أثار رئيس الهيئة المكلفة بإعداد دستور جديد في تونس جدلا واسعا، بعدما كشف عن توجّه لدى الرئيس قيس سعيد لاستبعاد عبارة "الإسلام هو دين الدولة"، الموجودة في الدستور الحالي، من الدستور المُقبل، وهو ما دفع البعض للتحذير من عودة الجدل حول الصراع على الهوية والذي كان سائدا في السنوات الماضية. وقال الصادق بلعيد، رئيس الهيئة الوطنية الاستشارية، لوكالة "فرانس برس" إنه سيعرض على الرئيس سعيّد مسودة لدستور لن تتضمن ذكر الإسلام كدين للدولة، مشيراً إلى أن هذا الأمر يهدف للتصدي للأحزاب ذات المرجعية الاسلامية على غرار "حركة النهضة". ويأتي ذلك بعد شهرين من حديث الرئيس قيس سعيد عن إمكانية إلغاء الفصل الأمر من الدستور، الذي ينص على أن "تونس دولة حرّة، مستقلة، ذات سيادة، الإسلام دينها، والعربية لغتها، والجمهورية نظامها". وبرر سعيد هذا التوجه بقوله إن "الدولة ذات معنوية أو شركة تجارية دينها الإسلام"، مضيفاً "نحن نصوم ونصلي بأمر من الله، وليس بناء على الفصل الأول من الدستور". وعلق رفيق عبد السلام، القيادي في حركة النهضة، على تصريح بلعيد بقوله "الصادق بلعيد وعصابة اليسار المتطرف الكاره للدين والملّة يتوهمون أن الإسلام ملك حصري لحركة النهضة. الجماعة عندهم حقد دفين على الإسلام ويريدون تصفية حسابهم عبر استخدام الدولة. دستور 2014 هو من ثمار ثورة الحرية والكرامة وهو ملك للشعب التونسي بتمامه وكماله، كما أن قضية الإسلام والهوية هي شأن يهم كل الشعب وليست ملكا خاصا بالنهضة أو أي حزب من الأحزاب". وكتب وهبي، القيادي السابق في حزب التكتل: "لم أفهم ما هدف الصدق بلعيد من إلغاء عبارة "تونس دينها الإسلام" من الدستور. هل يغازل الفرنسيين أم يدغدغ في النهضة؟"، مضيفا "الأكيد أن حركة النهضة تنتظر هذه الفرصة بفارغ الصبر كي تعيد جوقة 2011 ونرجع لمعزوفة الهوية والإسلام في خطر! والأكيد والأخطر أن الحركات الإسلامية المتطرفة ستتحرك بعد إلغاء عبارة "الدولة راعية للدين" وستقوم بالهجوم على المساجد للسيطرة عليها". وقال الإعلامي والناشط السياسي برهان بسيس "الصادق بلعيد قدم أكبر هدية للإسلام السياسي والنهضة خاصة بإلغاء الدين من مرجعية الدستور الجديد"، مضيفا "النهضة تريد العودة إلى الصراع المتعلق بالهوية، ويبدو أن بلعيد يفتح لها ذلك المجال". وكتب القيادي السابق في حركة النهضة، رضوان المصمودي "ستبقى تونس دولة حرّة مستقلّة وديمقراطيّة، دينها الإسلام ولغتها العربية، أحبّ من أحبّ، وكره من كره". وعادة ما تُثار القضايا المتعلقة بالدين والإيديولوجيا خلال المناسبات الانتخابية في تونس، على غرار ما حدث على مدى سنوات خلال الصراع بين الأحزاب الإسلامية والمنظومة القديمة، والذي تجلى في برامج مرشحي الانتخابات البرلمانية والرئاسية.