استنزفت ميزانية كبيرة في الآونة الأخيرة هدايا النجاحات والأعراس ترهق العائلات تعيش معظم العائلات الجزائرية على وقع النجاحات التي تتالت، فبعد نتائج التعليم الابتدائي والتعليم المتوسط ظهرت مؤخرا نتائج البكالوريا إلى جانب الأعراس التي تسابق فيها العائلات الزمن لتنفلت من اقتراب شهر رمضان المعظم، فأجواء الفرحة طغت على الكثير من العائلات سواء التي تشتمل على حفلات زفاف أو نجاحات في الدراسة، ويشاركها طبعا الأهل والأقارب في تلك الفرحة والبهجة وتنظم احتفالات ودعوات للعشاء والغذاء على شرف الناجحين، ويعتبر عرف التاوسة أو تقديم هدية النجاح أو الزواج عرفا لازما تنصاع إليه معظم العائلات كرها أو طواعية سيما وأنه عرف ملزم والهدية لها قيمة كبيرة في تبيين الحب ومشاركة الناجحين أو المتزوجين أفراحهم وبهجتهم· هي الأجواء التي تعيشها معظم العائلات في الآونة الأخيرة مع ظهور نتائج الامتحانات وكذا موجة الأعراس التي تعيشها العائلات قبل حلول رمضان الكريم مما تطلب تخصيص ميزانية معتبرة لإهداء هدايا النجاح التي تعد واجبا على الأهل والأقارب بدليل تهافت المواطنين على المحلات لاقتناء بعض أنواعها، وكذا تنقلهم وهم يحملون الهدايا الموظبة بخلافات مزركشة· انتهزنا الفرصة واقتربنا من بعض المواطنين بمحاذاة بعض المحلات والأسواق التي تشهد إقبالا منقطع النظير قصد اقتناء الهدايا التي تنوعت بين الملابس والإكسسورات والأطقم الزجاجية المخصصة للقهوة وكذا الماء، وهناك من راح إلى إهداء بعض التحف التذكارية الملحقة باسم الناجح وكذا مقدم الهدية لكي تبقى تذكارا للناجحين· اقتربنا من إحدى السيدات التي كانت تحمل هدية موظبة بغلاف مزركش بالأزهار الملونة فراحت تخبرنا أن الهدايا استنزفت ميزانية كبيرة من ميزانية أسرتها بعد اقتران المناسبات الواحدة تلو الأخرى وقد تصل إلى ثلاث مناسبات في الأسبوع الواحد، تنوعت بين حفلات الزفاف والنجاحات التي تتالت على الأسر مما أجبرها على تقديم هدايا متوسطة الثمن وإلا سوف لا تقوى على مواجهة الأعباء التي تنتظر الأسرة مع اقتراب رمضان المعظم وكذا العيد المبارك والدخول المدرسي· أما السيدة زينب فبدأت حديثها بالمثل الشعبي الجزائري المعروف (اللي كلى جاج الناس يسمن جاجو) وهو الذي يوحي بضرورة التهادي بين الأهل والأقارب والأحباب في المناسبات السعيدة، فالرسول عليه الصلاة والسلام أمرنا بالتهادي كونه يعبر عن الحب والالتحام بين المسلمين جميعا، بحيث قال في حديثه (تهادوا تحابوا) ومنه اقتبس عرف التاوسة فيما بين الجزائريين وأصبح ملزما مع مرور السنوات فلا يتخيل أن يدخل المدعوون إلى مناسبة ما خاويين الأيادي من أجل مشاركة العائلات أفراحها سواء تعلقت بالنجاحات الدراسية أو حفلات الزفاف، لتضيف أنها تلتزم بالمحافظة على ذلك العرف ولا تفوت أي مناسبة حتى ولو كانت صغيرة على مستوى عائلتها، وترى أن ذلك من شأنه أن يضاعف الشعور بالمحبة فيما بين الأقارب ويجسد مظاهر الالتحام بينهم في السراء والضراء· وبذلك يبقى التهادي أو تقديم التاوسة عرفا سائدا لدى أغلب العائلات الجزائرية ولا تقوى الشكاوى المتعددة التي تطلقها النسوة من جراء المال المستنزف من ميزانية العائلة في اقتناء الهدايا، على حذفه من قاموس العادات والأعراف الجزائرية·