لماذا تصر الجزائر على رفض فتح الحدود البرية مع المملكة المغربية؟ وهل حقيقة أن إعادة فتحها هو في فائدة الدولتين والشعبين كما يسوقه الملك المغربي محمد السادس، ومن قبله كل حكومات الفاسي وجطو وغيرهم الذين توالوا على حكم الشعب الفقير، الذي أكد الكثير رغبة ملكه في تحويل أنظاره عن السياسات الفاشلة والعجز عن القضاء على زرع الحشيش الذي يبقى المغرب الأول رفقة أفغانستان في زرعه وتلفيفه وتصديره لدول العالم عبر شبكات المخدرات، والذي تحول إلى عائدات وسيولة استخدمت في كثير من الأحيان لدعم الجماعات الإرهابية التي استوطنت في الجهة الغربية ووجدت المآوى هناك والقاعدة الخلفية لبدء النشاط الإجرامي كما فعلت في مجزرة بني ونيف في الجنوب الغربي من ولاية بشار، هذه الأسئلة وغيرها حاولت ''الحوار'' الإجابة عليها في خرجة الاستطلاع التي قادتها إلى بعض بلديات وعواصم الغرب الجزائريكتلمسانووهران. - خرجة ''الحوار'' جاءت بنتيجة مفادها أن حقيقة رفض الجزائر لفتح حدودها مع المملكة المغربية ليس موقف هرم القيادة السياسية في البلاد فقط، لكنه يتعدى ذلك، وبكثير، فقد توحدت مواقف مجمع العينات التي التقتها ''الحوار'' أن إعادة فتح الحدود البرية مع المغرب يعد تفقيرا حقيقيا لهم ولأسرهم التي بالكاد تحصل على القوت اليومي في زمن ارتفاع كل شيء، وهي الآراء التي أخذناها من مجموعة من العينات، مستشهدا بعضهم في الشريط الحدودي لولاية تلمسان أن الخبز كمادة أساسية في طاولة الجزائري، كان الكل يتعب للحصول عليه نظرا لتهريبه نحو المغرب. سائقو سيارات ما بين الولايات.. ''لا نريد فتح الحدود'' كانت المسافة التي قطعناها بين العاصمة التي تركناها يوم الإثنين مساء على الساعة 17,00 من محطةالخروبة إلى وهران وعلى مسافة 450 كلم، حيث وصلنا إلى هناك في حدود الساعة 23,35 نتيجة ازدحام الطريق، كانت مهمة لمعرفة آراء أشخاص رافقونا في تلك الرحلة، زيادة على ''قائد الجوق'' أو شيفور الطاكسي ''عمي قادة'' هذا الأخير اعترف بجانب إيجابي وحيد في فتح تلك الحدود وهي الربح الذي سيجنيه أصحاب سيارات الأجرة ما بين الولايات من تنامي الرحلات وتقليص زمن الانتظار، سواء في محطة الخروبة التي أصبحت موقف السيارات الجديد عوض ''ساحة بورسعيد، سكوار'' أو في محطة ''قاستول'' بوهران ومن هناك إلى مغنية وزوية، أما غير ذلك ففتحها هو خطر على اقتصاد البلد، وحتى مع هذا الربح الذي يحسب، أكد محدثنا وأمام مرافقينا في الرحلة أن ''يدي موضوعة كل ثانية على قلبي'' عند كل ''حاجز'' للدرك الوطني أو الشرطة لأنه لا فواتير عند تجار الشنط والذين يأخذون وقتا كبيرا في تعرضهم للتفتيش، وهذا ما يؤخر رحلة السير، ليضيف أن المصيبة قد تتعقد ''لا سمح الله'' مع وجود الممنوعات... ومن ورائنا بحكم أننا كنا نجلس في المقعد الأمامي رفقة السائق ''عمي قادة'' يؤكد مسافر معنا في تلك الجولة أن ''لا ناس تلمسان، ولا الوهرانة، ولا أي ولاية أخرى لم تضرر من النهب أو التهريب إلى المغرب، فالتمور من بسكرة وغيرها والبلاط والحديد والدقيق من سطيف، والإسمنت من سور الغزلان والعاصمة والسميد وحتى ما يزرع في الأرض المغربية كالمندرين والحوامض التي يشتهر المغرب بتصديرها''. ومع وصولنا إلى وهران وبالضبط إلى محطة ''قاستول'' هناك كانت الساعة تشير إلى 23:03، ومع النزول مباشرة التفت علينا شلة من الشباب والكهول من أصحاب سيارات ''الكلوندستان'' تنادي على وجهات مختلفة من جهات وهران، اتفقنا مع الشاب ''هواري'' الذي أوصلنا إلى أحد فنادق ''المدينةالجديدة'' والتي لم تكن جديدة في الحقيقة كاسمها فهي تحوي عددا كبيرا من أحياء وهران من الفترة الاستعمارية وهي وجهة مفضلة للتسوق وموقع مهم في الباهية مثلها مثل ساحة السلاح أو مايصطلح عليها بالفرنسية ب''بلاص دارم'' وطريق البحر ''فروندمار'' أو واجهة البحر التي تطل على منظر وهران الرائع وعماراتها البيضاء التي تذكرك ببلاوي الهواري والشاب حسني وخالد وغيرهم من ملوك الراي الجزائري. فنادق وهران مملوءة بالأفارقة السود، تجارة جديدة يستفيد منها المغرب أول ما كنا قد لمحناه في قاعة الاستقبال لأحد فنادق المدينةالجديدةبوهران هو كثافة معتبرة لرعايا من جنسيات إفريقية، كانوا يتبادلون الحديث أمام شاشة التلفزيون بتلك القاعة في ليلة باردة من ليالي وهران، والتي أكد فيها صاحب سيارة الكلونديستان أن ظواهر الإجرام والتعدي في تنام دائم ومتزايد، في ظل ظهور الهجرة غير الشرعية للأفارقة التي يستفيد منها المغرب في جني الإعانات الدولية لترحيلهم، ومع علمنا بالاتجاه نحو تلمسان في منتصف نهار اليوم الموالي حاولنا جمع أكبر معلومات في أقصر وقت، فبعد وضع الأمتعة في الغرفة تبادلنا الحديث مع أحد العمال هناك عن فتح الحدود بالرغم من أنه كان يظن بأننا تجار شنطة، فقد كان رده أن الدخل على أصحاب الفنادق قد يزيد، لكن هناك منطق ربح وخسارة واستنتج أن الخسارة أكثر بكثير لاقتصاد البلاد، لاسيما مع إغراقنا في المخدرات المغربية التي أحيانا يلقى القبض على ضحاياها والمتاجرين بها في قلب هذه الفنادق التي تتحول إلى مأوى لهم في طريقهم للمغرب، الحدود، أو للعودة إلى ديارهم، ونحن - يضيف - نستقبل كل العينات سواء الصالح أو الطالح دون علمنا لأنه فندق مفتوح على الكل لكنه أكد أن الخسارة أعظم وبكثير على فنادق وجدة، الناظور والسعيدية وغيرها في المغرب، والتي أكد الرجل أنها ازدانت في الكثير من المرات بالطلاء الجديد استعدادا لفتح الحدود، لكن هذا لم يحدث. الحوار تتجه لتلمسان لتكشف أزمة محطات البنزين بعد قضاء ليلة بوهران وأكثر من 8 ساعات في التجوال والتحقيق في مسائل أخرى بالباهية زرنا فيها أكثر من مكان انتقلنا مع قرابة الساعة 00: 17 صوب عاصمة الزيانيين تلمسان والتي وصلناها في حدود 00:19 بعد توقف في مدينة الرمشي، تلمسان دخلناها وكانت تعج بالحركية، لكننا تركنا كل ذلك الزخم والصخب لنصل إلى هدف يتمثل في محطات البنزين، فعلى أمتار من مدخل المدينة أو مخرجها باتجاه وهران بحكم أننا كنا متجهين بعدها إلى طريق مغنية، والزوية واجهنا الازدحام مع صاحب سيارة من نوع رينو 25 وجدنا الكثير منها في المحطة، بالإضافة إلى سيارات من نوع ''باسات فولسفاكن الألمانية'' من فئة سنوات ال,90 ولما سألنا الرجل الذي آثر عدم ذكر اسمه، أكد أنه نتيجة لسعة خزانها الذي يمتلئ بالوقود من كافة الأنواع ليعاد بيعه في وجدة المغربية، وسألنا عن الربح الذي يتقاضاه المهرب ليؤكد أنه يتراوح بين 1000 و1600 دينار عن كل عملية تهريب وهو ما يوفر له راتب يتجاوز 30 ألف دينار شهريا، لكنه في المقابل شدد على أنها مأساة حقيقية محفوفة بالمخاطر، مشيرا بالعامية ''أنها مراهاش معيشة'' ولما سألنا عن الحل بنظره دعا الرجل لبناء مصانع كبيرة يمكن لها لم شمل المئات بل الآلاف من الشباب على المناطق الحدودية، وهي الرسالة التي أكد أنه يتمنى بعثها للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، مشيرا أنه يعرف المنطقة فهو ابنها ويعرفها أكثر من أي واحد من المسؤولين الآخرين. ومن هناك وبعد جولة قضينا فيها ساعات، نزلنا بواحدة من كبريات القرى على المستوى الوطني، قرية سيدي بنوار والتي تقع على بعد أقل من 40 كلم من مدينة وجدة المغربية، هناك حيث قضينا الليلة تبادلنا أطراف الحديث مع واحد من أبناء المنطقة، طرحنا عليه السؤال الكلاسيكي الذي جلبنا من قلب العاصمة إلى مقربة من الشريط الحدودي لولاية تلمسان، حيث تقع نقطة زوج أبغال ومركز العقيد لطفي، حول ما إذا كان مع فتح الحدود المغربية أو الإبقاء على غلقها، فبقدر ما كانت الإجابة واضحة وسهلة في الأول، بأنه ينضم للموقف الداعي لعدم فتحها أجاب على أسئلتنا التي حاولنا أن نوظف فيها أو أن نستند للحجج المغربية لاسيما في مثل فضاء دول شنغن والمنطق والواقع الاتحادي في أوروبا الذي يتيح للمواطن وللمقيم وحتى الزائر الانتقال بين الدول الأوروبية دون حواجز، كما طرحنا ما سوقه المغاربة من أن فتح الحدود يتصل بموقف الاحتلال المغربي للصحراء الغربية، حيث كانت الإجابة أن الكل يتطلع إلى فضاء على الشاكلة الأوروبية، لكنهم استدركوا أن الأوروبيين لا يسوقون لبعضهم المخدرات وتجارة القنابل والسلاح لتقتيل الأطفال كما أكد متحدث معنا من تلك الأسرة، أن الكل يتعاطف ويساند مطالب الشعب الصحراوي الأعزل في نضاله لنيل الاستقلال، لكنه أكد أيضا أن لقمة العيش أصبحت لا تصلهم عندما كانت الحدود مفتوحة، مستشهدا أنهم كانوا يقطعون أكثر من 15 كلم لبلدية الرمشي أو 25 كلم للوصول إلى تلمسان من أجل شراء بضع خبزات، ومن هذه الجولة تركنا تلمسان وبلدية الرمشي ومغنية وغيرها وعدنا إلى وهران ومنها إلى العاصمة بنفس النتائج السابق ذكرها في الاستطلاع، والقاضية بأن مطلب فتح الحدود الذي يطبل له المغرب وقت ما يشاء ويود إغلاقها وطرد الجزائريين متى يشاء كما فعل في العام ,1994 لم يعد ولم يكن أصلا مطلبا رسميا للمسؤولين بسبب التعنت المغربي في عدم دراسة المسائل بصفة شاملة مثلما أوضحه ذات مرة المكلف بالإعلام في حزب جبهة التحرير سعيد بوحجة وغيره من المسؤولين في الأحزاب والمنظمات الجماهيرية، لكنه أصبح مطلبا شعبيا إلى غاية اجتثاث كل المسببات والتي في كثير من الأحيان قضت على آمال الكثير من الشباب الجزائري وأوصلتهم إلى السجون وعالم المتاهة مشتتة بذلك الأسر، بالإضافة إلى تجارة السلاح ودعم الإرهاب والإرهابيين والوقوف والتعنت في وجه استقلال الشعب الصحراوي الذي ما يزال يحكم بالنار والحديد.