بمناسبة اليوم العالمي لحرية الرأي والتعبير والذي يركز في نسخته الجديدة بقرار من الأممالمتحدة على الجوانب المتعددة لتأثير ما استجد من تطورات في وسائل الرقابة الحكومية وغير الحكومية، وجمع البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي على الصحافة وحرية التعبير والخصوصية. ويُسلط الضوء كذلك على التحديات المتصلة ببقاء وسائل الإعلام في العصر الرقمي ونجاحها، والتهديدات التي تقوض ثقة الجمهور نتيجة الرقابة والهجمات الرقمية على الصحافيين، وعواقب ذلك كله على ثقة الجمهور في الاتصالات الرقمية.. نرى أن الصحافة تلعب دورا مهما في الحياة السياسية والدبلوماسية والثقافية. إذ أضحى ما تتناوله الصحف المتنوعة من معلومات حول الشعوب والأمم الأخرى، مصدر جذب هام للباحثين والساسة ورجال الفكر، فضلا عن إسهامها في تشكيل الرأي العام العالمي حول القضايا الدولية الراهنة. تعد حرية الصحافة أو حرية وسائل الاتصال هي المبدأ الذي يشير إلى وجوب مراعاة الحق في الممارسة الحرة للاتصال والتعبير عن الرأي من خلال كافة وسائل الإعلام المتاحة، المطبوع منها والإلكتروني، وعلى وجه الخصوص المواد المنشورة. تتضمن هذه الحرية غياب التدخل المفرط للدول، وحمايتها بالدستور والقانون.كما تعتبر حرية الصحافة مؤشرا هاما لمستوى الأداء الديمقراطي والحقوق والحريات في دول العالم . بحيث تلعب الصحافة دورا هاما في توفير المعلومات واتاحتها أمام الشعوب والأفراد. الأمر الذي يساهم في تعزيز الشفافية في العلاقة بين الحكام و المحكومين وإشراك المجتمعات في الرقابة على أداء الحكومات، الدفاع عن الحقوق والحريات، ومكافحة الفساد.كما تعتبر حرية الصحافة من أهم الحريات العامة التي تتسع وتضيق في كل مجتمع، بحسب ظروفه الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، حيث أنها تعتبر من أهم صور حرية الرأي والتعبير، وتؤكد على حق المواطن في الحصول على المعلومات من مصادرها، وحريته في تداولها بكل الأساليب المشروعة والممكنة. فحرية الصحافة هي امتداد للحريات السياسية والثقافية في المجتمع.وبما أن الحريات السياسية والثقافية في الوطن العربي محدودة، فهذا يعني أن الأنظمة العربية تريد صحفيون مؤيدون يدافعون عما يتخذ من قرارات مهما كانت. وبمجرد ما يتخطى حدود التأييد ويبدأ في الانتقاد والمعارضة يتعرض لمشكلات ومضايقات من طرف أجهزة السلطة.حيث أن حال الصحافة العربية اليوم من حيث مستوى الحرية ليس جيدا في معظم أنحاء الوطن العربي. وقد أظهر التقرير الذي أصدرته منظمة مراسلون بلا حدود حول مؤشر حرية الصحافة لعام 2021، والذي يقيس أوضاع الصحافة في 180 دولة حول العالم. من بينهم 22 دولة عربية تتذيل التصنيف، تزايد الكراهية والعداء للصحفيين، حيث أصبحت فوبيا وسائل الإعلام واضحة جدا، لدرجة أن الصحفيين يواجهون بشكل روتيني تهم متعلقة بالإرهاب، ويتعرض الذين لا يظهرون الولاء للأنظمة للسجن التعسفي ، فلم يعد ينظر للإعلام باعتباره جزء من الدعامة الأساسية للديمقراطية، بل خصما يظهرون نفورهم منه علنا. ويمكن القول في العالم العربي تبدو مأساة الصحفيين أكبر منها في أي من دول العالم، إذ أن المهنة أصبحت في الكثير من الدول العربية جالية لكل المتاعب من سجن إلى اعتقال وصولا في بعض الأحيان إلى القتل. وتتنوع مصادر الضغوط التي يتعرض لها الصحفيون في العالم العربي بين ضغوط حكومية من خلال سعي السلطات الحكومية إلى سن قوانين تقيد حريتهم وتربط بصريا بين نشاطهم وما باتت تسميه بالأمن القومي. ومن ناحية لا تزال الصحافة العربية المطبوعة تخسر معركتها أمام الوسائل الإعلامية الجديدة (الفضائيات، الإنترنت)، مع تجاهل حجم الفرص المتاحة في حقل الصحافة الإلكترونية. لأسباب مؤسسية وثقافية، خاصة مع الخلط الحادث لدى الجمهور بين الصحف الإلكترونية، والمنتديات، والمواقع الشخصية، والمواقع الإخبارية، وكذلك الخلط بين النسخ الإلكترونية والصحف الإلكترونية. فالصحافة الإلكترونية العربية معظمها في الواقع نسخ إلكترونية لصحف ورقية، وليست صحفاً إلكترونية فاعلة وفق المعايير المهنية، التي تشمل الفورية ومستوى تحديث المضمون اليومي، وسهولة الإبحار، ودرجة التفاعلية. الصحف الإلكترونية العربية مع بعض الاستثناءات لازالت في المراحل الأولى في هذه الصناعة، وهي المرحلة التي تقوم فيها الصحف الإلكترونية بنشر معظم أو جزء من محتوى الصحيفة الورقية الأم. بينما الصحف الإلكترونية الغربية تبحر في فضاءات متقدمة، تتجاوز مرحلة النسخ إلى مرحلة إنتاج المواد ونشرها وفق الخصائص الفنية والتقنية، وإنتاج محتوى خاص بالصحيفة الإلكترونية، واستثمار خصائصها، خاصة ما يتعلق ببث المواد السمعية البصرية، بل إن مفهوم الصحافة الإلكترونية لديها يتجاوز العمل الصحفي بأدوات تقليدية، وإعادة نشره على شبكة الإنترنت، إلى ممارسة العملية الصحفية إلكترونياً على الشبكة، من خلال التغطيات الصحفية المستمرة والمتعددة الوسائط، وتطبيق فن التحرير الإلكتروني.