تتواجد الجزائر في أحسن رواق لتزويد السوق الأوروبية بمزيد من النفط والغاز، حيث تلعب 3 عوامل مهمّة لصالح بلادنا، أوّلها تراجع الإمدادات الروسية بفعل الأزمة في أوكرانيا وثانيها ارتفاع تكاليف نقل الطاقة الأمريكية والكندية، أمّا ثالثها فهو قلّة احتياطات النرويج من الطاقة والأزمة الأمنية في ليبيا، وهما أبرز منافسين طاقويين للجزائر في (القارّة العجوز) بعد روسيا. يتوجّه الاتحاد الأوروبي إلى تنويع مصادر الطاقة وتقليل الاعتماد على الإمدادات الروسية، حسب ما أكّدته تقارير مختصّة حديثة، تُرى ما هي فرص الجزائر لتزويد السوق الأوروبية بمزيد من النفط والغاز؟ مع بدء الأزمة الأوكرانية الحالية ازدادت المخاوف الأوروبية مجدّدا من احتمال توقّف إمدادات الغاز الروسي إلى الاتحاد الأوروبي عبر الأراضي الأوكرانية. وتزوّد روسيا دول الاتحاد بأكثر من ثلث احتياجاتها من الغاز والنفط، فيما يعتمد الاتحاد على الخارج في استيراد ما يزيد عن 35 بالمائة من احتياجاته. وتعدّ النرويجوالجزائر وليبيا (خلال عهد القذافي) من أهمّ الدول المصدّرة للطاقة إلى أوروبا بعد روسيا. وفي السياق، كثر مؤخّرا الحديث عن مصادر جديدة للطاقة بالنّسبة للاتحاد الأوروبي. ومع تعطّل مشاريع نقل النفط والغاز من أذربيجان ووسط آسيا إلى أوروبا برز اسم النرويجوالولايات المتّحدة وكندا كمورّدين للمزيد من الغاز والنفط، غير أن المشكلة تكمن في أن النرويج القريبة من الاتحاد ليس لديها احتياطات كافية من مصادر الطاقة لتلبية الطلب المتزايد في الأسواق الأوروبية. أمّا الولايات المتّحدة وكندا فإن لديهما احتياطات ضخمة للتصدير إلى أوروبا، لا سيّما بعد التزايد السريع في إنتاج النفط الصخري من الحقول الأمريكية والكندية بسبب تحسّن تقنيات استخراجه. غير أن المشكلة بالنّسبة إلى أوروبا تكمن في ارتفاع تكاليف نقل مصادر الطاقة عبر الأطلسي بسبب البعد الجغرافي والحاجة إلى بِنية تحتية لضغط الغاز وتسييله ونقله في سفن عالية التكلفة ومجهّزة حصرا لذلك، كما أن الموانئ الأوروبية لم تجهّز بعد لاستقبال مثل هذه السفن. ويزيد من صعوبة الأمر الحاجة إلى بِنية تحتية لنقل وضخّ حمولة السفن عبر شبكات الطاقة الأوروبية أهمّية مصادر الطاقة العربية لأوروبا وارتفاع تكاليف مصادر الطاقة من شمال أمريكا ومحدودية الاحتياطات النرويجية، إضافة إلى توقّف مشاريع جرّ النفط والغاز من وسط آسيا يعني بالنّسبة إلى الاتحاد الأوروبي ضرورة التوجّه جنوبا، أي نحو إفريقيا والشرق الأوسط للحصول على المصادر المطلوبة. وممّا يعنيه ذلك أن الدول العربية سواء في شمال إفريقيا أو في منطقة الخليج لديها فرصا هامّة لتوريد المزيد من النفط والغاز ومصادر الطاقة الأخرى إلى الاتحاد الأوروبي. وهنا تبدو الجزائر في مقدّمة الدول العربية المرشّحة لتزويد أوروبا بمزيد من الغاز والنفط على ضوء الاضطرابات المتسمرّة في ليبيا وغياب الاستقرار السياسي فيها، ويدلّ على ذلك توجّه الشركات الألمانية والبريطانية بشكل متزايد إلى المشاركة في مشاريع النفط والغاز في بلادنا. ولعلّ التصريحات الأخيرة لوزير الطاقة يوسف يوسفي المطمئنة حول قدرة الجزائر على الرفع من قدرات إنتاجها النفطي لتعويض النقص المسجّل نتيجة انخفاض الأسعار والاكتشافات الجديدة لحقول النفط والغاز بالجنوب، فضلا عن مضي الجزائر في التنقيب عن الغاز الصخري وحفر آبار بحرية للنفط سيساهم دون شكّ في إعطاء دفعة قوية للإنتاج الطاقوي الموجّه لغزو السوق الأوروبية على المدى المتوسّط.