ظلت أسعار الماشية الى غاية أمس تلامس مستويات قياسية رغم توفر رؤوس الأغنام بكل الأسواق ونقاط البيع، نظرا لعزوف الموالين على البيع أمام إقبال المواطنين على الشراء. وشهد سعر الكبش قبل يوم من حلول عيد الأضحى تطورات جديدة لم تعرفها حتى أكبر البورصات والأسواق العالمية، ما دام العرض متوفر بكميات كبيرة والطلب متعاظم في هذه الوقت تحديد. وفي جولة استطلاعية بأسواق الماشية لمدينة بودواو وخميس الخشنة بولاية بومرداس ومنطقتي الأربعاء ومفتاح الواقعتين في الشمال الغربي للبليدة، لاحظنا حركية غير مسبوقة للمواطنين المتخلفين عن الشراء، إذ تراوحت أسعار الخروف ما بين 19 و 24 ألف دينار، أما الكبش ابتداء من 27 إلى 45 ألف دينار للخروف بارتفاع قدره 20 في المائة، بعدما كانت في أسعار معقولة نوعا ما في الأيام الماضية فقط. وأكد المواطنون على حد قولهم أن الموالين وجدوا الفرصة السانحة لفرض منطقهم برفع ثمن كبش العيد لتدارك الخسائر الفادحة المسجلة في الأعوام الفارطة، التي شهدت هلاك آلاف روؤس الماشية بسبب القحط والجفاف بالموازة مع غلاء الأعلاف والشعير والنخالة، فضلا عن خسائر الفيضانات الأخيرة التي عانت منها الولايات الحدودية والصحراوية على رأسها بشار وتلمسان وغرداية، إلى جانب انتشار الأمراض المعدية والطاعون بصفة خاصة رغم تأهب فرق البياطرة، ناهيك عن ظاهرة التهريب إلى المغرب وتونس الأمر الذي ولد ندرة محلية مؤقتة وزاد من هاجس الطلب على الخرفان الموجهة للذبح. حيث سمحت الزخات الأولى من المطر في موسم الخريف بتجدد الغطاء النباتي والكلاء بالمراعي، الأمر الذي دفع بالموالين إلى تأجيل بيع رؤوس الماشية وهذا ما يعرف بالقانون الاقتصادي للموالين وهو ما خلق نوعا من التوازن في السوق، حيث يكبح العرض ويوازيه مع الطلب بل وقد يرتفع هذا الأخير في مثل المواسم الدينية لاسيما الأعياد ورمضان، والقاضي بأنه عندما تتوفر المراعي والأعلاف يرتفع سعر اللحوم الحمراء وعندما تشح ينخفض السعر. كلها عوامل أدت إلى نمو أسعار الغنم في بورصة الأسواق الداخلية بالولايات السهبية والهضاب، المعروفة بنشاط تربية المواشي وتموين باقي ولايات الوطن. وأكد أغلب الموالين أنهم مستعدون لإرجاع ماشيتهم إلى موطنها الأصلي لاستكمال تربيتها وغير مجبرين على التخلص منها بأسعار متدنية، خاصة وأن الموسم جيد وجميع الإمكانيات والوسائل أصبحت متوفرة وفي المتناول بعد تلقي الدعم من قبل الحكومة على أسعار الشعير والعلف، وكذا مباشرة ديوان أغذية الدواجن والأنعام سلسلة من التخفيضات على منتجاته. وأضاف محدثون أن الموالين الموسميين باتوا أكثر خطرا من السابق لاغتنامهم المناسبة الدينية للمضاربة في أسعار كباش العيد واللحوم بمختلف أنواعها، مما انعكس سلبا ومباشرة على القدرة الشرائية للمواطن البسيط. وأمام تفاقم الأوضاع بعيدا عن أعين أعوان الرقابة لوزارة الهاشمي جعبوب، التي ترى أن قانون المنافسة يسمح باحتكار أقل من 45 في المائة من حصة السوق، يدفع المواطن البسيط ضريبة أداء شعيرة الخليل ابراهيم عليه السلام في سبيل ثبات الأجر.