يتقبل المجتمع إلى حد ما فكرة أن يضرب الزوج زوجته أو يؤدبها خاصة و أن الرجل هو ذلك الذي يتميز عن المرأة بالقوة و القوامة و العصمة ما جعله عاديا و مألوفا بين أفراد المجتمع الجزائري، و الغير المألوف هو أن تكون المرأة و التي تعرف بالحلقة الأضعف في العلاقة الزوجية و المعروفة خاصة برقتها و عاطفيتها سببا في هذا العنف ضد زوجها الذي تعيش تحت كنفه،فهناك من يصل بهن الأمر إلى التعدي على أزواجهم لفظيا و حتى جسديا،في البيوت و أحيانا أمام الملأ في الشوارع و الأماكن العمومية. ضرب النساء لأزواجهن من أخطر أنواع العنف الذي تغلغل في العائلات الجزائرية،و يعد من بين الظواهر الخطيرة و الدخيلة على المجتمع الجزائري الذي يعرف بالمجتمع المحافظ،فالكثير من الأزواج يعانون العنف من قبل أزواجهن في الآونة الأخيرة،لذلك ارتأت جريدة "الاتحاد" أن تسلط عليها الضوء و تضعه على طاولة مختصين اجتماعيين و نفسانيين للبحث عن أسباب و دوافع الظاهرة التي بدأت في التفاقم في السنوات الأخيرة،كما قامت باستطلاع بعض آراء المواطنين في أحد شوارع العاصمة. ..تضربه كي تطفئ غليل غضبها كثيرات هن النساء اللاتي حولتهن الظروف الاجتماعية القاسية إلى زوجات عنيفات، فيصبّون كل غضبهن على أزواجهن فمنهم من يتحمل تمردهن و البقاء تحت سيطرتهن و آخرون يجدون في الطلاق سبيل للهروب من عنفوانهم ،"هو اللي خلاني نتنرفا بزاف..""كي يدخل عليا أو هو سكران ميتنحاليش الزعاف حتى نضربو..هي تصريحات "أم ياسين" من الدرارية، التي دفعتها سلوكيات زوجها المنحرفة و استفزازه و عجزه عن إيجاد حلول لمشاكلها في حديث لها مع جريدة "الاتحاد" إلى فقدان أعصابها في كل مرة و من ثم القيام بضربه ،حتى أصبح الضرب سلوك طبع فيها بعد أن كانت لا تستطيع أن ترفع صوتها في وجهه في سنواتها الأولى من الزواج،و لكنها تحملت الكثير من ضغوطات زوجها و طفح كيله،و تضيف أنها عندما يدخل عليها و هو في حالة سكر و في ساعات متأخرة من الليل يجن جنونها فكانت تشتمه و تسبه و رغم ذلك زاد في تمرده و تصرفاته الطائشة فغيرت معه أسلوبها من الشتم و السب إلى الضرب لكي تطفي غليل غضبها. ..و لأنه فقير تعددت صور الضرب و العنف الذي أصبح يمس الجنس اللطيف في حين تباينت دوافع تفاقمه، فالزوجة "سعيدة" من القبة لم تتعارف بين جيرانها بمستواها الثقافي و العلمي و لا لرفاهيتها بل بالإقدام على ضرب زوجها يوميا ،حيث تقوم بإهانته لأتفه الأسباب حتى أمام الملأ و الناس،لا لأنه سكير أو منحرف أو ارتكب خطأ فادحا بل لأنه فقير، في حين هي صاحبة مال كونها تعمل كطبيبة أسنان بعيادة خاصة و ملكة البيت الذي يؤويهم،فعلى حسب قول جيرانها أنه لا يكاد يمر يوم عليهم ولا يسمعون فيه صراخها،ناهيك عن احتقارها لزوجها المسكين و أهانتها له،حتى أصبح ينبذها أصحاب الحي و يستنكرون تعجرفها و تمرداتها،"سمحيلي تعيط عليه بلاك نقبلوها مي تضربو عيب.. "لوكا نجيت في بلاصتو نطلقها في نهارها منحملش.."نموت راجل أومانمتش فالذّل،بزاف عليه مسكين..". و للجنس الخشن رأي أجمع معظم المواطنين الذين التقت بهم جريدة "الاتحاد" سواء كانوا أزواجا أو عزابا أن ضرب المرأة لزوجها يعد سلوكا غير حضاريا و يحط من قيمتها كامرأة التي يفترض أن تكون مثلا لأولادها في الأخلاق و التربية لا مسببة في تفكك عائلتها،فتدفع زوجها إلى خيانتها للهروب من ضغوطاتها،وعنف ضد من؟ ضد ذلك الزوج الذي يصون عرضها و يحفظها في وقت الشدائد ونسيت أنها لا تدخل الجنة و لا تشم رائحتها إذا ماتت و زوجها ليس راض عنها، ،"سمحولي ماشي راجل اللي تضربو مرتو.." لوكان ترفد برك يدها عليا نطلقها بالثلاث..عيب تضرب المرأة الراجل اللي يصونها و يحفظها..""ماشي متربية المرأة اللي ما تحترمش راجلها صافي مكانتش تحترم والديها..اختلفت طريقتهم في الحديث عن هذه الظاهرة إلا أنها كلها كانت تصب في قالب واحد و هو استنكارهم لعنف الزوجات و تمردهن كما عبروا عن مدى خطورته على الأسر الجزائرية. العنف خطر يحدق بالأسر وفيما يتعلق بالشق الاجتماعي والنفسي لمثل هذه الظاهرة عن الأسباب المباشرة للعنف ضد الأزواج، يقول مختصون نفسانيون أن عنف المرأة في كثير من الأحيان هو رد فعل ضد عنف الرجل، سواء كان هذا العنف لحظي أي وقع تبادل للعنف بين الزوجين في مرحلة معينة، أو بعد فترة حيث تنتقم الزوجة من الزوج الذي عنفها سابقا في بداية حياتهما الزوجية، كما انه يعود إلى التركيبة النفسية للمرأة وما تعرضت له في طفولتها كمشاهدة تعنيف ممارس من قبل أبيها على أمها وهنا يبرز دور التربية وأهمية إبعاد الأطفال عن مثل هذه الأجواء،في حين أكدت مستشارة اجتماعية ونفسية أن توسيع دائرة العنف داخل الأسرة وفي المجتمع أمر غير مقبول تحت أي بند وسدا لأي ذريعة، حيث نجد الجمعيات والمنظمات الحقوقية والمدنية تنادي بتقليل العنف من جانب الزوج، بقولها: "إن العنف خيار لا يمكن أن نقبله أبدا في دائرة الأسرة، ويجب العمل على تقليله وحصره في أضيق الحدود، وزيادة العنف والضرب داخل الأسرة ليس في مصلحة أحد، بل بالعكس تؤدي إلى تدمير الأسرة وانهيار بنيانها، مشيرة إلى الآثار الوخيمة المترتبة على زيادة هذه الظاهرة،وفيما يتعلق بالشق الأول من الفتوى وآثارها النفسية والتربوية على الأسرة والمجتمع قالت :"أؤيد أن تقوم الزوجة برد الاعتداء ودفعه لكن ليس بالضرب، فالزوجة حينما يقوم الزوج بضربها والاعتداء عليها فمن الطبيعي أن لها الحق في الدفاع عن نفسها، حفظا لكرامتها وصيانة لنفسها، وحتى لا يتمادى الزوج في اعتدائه"،وضربت على ذلك مثلا بأن الزوجة لو تركت زوجها يضربها بيديه فإنه سيتجرأ بعد ذلك على أن يركلها بقدمه، وهكذا نسير من سيء إلى أسوأ، لكن لو دافعت عن نفسها فإن ذلك سيكون أردع للزوج المعتدي، وأفضل لها أمام أبنائها، بحسب قولها،أما فيما يتعلق بقيام الزوجة بهجر زوجها إذا منعها حق من حقوقها الشرعية كالنفقة، أو كان يسيء عشرتها تؤكد أنها قد تكون وسيلة مقبولة ومبررة لردع الزوج وحثه على إعطائها لحقوقها.