أصبح "الزوالي" صغيرا كان آو كبيرا في المجتمع الجزائري يعيش بين خيارين لا ثالث لهما، إما الموت تحت أقدام الأثرياء أو بمخالب الفقر وقد أكدت التقارير المتتالية للمنظمات الدولية على الارتفاع المذهل لعدد الفقراء بالجزائر الذي قد يؤدي إلى انقسام المجتمع إلى طبقات و إلى انتشار الجريمة بمختلف أنواعها و بروز اتجاهات مختلفة من الانحرافات الأخلاقية يكون أبطالها أطفال مازالت اثأر البراءة معلقة في وجوههم ،فتحت ضغط الحاجة و احراجات الفقر والرغبة تقع هذه الفئة بين مخالب الضياع . عادة ما يكون المرء مجبرا على ارتكاب أفعال تحط من كرامته، حيث لا سبيل لصيانتها بسبب الفقر الذي يدفع بالبعض منهم إلى التسول و الانحراف و السرقة والإجرام، وقد تصل بهم الحاجة إلى البحث في المزابل العمومية وما يرمى في الأسواق لسد جوعهم و ضمان العيش ليوم آخر،هي ظاهرة شدت انتباه "الاتحاد" و قامت باستطلاع بعض الحالات منهم. براءة معلقة بين السماء و الأرض "فراشهم الأرض وغطائهم السماء و بيتهم هو الشارع.."،هم أطفال دفعتهم الظروف إلى الابتعاد عن العائلة للبحث عن الأمان و لقمة العيش ،يتنقلون بين أحياء العاصمة نهارا و يسكنون زوايا الشوارع ليلا ،لا يبالون بحر الصيف و لا قر الشتاء، "سمير" البالغ من العمر الخامسة عشر كان من بين هؤلاء ،و علامات الفقر بادية على وجهه الشاحب يتخذ له زاوية في إحدى شوارع العاصمة يطلق نظراته بعيدا غير آبه بنظرات المارة إليه و كان يرتدي ثيابا بالية على جسمه النحيف،اقتربت منه "الاتحاد" و لكنه تردد في الأول و بعد دردشة قصيرة بدا يسرد قصته التي بدأت معاناته منذ وفاة والدته بسبب سقوطها في بئر من الماء،قال انه كان متعلقا كثيرا بها و لم يتصور العيش يوما بدونها،خاصة بعد أن فقد والده عندما كان يبلغ من العمر ست سنوات ،تنهد و استطرد في حديثه انه لم ينفعه لا عم و لا خال ينفق عليه بل وجد نفسه وحيدا لا حول و لا قوة به،هنا بدأت حكايته مع الشارع و أصبح عنده أصدقاؤه يختلفون عنه في السن و لكن قاسمهم المشترك هو الفقر المدقع و حضن الشارع القاسي،و ليس بعيدا منه دلنا على زميله "فريد" الذي بدا حديثه ب"صدق من قال لو كان الفقر رجلا لقتلته،مضيفا أن من لم يعش الفقر لن يحس به و انه وصلت به الحال أن وجبته الغذائية يتحصل عليها من بقايا المأكولات التي يرميها "الأثرياء الذين لا يكترثون بحالتنا المزرية". سليم..يمتص حزنه من بقايا السجائر قصة "سليم" لا تختلف كثيرا عن هؤلاء الأطفال الذين يعانون من شبح الفقر، هو طفل بالغ من العمر 18 سنة يتردد دائما إلى محطات الحافلات و يستعين ببقايا السجائر التي يرميها المارة لكي يتناسى معاناته مع الفقر الذي كان عنوانا لحياته التعيسة،بدا مشوار البحث عن الطعام بالتسول عندما كان صغيرا و لكن رغبته في الحصول على عمل قار لم تتجسد ،ما دفعه إلى البحث عن البقايا و ما يخلفه أنداده من أبناء الأسر الغنية في الإحياء الجزائرية. و للفقر أثاره النفسي على الأطفال