سجلت النقابات المستقلة لقطاع التربية والتعليم العالي والصحة خلال سنة 2008 حضورا قويا، وشقت عصا الطاعة، باحتجاجات وإضرابات عن العمل وعن الطعام وبرسائل وجهت للسلطات المعنية، تلح على ضرورة تحسين الوضع الاجتماعي والمهني والتعجيل في فتح مفاوضات نظام التعويضات إلى جانب الرفع من قيمة النقطة الاستدلالية. شابهت سنة 2008 كثيرا سنة ,2007 في أحداثها المتعلقة بتحركات الجبهة الاجتماعية، وقد شهدت سلسلة من الاحتجاجات قادها نقابيون منضوون تحت لواء تنظيمات مستقلة تدعو السلطات العمومية إلى ضرورة النزول عند مطالبهم المهنية والاجتماعية وفي مقدمتها المباشرة في فتح مفاوضات نظام التعويضات. وكان لسياسة الصمت المطبق من طرف الجهات المعنية إزاء التحركات العمالية القطرة التي أفاضت الكأس والتي زادت من شحنة التصعيد في الاحتجاجات على اعتبارهم شريكا اجتماعيا من حقه اقتسام طاولة المفاوضات المتعلقة بكل قضاياهم. وأكد النقابيون أن سياسة التزام الصمت المتبعة من طرف الجهات المسؤولة حيال انشغالاتهم إلى جانب حظر تنظيم التجمعات، هو ما جعلهم يلتزمون مواقفهم. وأبعد من ذلك فإن ما يراه النقابيون عدم التفاتة السلطات إلى مطالبهم هو ما دفعهم للتصعيد في الحركات الاحتجاجية وجعلهم يتمسكون أكثر بهذا الخيار كوسيلة قد تساعدهم على تحقيق مطالبهم، ملفتين إلى ضرورة أن تعيد السلطات العمومية النظر في الكيفية التي من شأنها أن تذلل صعوبات التفاهم مع القاعدة العمالية وتذيب الجليد بين الطرفين. واستهل النقابيون سنة 2008 بإضراب وطني كان يوم 15 جانفي على مستوى قطاع التربية والصحة والتعليم العالي، جددوا من خلاله مطالبهم بضرورة التعجيل في مفاوضات نظام التعويضات و كذا العمل على وضع إستراتيجية وطنية لحماية القدرة الشرائية واقترح الكناس على المعنيين بتحديد قيمة النقطة الاستدلالية بحسب قيمة التضخم. ومع أن الإضراب لقي استجابة واسعة تجاوزت ال 85 بالمئة إلا أن الجهات الوصية لم تكن في مستوى الحركة حسب ما يراه العمال المعنيون. شهر ونصف بعد هذه الحركة الاحتجاجية عاود عمال قطاع التربية شن إضراب جديد دام ثلاثة أيام جددوا أيضا انشغالاتهم بضرورة أن تعيد الجهات الوصية النظر في أجر الأستاذ والمعلم، وأن تعجل في مفاوضات نظام التعويضات وقد فاقت استجابة القاعدة العمالية لهذا الاحتجاج ال 90 بالمئة، وكان مصيرها نفس مصير سابقتها. وتكرر الإضراب في شهر نوفمبر الفارط لمدة ثلاثة أيام و في الشهر الجاري دام أسبوعا كاملا، من طرف عمال الصحة، وقد قيد استجابة كبيرة فاقت ال 85 بالمئة، مع هذا وصف باللاحدث، ولعل هذا ما دفع بنقابات الصحة إلى التصعيد من لهجتها وتوعدها باستهلال العام الجديد بإضراب مفتوح. ويرى النقابيون أن غلق باب الحركات الاحتجاجية وتخليهم عن هذه الوسيلة لن يكون إلا بنزول الجهات الوصية عند مطالبهم، مؤكدين أن السنة المقبلة لن تختلف عن السنة 2008 مالم تعجل الجهات الوصية في فتح مفاوضات نظام التعويضات، ولم تتطلع لبناء إستراتيجية وطنية لحماية القدرة الشرائية.