أضحت مصاريف البيت اليومية أو ما يطلق عليها في مجتمعنا ب"مصروف الدار" بمثابة عواصف تحوّل العش الذهبي إلى عش شوكي،فعدم توافق النفقات اليومية و مداخيل الزوجين باتت تنشب خلافات بينهما فيصبح البيت بمثابة حلبة للصراع،خاصة في ظل الأسعار الملتهبة التي عرفتها سوق الخضر و الفواكه،و مختلف المواد الغذائية التي بلغت السقف و دفعت بالأزواج و أرباب الأسر إلى الوقوف عاجزين أمام تغطية نفقاتهم اليومية. و أمام هذا العجز و الغلاء يلقي الأزواج كل اللوم على زوجاتهم و يتهمونهم بالتبذير و سوء التسيير،أما البعض الآخر منهم وجد في مساهمة الزوجة ماديا في المصاريف اليومية ضروري كما لو كان واجبا مفروضا عليها،أمام هذا و ذاك يبقى مصروف البيت محور المشاكل بين الأزواج خاصة في الآونة الأخيرة ،ما استدعى يومية "الاتحاد" الوقوف عند هذا الموضوع. من الواقع.. كثيرا ما يلجأ بعض الأزواج إلى خوض رحلة بحث عن سبل و خطط سليمة لتنظيم نفقاتهم الشهرية أو ما يسمى ب"مصروف الدار" تنجيهم من الوقوع في دوامة الديون و "الكريدي" ،و في هذا الصدد تقول "جميلة" أم لثلاثة أبناء متمدرسين أنها في كل مرة تحاول البحث عن خطة محكمة لصرف المبلغ الذي يقدمه لها زوجها في بداية كل شهر،و تضيف أنها تعمل مع مراعاة الأولويات لتجنب الخلافات التي قد تحدث في حالة إخفاق الزوجة في تغطية حاجيات العائلة الشهرية،و تشاطرها الرأي "نبيلة" من بئر خادم التي ترى أن في حالة ما إذا لم تتبع ربات البيوت نظام يلاءم مداخيل أزواجهن سيقعن حتما في أزمات في أواخر أيام الشهر،كثيرات من أمثال نبيلة و جميلة اللاتي يرين أن إتباع خطة محكمة في تسييرها لمصروف البيت الشهري كي تتجنب لوم أزواجهن و الوقوع في عراك معهم. التعاون في حدود.. و لأن المتعارف عليه هو أن الرجل هو المسئول عن النفقة على أولاده و زوجته،تذهب بعض الزوجات إلى القول بأن المرأة تكون بين خيارين إما الإشراك في مصروف البيت أو الإمتناع، تقول "هدى" موظفة إدارية من العاصمة:"المرأة تعاون راجلها حاجة مليحة مي الرجل هو اللي لازم عليه يصرف و لا مقدرش للمسؤولية علاش يتزوج..؟" ،و تضيف أنه من الأفضل أن تكون في آخر الشهر لأن الزوج يكون فيها قريب من الإفلاس،و كذلك بمساعدته بالتخلي عن الكماليات خاصة بما يخص أمورها الشخصية على غرار الألبسة و الماكياج. "أنا مير و أنت مير شكون إيسوق لحمير" أنا مير و أنت مير شكون إيسوق لحمير" هو المثل الشعبي الذي ينطكبق على أولئك الأزواج الذين أضحى مصروف البيت محور المشاكل و الخلافات بينهم،فالزوج يرغب أن تبقى المصاريف في جيبه و يتصرف بها كيف شاء و الزوجة من الجانب الآخر تحسب نفسها الشخص الأجدر لصرف المدخول الشهري لزوجها،و من أمثال هؤلاء الزوجين "محمد" و "آية" التي تقول أن زوجها كان يتصرف في دخله الشهري على كيفه معلقة"يرفهنا يامات و يمزرنا يامات.."،فتحدثت إليه حتى أقنعته بأن يضع أمواله في البيت وفق الميزانية التي حددتها في الصرف، و كانت على حسب قولها تدخل معه في عراكات فقط لأنها كانت تريد أن تبين له أن حياته حين كانة أعزب تختلف عما هو الآن عليه، محاولة العمل بمقولة "الرجل ما تعوديه و الولد ما تعلميه" ،فيما يرفض بعض الأزواج هذا الطرح و يعتبرونه نقص في كرامتهم و يجب أن تكون السلطة بين أيديهم ،و في هذا السياق يقول "عبد الغني" "ويلا ولاو النسا اللي يصرفوا و يقضوا و حنا نروجوا ندخلوا للكوزينة و نطيبو خير" رافضا رفضا مطلقا فكرة تولي الزوجات في المصاريف الشهرية. "زوجي بخيل" شعار بعض النسوة و في كل الأحوال فإن الشجار يدب حول الأمور المادية ،لأن ميزانية الصرف و البيت يتحملها كلا من الزوجين، خاصة عندما يتحول الزوج إلى محاسبا فهو يجيد الحساب و التقتير و التقصير ،و هذا ماجعله يحسب لكل شيء ما يثير غضب معظم الزوجات و في البعض الآخر يفقدن أعصابهن،خاصة إذا كان ذلك الزوج بخيل فمعاناة الزوجة تزيد،و من بين هؤلاء "فريدة" التي تعاني من بخل زوجها "مشحاح بزاف منقدرش ندي منو دورو بلا مانسمع كلمة ماشي مليحة.."و تصرح في حديثها ليومية "الاتحاد" أنها لا تجد مفرا من حساباته فتدخل في كل مرة في شجار قبل أن تتفطن و تعود إلى رشدها محاولة عدم توسيع حدة الخلاف حول الأمور المادية. رقية..يخفي حافظة نقوده عني أما "رقية" من بئر خادم بالعاصمة تقول أنه لا يوجد بينها و بين زوجها ميزانية بالمعنى المتعارف عليه، لأنه ينفق على الأمور الأساسية، و هي من جانبها تنفق كلما يسمح لها راتبها،حتى تصل لمرحلة تضطر فيها للأخذ من جيبه أحيانا ،تعلق "رقية" قائلة:"زوجي أصبح يخفي حافظة نقوده عني..". المصاريف الأساسية على عاتق الزوج فيما تقول "سهيلة" من القبة أنها تلبي جميع طلبات أطفالها ،بينما زوجها يتكفل بمعظم المصاريف الأساسية ،و يدفع شهريا مبلغا للمصاريف التي تشمل رواتب الخدم و المصاريف المدرسية للأطفال، لكنه يغضب عندما يكتشف أنها زادت على المبلغ المحدد ،لأن العائلة في مرحلة بناء منزل خاص بها. و يبدأ الحساب في العشر الأواخر من الشهر عادة ما يبدأ حساب الأزواج في أواخر الشهر خاصة إذا كانت الزوجة لا تملك وظيفة فبمجرد أن يعطيها مصروف الأسبوع الأول من الشهر حتى يبدأ بالقول:كم أنفقت من نقود؟ دون أن يغفل عن أسعار مواد غذائية أو استهلاكية للبيت،و تحديد قيمتها"هذي مشكيتس تسوا هكذا.." ،بينما هي تكون قد صرفت ضعف ذلك المبلغ. مختصون يؤكدون أن الأمور المادية عناوين لمعظم قضايا الطلاق كشف بعض المختصين أن معظم قضايا الطلاق التي ترافع فيها تأتي الأمور المادية و مسائل الإنفاق على المنزل هي السبب ،فالقانون و الشرع يؤكدان على واجب الزوج في الإنفاق و الذي بسببه تتحقق القوامة للرجل ، فحتى لو كانت المرأة غنية فهي غير مجبرة على الإنفاق ،لكن ظروف الحياة المعاصرة و الصعبة أوجبت عليها إذا كانت تعمل أن تساهم في مصاريف البيت.