تتواصل في العاصمة البوركينابية المفاوضات غير المباشرة بين الحكومة المالية وأربع حركات أزوادية مسلحة هي حركة تحرير أزواد والمجلس الأعلى من أجل وحدة أزواد المسيطران على مدينة كيدال بأقصى الشمال المالي، والحركة العربية الأزوادية التي لها وجود عسكري في المناطق المالية الحدودية الأخرى، ومليشيات الغوندا كوي المؤلفة أساسا من عرقية السونغاي والمناهضة للعرب والطوارق والموجودة بمناطق الشمال المالي التي تسيطر عليها الحكومة المالية. وبحسب مصادر من داخل الاجتماع فإن المفاوضات تركزت خلال اليومين الماضيين على الاتصالات التي يقوم بها الوسيط البوركينابي والأطراف الإقليمية والدولية الحاضرة للمفاوضات مع كل طرف على حدة، وغابت حتى الآن الجلسات المباشرة، حيث لم تعقد أي جولة مباشرة من المفاوضات ولم تلتق الأطراف المشاركة في الحوار تحت سقف واحد بعد جلسة الافتتاح السبت الماضي. وتنحصر مفاوضات واغادوغو على الإجراءات والضمانات اللازمة لسير وتنظيم الانتخابات الرئاسية أواخر الشهر القادم وخصوصا في مناطق الشمال، ومصير مدينة كيدال التي لا تزال خارج السيطرة المالية رغم مضي أشهر على طرد حركة أنصار الدين وحلفائها في تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي منها. وسيتأجل نقاش مستقبل الإقليم الأزوادي وما يتعلق بذلك من حيثيات وتداعيات إلى ما بعد انتخاب رئيس شرعي، وتشكيل حكومة تحظى بصفتي الشرعية والاستمرارية، إذ إن السلطات القائمة في مالي منذ انقلاب العام الماضي سلطات انتقالية وغير منتخبة. وقال الناطق باسم الحركة العربية الأزوادية محمد مولود رمضان من العاصمة البوركينابية واغادوغو إن وفد المجموعة العربية التقى بالرئيس البوركينابي في جلسة خاصة ثم التقي بعد ذلك في جلسة أخرى مع وزير الخارجية البوركينابي بحضور ممثلين عن الأممالمتحدة والاتحادين الأوروبي والأفريقي وفرنسا وسويسرا وموريتانيا. وأضاف أنهم قدموا للجميع رؤيتهم لحل الأزمة في مالي، وأطلعوهم أيضا على خريطة توزع قوات الحركة العربية الأزوادية المنتشرة قرب الحدود. ونفى ما يتردد عن رفض المجلس الأعلى من أجل وحدة أزواد إشراك الحركة العربية في مفاوضات واغادوغو، في حين أكد أن رفض الحركة الوطنية لتحرير أزواد مشاركتهم في أي مفاوضات بشأن الوضع في الشمال أمر متوقع جدا بسبب الحرب القائمة حاليا بينهم وبين هذه الحركة الطوارقية. وكانت مصادر متعددة قد أكدت أن حركة تحرير أزواد والمجلس الأعلى رفضا إشراك الحركة العربية الأزوادية ومليشيات الغوندا كوي في أي مفاوضات تجرى مع الحكومة المالية، تحت طائلة التهديد بالانسحاب وإفشال المفاوضات، واشتبكت الحركتان العربية وتحرير أزواد عدة مرات خلال الشهور الماضية، وأدت المعارك بينهما لسقوط عدد من القتلى والجرحى في صفوف الطرفين. ويقول ولد رمضان في حديث له إن من المقرر اختتام المفاوضات بجلسة يحضرها جميع الأطراف المشاركة في الحوار أمس، ولكن لا يعلم على وجه اليقين ما إذا كانت الأجواء قد نضجت بما فيه الكفاية لعقد هذه الجلسة وختم أول وأهم جولة مفاوضات تجمع كل الأطراف الأزوادية منذ بدء الأزمة في بداية العام الماضي. ورغم عدم وضوح الصورة بشكل يسمح بتوقع نتائج هذه المفاوضات فإنه أكد أن جميع الحركات الأزوادية باتت مقتنعة بأهمية السماح بتنظيم الانتخابات بالمناطق الأزوادية. وكان رئيس بروكينا فاسو، الوسيط في الأزمة المالية، قد اقترح في مستهل هذه المفاوضات على الجانبين وقف الأعمال العسكرية لضمان تنظيم انتخابات رئاسية حرة وشفافة.