يتعرض الأطفال للكثير من الحوادث في المنزل سواء الناتجة عن إهمال أو عن سوء استعمال، ومن هذه المخاطر الغاز والكهرباء والأدوية والآلات الحادة أو الغرق أو انغلاق الأبواب والحرق والتسمم والانزلاق والسقوط. وتستقبل مستشفياتنا يوميا عددا كبيرا من الأطفال الذين وقعوا ضحية لحوادث منزلية كان من الممكن تفاديها لو تحلينا بقليل من الحيطة والحذر. يشهد يوميا قسم الاستعجالات بمستشفى زميرلي بالحراش توافد العديد من الأطفال في حالات متفاوتة الخطورة نتيجة تعرضهم إلى حوادث مختلفة. وخلال زيارتنا للمستشفى ليلا تفاجأنا بالكم الهائل من الأطفال الذين تعرضوا لحوادث كانت في مجملها منزلية، وضمت أروقة قسم الاستعجالات إصابات عديدة لأطفال منها الحرق والتسمم بمواد التنظيف، لكن ما لاحظناه أن عددا كبيرا من الأطفال الذين لم يتجاوزا الخامسة من العمر وصلوا إلى المستشفى بعد حوادث سقوط خطيرة وأغلبهم استدعت حالته المكوث في المستشفى تحت رعاية طبية مشددة. والواضح أن مستشفي زميرلي مختص في استقبال مثل هذه الحالات حيث تم تحويل العديد من الأطفال إليه من مستشفيات قريبة مثل مستشفى بلفور ومستشفى رويبة وغيرها، وقد شهدت أروقة القسم حالات من الفوضى سببتها عائلات الأطفال خاصة الأمهات اللائي بدت حالتهن النفسية أكثر سوءا من أطفالهن الذين تلقوا إصابات خطيرة نتيجة سقوطهم على الرأس مباشرة ومن أماكن مرتفعة. وقد صادفنا وصول ريما وهي طفلة تبلغ من العمر أربع سنوات تعرضت إلى حادث سقوط من شرفة المنزل، وقد هوت الطفلة حسب رواية والدها من شرفة المنزل إلى الشارع على رأسها مباشرة حين كانت بصدد التقاط لعبتها، وأكد بحزن عميق أن ابنته لم تستفق منذ ذلك الحين. وأكد الأطباء بعد معاينة الصغيرة أنها تعرضت لكسر في الجمجمة ورضوض أخرى في أنحاء متفرقة من جسمها. وخلال زيارتنا لها وجدناها في حالة أحسن من الحالة التي وصلت فيها إلى المستشفى، وذكر والدها أنها تستفيق بين الحين والآخر. وربما هي واحدة من بين عشرات الأطفال الذين يصلون إلى المستشفي يوميا نتيجة تعرضهم إلى حوادث مختلفة، ويؤكد السيد عبد العزيز ممرض بقسم الاستعجالات أن أغلب الحوادث التي يتعرض لها الأطفال تأتي حوادث السقوط في مقدمتها ثم التسمم بالمواد المختلفة خاصة مواد التنظيف، وبعدها الحروق والكسور المختلفة والحوادث التي يتسبب فيها الآخرون كحوادث السيارات. السقوط يتصدر قائمة الحوادث كثيرا ما يتعرض الأفراد داخل المنزل إلى حوادث خطيرة يكون الإهمال ونقص الحيطة سببا مباشرا في وقوعها، وأكثر الأفراد تعرضا للحوادث داخل الأسرة هم الأطفال الذين يدفعهم غالبا الفضول وحب الاكتشاف إلى تجريب كل شيء من حولهم لمعرفة مكوناته خاصة عندما ينصحهم الكبار بعدم الاقتراب، فيتشكل لديهم دافع قوي وإضافي للاقتراب من هذا الشيء، لذا كان من المفروض أن يتخذ الأولياء حيطتهم وأن يبعدوا أطفالهم قدر الإمكان عن الخطر. ومن أمثلة ذلك حالة الطفلة إكرام التي تبلغ من العمر 18 شهرا والتي وصلت إلى المستشفى بعد تناولها سائل التنظيف الذي تركته والدتها على الأرض. تقول أم إكرام إنها لم تترك ابنتها سوى للحظات لتفاجأ بتناولها سائل التنظيف ودون أن تنتظر قدوم زوجها حملت الأم ابنتها سريعا للمستشفى من باش جراح إلى زميرلي وهي الآن تحت المراقبة الطبية، وقد تحسنت حالتها قليلا. وغير بعيد عن إكرام وفي السرير المقابل كانت ترقد الطفلة ليديا التي سقطت هي الأخرى من السرير دون أن تلحظ أمها استفاقتها حتى سمعت صوتا سقوط قوي على الأرض، فوجدت ابنتها مغميا عليها وتنزف. وخلال جولتنا في مختلف الغرف وجدنا أن أغلب الإصابات كانت بسب السقوط، وقد ذكر احد الممرضين بقسم الاستعجالات انه وبسبب الرياح ليلة أول أمس تم استقبال ثلاثة أفراد من عائلة واحدة سقطوا من مكان مرتفع، فبعد أن حاول الوالد تثبيت بعض الأغراض في سلم البيت غير المغطى وبسبب سرعة الرياح حاول الأطفال مساعدته لكن الرياح القوية دفعت الأب وطفليه إلى أسفل الدرج، وقد تسبب الحادث في إصابة الأب وأطفاله بكسور مختلفة. ومن خلال هذه القصص والحوادث المؤسفة تبقى الحيطة والحذر أهم ما يجب أن يتحلى به الأولياء وجميع أفراد العائلة لحماية الأطفال وإبعادهم عن الأخطار المنزلية المختلفة.