مع دخول العشر الأواسط من رمضان، حاول جمع شتات قلبك، وركز على الاستغفار والتوبة، وأكثر من الدعاء والابتهال لله عز وجل، كما كنت في العشر الأوائل، واستعدادا للعشر الأواخر بأعمالك في العشر الأواسط، لتذوق حلاوتهما ويتم الله عليك نعمته وفضله،فإذا تكاسلت عن القيام بواجب الطاعة في أول الشهر، لا تكن من المحرومين في أوسطه، ففي الوقت فسحة وفي الشهر بقية، هل لك الآن أن تبادر وتستقبل بقية الشهر أم تريد أن تكون من المحرومين؟،جاء شهر الخير والرحمات والبركات والدعوات كالغيث الذي ينبت القلوب بالبر والصدقات، تدافع المسلمون إلى المساجد للصلاة والقيام وذرفت العبرات، لانت القلوب، ورفعت الأيدي للرحمن طلبا في المغفرة وتجديد التوبة، وتعانق الأحباب وباركوا شهر الخيرات،لكن، ألا يذكرنا ذلك كله بصلة الرحم، وعيادة المريض، فما أجملك يا رمضان إذ زدتنا قربا وصلة بالمعبود الخالق، وجعلتنا حريصين على استغلال أيامك، ففي أولك رحمة، وأوسطك مغفرة، وآخرك عتق من النيران،ما أعظمك يا شهر الصوم، جعلتنا نتناسى خلافاتنا ونتفرغ لإصلاح أنفسنا وأهلينا، فكم هو جميل أن يكون رمضان انطلاقة للتواصل والتكافل، ندعو بالحسنى، ونأمر بالمعروف، ونحقق التكافل الاجتماعي، الغني يعطف على الفقير، والكبير يقدر الصغير، والصغير يحترم الكبير،هذا هو رمضان مدرسة الأخلاق، وانطلاقة التعامل والتواصل، وبداية التسامح، ونبذ الفرقة، وصلة الرحم، والتفرغ للعبادة، وطلب التوبة، وفي الحديث: (من أدرك رمضان فلم يغفر له فدخل النار فأبعده الله)، وقال سعيد عن قتادة، كان يقال: من لم يغفر له في رمضان فلن يغفر له في ما سواه، وفي أثر آخر: (إذا لم يغفر له من رد في ليلة القدر؟ متى يصلح من لا يصلح في رمضان، فمن فرط في الزرع في وقت البذر لم يحصد يوم الحصاد إلا الندم و الخسارة).