يعد موسم صيف هذا العام استثنائيا فقد احتضن كل المناسبات على غرار حفلات نجاح البكالوريا و شهر رمضان و العيد و الأعراس،هذه الأخيرة التي كان ثاني يوم عيد الفطر موعد انطلاق لها فنجد العائلات الجزائرية ينتظرونها بكل فرح إلا أنّ تكاليفها باتت تثقل كاهلهم،خاصة بعد النفقات العملاقة التي صرفها أرباب الأسر في المناسبات التي مضت "حفلات فرمضان فعيد فأعراس... "حتما هي تكاليف تدفع الأسرة للعيش تحت الضغوطات و اللجوء إلى السلف و الاقتراض،هكذا هو حال الجزائريين بقدر ما يعبرون عن فرحتهم بقدوم الأعراس و الأفراح بقدر ما يعبرون عن استيائهم عن كثرة طلباتهم الاجتماعية لمثل هذه المواعيد. ففي الوقت الذي تعتبر فيه الهدية الوسيلة الأنجع لتوطيد أواصر القرابة و تمثل الطريق المعبد لغرس المحبة في القلوب و تكريسها بين الناس إلا أنها باتت في الآونة الأخيرة كوابيس مزعجة تؤرق الكثير من العائلات الجزائرية بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة ،خاصة و أن هدايا الأعراس لم تعد تقتصر على أطقم العصير و القهوة و الشاي بل باتت الهدية البسيطة يتعدى ثمنها 1500 دينار جزائري،بعد أن كانت قبل وقت قليل لا تتعدى الألف دينار هذا ما أكده معظم المواطنين الذين التقت بهم يومية "الإتحاد" في بعض أحياء العاصمة. فاتورة الأعراس باهظة الثمن "عمر" و "فاتح" و "خالد" ليست الصداقة وحدها هي التي جمعتهم بل فكرتهم كانت واحدة حول ثقل أجمعوا على أن تتالي المناسبات قد أثقلت عاتقهم،فالشاب "عمر" ذكر أن عدد الأعراس لهذا العام في عائلتهم قد حطمت الرقم القياسي ما جعلهم يدفعون فاتورة باهظة الثمن معلقا:"هذا العام وحدو ملي بدا الصيف و أحنا انصرفوا أو مازال..الأعراس تع هذا العام مخلوناش نريحوا.."،فيما يؤكد "خالد" أن الميزانية التي صرفها في هذه المناسبات المتزامنة مع هذا الصيف ثقيل وزنها مقارنة بالسنوات الماضية أين كان فيها "العيد" و "الدخول المدرسي" يتزامن و فصل الخريف، فيتفرغون فقط لمناسبات الأعراس ومتطلباتها، و يضيف بمزيج بين السخرية و التهكم"الحفلات تع الباك مبعد رمضان مبعد العيد مبعد الأعراس بزاف مقدرناش نتنفسوا شوية.."،بينما يستطرد "فاتح" في الحديث:"صاح الحالة صعيبة كل واحد أُودالتو كيما ندلهوم يجيبونا هذا واجب واش نديروا لازم نقوموا بيه.."،فيما ترى "نبيلة" من العاصمة أن الهدايا حاليا أصبحت لا تقتصر على أطقم الشاي و القهوة بل تحولت إلى أجهزة منزلية تتعدى قيمتها ثلاث آلاف دينار جزائري ما جعلها تكلف الكثير من ميزانية العائلات. ..والهدية "بنة الأعراس" و لكن تبقى الهدايا لها الميزة و النكهة الخاصة في الأعراس فرغم غلائها لا يختلف اثنان أنها هي من تصنع أجواء الأفراح و يرى بعض المواطنين الذي جعلها عبئا على الأسر هو تكاليفها الباهظة التي أرهقت المواطنين،هذا ما أكدته الخالة "وردية" التي ترى أن الهدية منذ القديم لها مكانتها الخاصة في الأفراح و المناسبات قائلة:"الهدية من بكري بنة الأعراس يالوكان حاجة صغيرة،كيما يقولوا الحجرة من عند لحبيب تفاحة.."و تضيف الخالة "وردية" أن تزامن المناسبات مع بعضها البعض ما تركها ربما تعرف ارتفاعا ملحوظا خاصة في هذه الأيام التي تتزامن مع العيد. و للحلاقة نصيب من الميزانية.. في الوقت الذي نجد فيه الرجال يشتكون من غلاء اقتناء هدايا الأعراس و ارتفاع متطلباتهم نجد الجنس اللطيف همه الوحيد هو ارتفاع تكاليف الحلاقة التي لا تستطيع الاستغناء عنها معظم النساء في مناسبات الأفراح ،و في هذا الصدد تقول "سعاد":"رانا انصرفوا كثر مالرجال فالحفّافة مشكل كثر من الهدايا.." خاصة و أن حلاقة النساء تعرف ارتفاعا في الأسعار في هذه الأيام التي تتزامن مع العيد و الأعراس،و تشاطرها الرأي الكثيرات من النساء التي أجمعن أن الحلاقة أيضا لها نصيب في ميزانية الأسر الجزائرية ما زاد الكأس فيضا و للأعراس عبئا و ثقلا. "تهادوا تحابوا.." للهدية أثر عجيب وعميق في نفوس من نهاديهم، فبها يزول ما بين النفوس من جفاء ووحشة، وبها ترق القلوب، وتصفو النفوس، وتزداد المودة والألفة، ويعمق الحب، وتوثق الروابط، وفي عميق أثر الهدية في النفوس و الهدية هي كل ما يعطى بقصد إظهار المودة، وحصول الألفة والثواب للأقرباء أو الأصدقاء، أو العلماء، أو من يحسن الظن بهن حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " تهادوا تحابوا" وقال أيضا :" و الذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ، و لا تؤمنوا حتى تحابوا "( تهادوا تحابوا) ، (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ويثيب عليها) ، ( تهادوا ; فإن الهدية تسل السخية)أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم تحثنا على تقديم وقبول الهدايا-فهدية صغيرة نقدمها لمن نحب أو لمن لا نتوافق بالآراء معهم أحيانا تحقق لنا كل هذه الثمار فلم لا نكثر منها. ما الذي جعل الهدية عبئا ثقيلا؟ بالطبع كل منا يسعد بالهدية ، وتشعره بمدى حب الناس له ، ومدى مكانته في قلوبهم والذي جعل منها عبئا ثقيلا ، هو التكلف الزائد عن الحد الطبيعي ، وحب الظهور بمظهر راقي طبعا مظهر خداع رونقه زائف ، فمعظم الناس تكلف على نفسها ماديا بالهدية ، ليقال أن فلان مستواه المادي مرتفع أو قد تكون منافسة للآخرين ، وطبعا منافسة في البهرجة الخداعة ،ولكن نقول الهدية قيمتها من قيمة الشخص الذي أهداها فمهما كانت بسيطة ماديا ، ستكون غالية طالما كانت صادقة وتعبر عن مشاعر حقيقية ،فلا داعي أن نقيم الهدية بسعرها المادي ، بل نقيمها بمدى ارتباطنا بهذا المحب الذي قدمها لنا .