لجأت بعض الوكالات السياحية إلى نشر إعلانات في الصحف الوطنية تعلن من خلالها عن برنامج لأداء العمرة لمن يهمه الأمر من الجزائريين . إلى هنا الخبر عادي وقضية تجارية تقوم بها مثل هذه الوكالات السياحية من أجل كسب الزبون وتحقيق الربح المطلوب. لكن غير العادي أن هذه الوكالات ذكرت في إعلانها الإشهاري أنها تفتح باب أداء العمرة ب '' التقسيط '' أمام المواطنين ، وهو ما يعد قفزة نوعية في مجال الإفتاء لم تصل إليه إلى حد الآن لا وزارة غلام الله ولا المجلس الإسلامي الأعلى ولا حتى الديوان الوطني للحج والعمرة . وقد يكون مثل هذا السلوك قد أملته الصعوبات المالية التي تواجهها الوكالات السياحية بفعل الكساد الذي تمر به السوق السياحية في العالم برمته وليس في الجزائر فحسب، أو دفع إليه الجشع لدى بعض من هذه الوكالات التي تريد الربح ولا تهم الوسيلة المستعملة في سبيل ذلك، حتى وإن كانت تتعارض كلية مع تعاليم الدين التي جعلت الحج والعمرة لمن '' استطاع إليه سبيلا '' وليس لمن يعاني من الفاقة . وبمجرد أن تعرض هذه الوكالات '' التقسيط '' في أداء العمرة ، فهو يعني أنها تتوجه إلى الفئات الميسورة أو الفقيرة التي لا تملك الميزانية المطلوبة لأداء هذا الركن ، وبالتالي فهو يعد في حد ذاته محاولة لتوريطهم في الدين قد لا يستطيعون تسديده أو يكون دفعه على حساب احتياجات العائلة والأبناء . نقول هذا الكلام لأن الأخبار تشير إلى وجود آلاف العائلات الجزائرية في مواجهة دعاوي قضائية بسبب عدم قدرتها على تسديد قرض استهلاكي نظير شرائها بالتقسيط أجهزة كهرومنزلية أو أثاث منزلي أو حتى قروض لشراء السيارات . فإذا كان الدين الإسلامي في كل فروضه وواجباته قد أقر بأنه دين يسر وليس عسرا، وجعل فريضة الحج والعمرة مقصورة على من يملك القدرة والمقدرة لأدائهما ورفعت عن بقية البشر الآخرين ، فكيف يستعمل الدين لأغراض تجارية بمثل هذه البساطة والاستخفاف في بلد فيه أكثر من هيئة للإفتاء ؟ . كنت أتمنى لو أن هذه الوكالات السياحية التي شفها حال تدهور القدرة الشرائية للجزائريين واقترحت أداء العمرة بواسطة '' التقسيط '' ، أن تعمل جاهدة في إبرامها للصفقات لتفتك أفضل الأسعار بالمملكة العربية السعودية ، حتى لا تزداد تكلفة الحج والعمرة بسبب أو بدونه كل سنة ، ولها في ذلك ألف حسنة ، أما خارج هذا السياق فهو مجرد '' بزنسة '' ليس إلا .