إن تفشي الفساد من شأنه أن يعطل كل برامج التنمية التي تعمل الحكومات على وضعها، و بالنسبة للجزائر تعد مسألة مكافحة الفساد أولوية في الظرف الراهن المتميز بوضع برنامج كبير لدعم النمو الاقتصادي يتجه لتهيئة البنية التحتية و انجاز مشاريع هامة في قطاع الأشغال العمومية و بناء السكن، الأمر الذي يستدعي مزيدا من الحرص على أن تتم الصفقات العمومية في ظل الشفافية التامة و وجود أجهزة لمراقبة تنفيذ المشاريع و محاربة كل أشكال الفساد، من خلال وضع إستراتيجية طويلة المدى يشارك فيها الجميع من حكومة و إدارات عمومية و مجتمع الأعمال و وسائل الإعلام و مجتمع مدني كل على مستواه، لأن مسألة الفساد مسألة معقدة فمكافحتها تتم وفقا لجهود جماعية و ليست فردية، ومكافحة الفساد شرط ضروري لسلامة و فعالية الأنشطة الاقتصادية، كما أنه شرط أساسي لترسيخ المنافسة العادلة و خلق بيئة مواتية لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، لذلك فإنه يتعين على الدول النامية و الجزائر على وجه الخصوص بذل جهود إضافية لتوفير متطلبات مواجهة الفساد المتمثلة في وجود دولة توفر الخدمات بمزيد من الفعالية و الكفاءة و الأمانة في استخدام الموارد العامة و حماية حقوق الملكية. أمر دولي بتوقيف وزير النفط السابق شكيب خليل أصدر القضاء الجزائري أوامر بالقبض الدولي على الوزير السابق، شكيب خليل، بصفته زعيم عصابة إجرامية متخصصة في إبرام صفقات مشبوهة و أخد رشاوي ونهب أموال الجزائريين، والتي ضمت إلى جانب شكيب، مجموعة من أفراد عائلته، و4 متهمين آخرين في القضية، من بينهم فريد بجاوي، نجل شقيق وزير الخارجية السابق محمد بجاوي.وقد أعلن النائب العام لدى مجلس قضاء الجزائر، بلقاسم زغماتي، عن إصدار القضاء الجزائري مذكرة توقيف ضد 9 متهمين في قضية سونطراك 2، وذلك بعد توجيه تهم متعددة لهم على غرار الرشوة وتبييض الأموال، وإبرام صفقات مخالفة للتشريع واستغلال النفوذ والوظيفة، و شهدت السنوات القليلة الماضية اعترافا متناميا بمشكلة الفساد والتصدي لمناقشتها ولقت اهتماما متجدد على غرار باحثين وصانعي السياسات على السواء، وتأسست العديد من الهيئات الوطنية والدولية لمكافحة هذه الظاهرة الخطيرة على البنيان الاجتماعي والاقتصادي والسياسي للدول،و تبرز أهمية وضع حد من الفساد نظرا لدرجة اتساعه وشموليته، فهو يمس الاقتصاديات المتقدمة والنامية على حد سواء، وبالنظر لكون المتهمين في القضية والمطلوبين بأمر التوقيف الدولي يحملون الجنسية الأمريكية، يتوجب على القضاء الجزائري التقدم بطلب رسمي إلى الجهات القضائية في الولاياتالمتحدةالأمريكية، يضم هذا الطلب شرحا مفصلا للأسباب والتهم التي تم من خلالها الخروج بقرار القبض، بالإضافة إلى الدلائل التي تتوفر لدى القضاء الجزائري والتي تم الأخذ بها، ومن بين المراحل التي ستمر بها الجهات القضائية في الجزائر هي انتظار الرد الرسمي من القضاء الأمريكي الذي سيقوم بدراسة ملف المتهمين وسماعهم عبر محاضر رسمية بصفتهم مواطنين أمريكيين يخضعون للقانون الأمريكي، والذي يحمي حاملي هذه الجنسية من أي ملاحقات لا تكون بقرار نهائي للقضاء الأمريكي، والذي سيكون عبارة عن محاكمة مبدئية في أمريكا قبل إرسال تفاصيل القضية إلى القضاء الجزائري، وفي هذا الشأن أوضح المحامي ميلود إبراهيمي، أن على القضاء الجزائري تقديم تصريح بالالتزام بمقضاة المتهمين وفقا للائحة التهم الموجهة إليهم في قرار الإيقاف، مضيفا بأن القانون الدولي يفرض في مثل هذه الحالات التي يتم فيها عملية تسليم المتهمين بين الدول ضرورة عدم مقاضاتهم في غير التهم التي يتم إرسالها في وثيقة طلب التسليم، مضيفا أن القضاء الأمريكي يلتزم في عديد من القضايا التي يتورط فيها أشخاص يحملون الجنسيات الأمريكية بمتابعة هذه المراحل قبل تسليم المتهمين. يندرج الأمر بالقبض الدولي على شكيب خليل في إطار إجراء قضائي دقيق لفك الخيوط و الملابسات بشأن المعلومات حول تسديد رشاوي في إطار العقود الغازية و النفطية في الجزائر مباشرة بعد التحقيق حول ملف آخر المسمى "سوناطرك1" المتورط فيه الرئيس المدير العام السابق للشركة محمد مزيان رفقة نواب رئيس شركة سوناطراك. و كان رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة قد أكد في رسالة بمناسبة الذكرى المزدوجة لإنشاء الاتحاد وتأميم المحروقات أنه "لا يجوز لي أن أمر مرور الكرام على ما تناولته الصحافة مؤخرا من أمور ذات صلة بتسيير شركة سوناطراك". و قال في هذا الصدد إنها "أمور تثير سخطنا واستنكارنا لكنني على ثقة من أن عدالة بلادنا ستفك خيوط هذه الملابسات وتحدد المسؤوليات وتحكم حكمها الصارم الحازم بالعقوبات المنصوص عليها في قوانيننا". من جهته أعلن وزير الطاقة و المناجم يوسف يوسفي قبل ذلك بأيام أن الإجراءات الضرورية بخصوص قضية "سوناطراك2" ستتخذ "بمجرد انتهاء العدالة من عملها و التحقق من حيثيات القضية". امتدادات دولية واسعة لقضية الفساد في الجزائر كشف وزير العدل الجزائري محمد شرفي عن وجود امتدادات دولية واسعة جدا لقضية الفساد المالي الكبيرة التي طالت شركة النفط الوطنية سوناطراك عصب الاقتصاد الجزائري والتي كانت حققت مداخيل بقيمة اثنين وسبعين مليار دولار أمريكي العام الماضي. وقال شرفي في تصريح للصحافيين أدلى به سابقا على هامش زيارة قام بها لبعض المحاكم إن تحديد مدة التحقيقات في القضية غير ممكن لأنها غير متعلقة بتفتيشات أو دراسات في الجزائر فقط بل لها امتدادات كبيرة في الخارج وهي تسير بالتعاون مع نُظم قضائية أجنبية. وكانت صحف محلية قد كشفت تورط مسؤولين كبار في شركات نفط إيطالية وكندية في تقديم رشاوى لمسؤولين جزائريين للحصول على صفقات مع”سوناطراك”. وقالت الصحف إن محققين كنديين وإيطاليين يعتقدون أن ”إس أن سي لافالان” الكندية وشركة ”سايبام” الإيطالية المتهمة هي أيضا بالحصول على عقود نفطية تصل قيمتها أحد عشر مليار دولار من “سوناطراك” مقابل رشاوى تكون قد قدمتها لمسؤولين كبار في الشركة أبرزُهم شكيب خليل الموجود حاليا في الخارج، قد اعتمدتا على فريد بجاوي ابن شقيق وزير الخارجية الجزائري السابق محمد بجاوي، للحصول على عقود، وهو واحد من بين عدد من المتهمين الذين تحوم حولَهم شبهات التورط في دفع رشاوى. وكانت تهمٌ قد وجهت إلى كل من المدير التنفيذي في ”لافالان”، بيار دوهيم، بالفساد واستخدام وثائق مزورة، كما وجهت تهم لنائب رئيس الشركة في حينه. قضاة ايطاليون يشتكون "عدم تعاون" الجزائر في قضية سوناطراك قام عدد من القضاة الإيطاليون المعنيون بالتحقيق في مختلف ملفات الفساد المتعلقة بشركات "سايبام" و"أس أن سي لافلان" وسوناطراك بتوجيه أصابع الاتهام إلى الجزائر و اتهام نظرائهم من القضاء الجزائري "بالتقاعس وعدم تعاون"، خاصة ما تعلق بمعلومات شكلت مضمون مراسلات رسمية، طلبوها منذ مدة ولم يحصلوا عليها لحد الساعة، ونقلت وسائل إعلام إيطالية وفرنسية، منها مجلة "جون أفريك" عن قضاة بميلان الإيطالية انتقادهم لكيفية تعامل القضاء الجزائري مع ملف الفساد في الشركة الإيطالية "سايبام" والأمريكية "أس أن سي لافالان"، وكذا شركة سوناطراك، ووصفت التنسيق بين القضاء الإيطالي ونظيره الجزائري بالناقص جدا، و قدم قضاة بميلانو أنهم طلبا عبر مراسلات وجهوها للعدالة الجزائرية حسب ما تداولته وسائل إعلامية، قصد الحصول على معلومات بخصوص 8 عقود ذهبت إلى الشركة الإيطالية "سايبام" خلال الفترة الممتدة بين سنتي 2007-2009، وقدرت الجهات القضائية الإيطالية القيمة الإجمالية لهذه العقود ب11 مليار أورو جمعت الشركة الوطنية الجزائرية للمحروقات سوناطراك والشركة الإيطالية "سايبام"، إلا أن المحققين الجزائريين لم يتعاطوا مع هذه المراسلات لا إيجابا ولا سلبا.