يرجح أن تتحول الجزائر كمورّد حيوي للطاقة إلى أوروبا بقادم السنوات، وسط تداعيات قريبة ومتوسطة المدى للأزمة الأوكرانية على هذا القطاع الاقتصادي عالميا، في وقت سارعت فيه إيطاليا وإسبانيا للتحرك صوب الجزائر لضمان أمنهما الطاقوي. ومع بداية فصل الشتاء، ارتفعت أسعار الغاز عالميا بشكل قياسي بسبب كثرة الطلب سيما في القارة الأوروبية، كما لم تسلم أسعار النفط من الزيادة هي أيضا مع عودة النشاط الاقتصادي إلى سابق عهده على خلفية انفراج في الحالة الوبائية بفعل تقدم حسن لعمليات التلقيح ضد فيروس كوفيد 19، وذلك في وقت كانت تعيش القارة الأوروبية مع روسيا في وئام واستقرار. ومباشرة بعد العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا التي انطلقت نهاية شهر فيفري الماضي، ظهرت مخاوف داخل الاتحاد الأوروبي حول الأمن الطاقوي لدوله الأعضاء، ورغم استمرار روسيا في ضخ الغاز إلى زبائنها الأوروبيين بشكل منتظم عبر الأراضي الأوكرانية، إلا أن الدول الأوروبية شرعت في البحث عن بدائل للغاز الروسي، جنوبا نحو الجزائر وشرقا نحو دول الخليج وغربا نحو الولاياتالمتحدةالأمريكية، في محاولة من القارة العجوز للاستقلال عن الغاز الروسي أو على الأقل التقليل منه. ومع هذه التطورات السياسية والأمنية في أوروبا الشرقية، يحافظ الغاز الطبيعي والنفط على أسعار قياسية، تجاوزت 107 دولار لبرميل البترول و1250 دولار لكل ألف متر مكعب من الغاز، ليزيد ذلك من مخاوف ارتفاع تكاليف استيراد الطاقة بالنسبة إلى أوروبا خلال السنوات القادمة، وهي التي تخرج بأضرار اقتصادية جمّة من جائحة كوفيد 19 على غرار باقي دول العالم. ومع إقرار الجزائر توقيف العمل بأنبوب الغاز المغاربي الذي يمرّ عبر الأراضي المغربية، بسبب الاستفزازات المتكررة لنظام المخزن التي كانت آخرها استشهاد ثلاثة رعايا جزائريين في قصف همجي لشاحناتهم أثناء تنقلهم على المحور الرابط بين نواكشوط – ورقلة، ضلعت في تنفيذه قوات الاحتلال المغربية بالصحراء الغربية، فإن أي استثمار لنقل الطاقة من القارة الافريقية نحو الدول الأوروبية، لابد أن يمرّ عبر الجزائر، على اعتبار موقعها الاستراتيجي كجسر يربط بين القارتين من جهة، ومن جهة أخرى لخبرتها الطويلة في إنتاج الطاقة والمحروقات ونقلها وتسويقها.