أسعار العملة متغيرة من يوم لآخر، فبعد أن كان اليورو يبلغ 116 دينار أول أمس ارتفع أمس ليصل إلى 120 دينار، في حين الدولار قد بيع أمس ب 80 دينارا بعدما كان يباع ب 78 و79 دينارا ويشترى ب70 دينارا، في حين أن الجنيه الإسترليني يباع في حدود ,140 والدولار الكندي ب 80 دينار هو الآخر. ويبين محدثونا أن كل هذه الأسعار مخالفة لما كان من قبل سواء عند شرائها أو بيعها، حيث أن اليورو كان يباع ب 120 دينار ولم يكن ينزل تحت هذه العتبة، في حين أن الجنيه الإسترلينيني كان يصل في بعض المرات إلى 144 دينار، أما الدولاران الأمريكي والكندي فقد كانا يشتريان بمبلغ 70 دينارا ويباعان بسعر يتراوح بين 76 و78 أما الآن فهما يشتريان بهذه الأسعار الأخيرة ويباعان ب80 دينارا. لا وجود للمغامرة لتفادي أي خسارة محتملة رغم ارتفاع الطلب أكد لنا أحد تجار العملات بسوق بورسعيد أن الطلب على تغيير العملات خاصة الدولار الأمريكي قد ارتفع بعد الأزمة المالية، نظرا لأن الجميع صار يتفادى التعامل مع البنوك، إلا أن هذا كله لم يشفع ليجعل هؤلاء التجار يبددون مخاوفهم من إمكانية التعرض للخسارة، لذلك فقد أشار محدثنا إلى أنه لا احد منهم يجرؤ اليوم على شراء أي عملة، إن لم يكن قد ضمن مسبقا زبونا ما سيبيعها له، وذلك مهما كانت نوعية هذه العملة، فالعملية تتمم بيد أولى تبيع قبل أن تشتري اليد الثانية، لأن الجميع متخوف من مغامرة قد تدخله دوامة الخسارة التي لم يعرفها هؤلاء التجار ولو مرة في عملهم. متابعة كل جديد في سوق العملة العالمية بينت الجولة التي قامت بها ''الحوار'' أمس أن السماسرة يتابعون جديد البورصة العالمية أولا بأول، حيث أن الارتفاع الذي سجل اليوم بالسوق السوداء لبورسعيد تماشى مع الارتفاع الذي عرفته عملتا اليورو والجنيه أمس بالأسواق العالمية، وذلك بعد الهبوط الذي كان قد سجل أول أمس بكل من السوق العلمية والسوق الموازية لبورسعيد.