نساء عاملات يرفضن تكشف أزواجهن على رصيدهن البريدي « رجاء هل من طريقة لمنع إرسال كشوف رصيدي البريدي إلى منزلي « كلمات تسللت إلى أذني و أنا في أحد المراكز البريدية بولاية برج بوعريريج ، رددتها امرأة في العقد الثالث من عمرها لأحد الأعوان المكلفين بالدفع ، لم تكن أذني متجسسة بل كانت كغيرها من الأذان صاغية لشكوى بصوت مرتفع من امرأة تبحث عن مخرج ذكي لتسلط زوجها في حرمانها من راتبها الشهري و الاستيلاء عليه ، قالت أنها كانت مجبرة في الكثير من الأحيان على منح راتبها الشهري لزوجها الذي يصر دائما على ترصد موعد دخول الراتب و الإطلاع عليه من خلال كشوفات الرصيد التي تصل بشكل دوري في رسائل إلى عنوان منزلها العائلي ، و ذلك حفاظا منها على عش الزوجية و استسلاما لنزعة زوجها السلطوية و خوفا من تعكر العلاقة بينهما ، بدت و كأنها في حيرة من أمرها فحاولت إقناع مسؤول المركز البريدي بتعطيل إرسال كشوف الراتب الشهري . هي حالة استوقفتنا و كانت بداية لاكتشاف عديد الحالات التي تنامت بشكل كبير هذه الأيام خاصة مع صرف مخلفات الزيادات في الأجور التي تجاوزت عشرات الملايين ، أين يصر بعض الرجال وسط مجتمعنا على حق التصرف في كل كبيرة و صغيرة تتعلق بزوجاتهم ، تحت غطاء عديد المسميات و الحجج المستمدة من الذهنية الأبوية التي تتسم بالتسلط ، في شكل هذه الزوجة التي ضاقت ذرعا من تصرفات زوجها في حرمانها من راتبها الشهري . و فيما صادفتنا بعض الحالات للتعاون الأسري بين الزوج و الزوجة في توفير حاجياتهم و العيش في كنف الاتفاق و التفاهم ، فيما يخص طرق الإنفاق و تربية الأولاد و التصرف في مرتباتهم ، لقينا تأييدا كبيرا من طرف أغلبية النساء اللواتي إلتقينا بهن ، حيث منهن من ترى أن الزواج يمثل لجاما لحرية المرأة في كنف العيش وسط مجتمع يعطي الحق للزوج في الانفراد بالتصرف ، فتكون بذلك الزوجة مضطرة للرضوخ إلى أوامره و التقيد بها حتى و لو تطلب الأمر منها السماح في كل ما تملكه حفاظا على الاستقرار ، و تقيدا كذلك بتقاليد المجتمع لسريان ظاهرة التمييز الأسري بين الرجل و المرأة لدى الكثير من العائلات أين يكون للأب سلطة معنوية تخول له التصرف بكل حرية بعيدا عن التحاور و التفاهم ، و تتعداها في أحيان كثيرة إلى اعتماده لأسلوب التعالي و عدم تقبل النقد حتى و إن كان مخطئا ، و هذا لا ينفي وجود حالات عكسية أين يتحول الزوج إلى لعبة في يد زوجته المتسلطة و يكون مصيره مثل مصير الكثير من الزوجات العاملات اللائي يعانين من مشكل الاستيلاء على مرتباتهن . المشرع أغفل جرم السرقة بين الأزواج و قصد الإحاطة بهذه الظاهرة و دوافعها حاولنا التوغل أكثر في مسبباتها و انعكاساتها على الحياة الزوجية و مدى تأثيرها على نفسية الزوجة ، من خلال الاتصال بمحامين و إماطة اللثام عن بعض الحالات ، فكانت الآراء مختلفة وسط تساؤلات عديدة عن مدى تفشي الظاهرة و تفضيل الأزواج للنساء العاملات ، فمنهم من حصر الإشكال في استغلال الرجل لضعف زوجته من جهة و مساومتها بين التقيد لأوامره آو توقيفها عن العمل من جهة أخرى ، في وقت تصر الزوجات على العمل بحثا عن الحرية المفقودة وسط جدران المنزل و ما يترتب عنها من انعزال عن محيطها الخارجي في حال عصيانها لأوامر زوجها ، فيما أكد محامون على وصول بعض الحالات إلى أروقة المحاكم في وجه من أوجه المعيقات التي تهدد التماسك الأسري أمام إغفال المشرع لجرم السرقة بين الأزواج مثلما هو الحال بالنسبة للأصول ، و عادة ما تنتهي هذه الحالات بالطلاق آو الخلع ، فيما يؤكد آخرون أن هذه الأمور يمكن الاتفاق عليها مسبقا في عقد الزواج ، فضلا عن قانون الأسرة الأخير الذي كفل حقوق إضافية للزوجة . بطالون يفضلون الزوجة العاملة للتصرف في مرتبها تنامت في السنوات الأخيرة ظاهرة تفضيل الشباب للزواج من النساء العاملات في ظل غلاء المعيشة و تفشي البطالة بين شرائح فئة الشباب ، لعدة اعتبارات تتعلق في مجملها في توفير مصدر دخل إضافي لتحقيق الاكتفاء الأسري ، فيرى معظم الأزواج الذين التقينا بهم أن اختيار الزوجة العاملة ليس عيبا ، بل هو أمر محبب لشباب الجيل الحالي ، شريطة أن تتسم العلاقة بين الزوجين بحيز من التفاهم و التحاور في الشق المتعلق بتدبير أمور المنزل و تربية الأبناء ، في وقت أصبح الاعتماد على دخل وحيد غير كاف لتلبية جميع حاجيات المنزل ، و هو الرأي الذي تمسكت به فتاة حديثة الزواج حيث قالت أن مرتبها يخصص لتجهيز منزلهم الحديث بالأثاث اللازم في وقت يتكفل زوجها بتدبير أمور المنزل من أكل و ملبس و تخليص لفواتير الكهرباء و الماء . و على النقيض من ذلك قالت « أمينة « عاملة بمدرسة خاصة ، أن تصرف زوجها في مرتبها دفعها إلى طلب الخلع ، و تعيش حاليا مع أبنائها في غرفة واحدة بمنزل والدها ، حيث تجتهد في ترتيب وقتها بين ساعات العمل و التكفل بأبنائها بعد أن تخلت عن زوجها الذي وصفته « بالمتسلط « ، و قالت أن قضيتها لازالت في أروقة المحاكم رغم مرور أزيد من عشر سنوات عن طلاقها ، لرفض زوجها تسديد النفقات المترتبة عليه ، بعدما فقد منصب عمله . حالة أخرى سردها علينا مسؤول بمركز بريدي لعلاقة زوجية كان مصيرها الطلاق لذات الغرض ، بين معلمين اتسمت علاقتهما في السنوات الأولى بالتفاهم ، قبل أن تنقلب رأسا على عقب ، حيث كان الزوج يتصرف في مرتب زوجته و يقوم بسحبه بكل بساطة من المركز البريدي مستغلا علاقته الوطيدة بأحد أعوان الدفع و هذا على مدار عامين كاملين ، قبل أن تتقدم الزوجة لطلب كشف الرصيد طيلة هذه المدة لاستعمالها كحجة أمام هيئة المحكمة رغم عدم تقدمها بأي شكوى من قبل . مثل هذه القصص تكررت لدى العديد من النساء اللائي فضلن الاستمرار في الرضوخ لأزواجهن ، هروبا من الوقوع في المشاكل و ما قد ينجر من توتر للعلاقة الزوجية في حال المطالبة في حق التصرف بمرتباتهن ، فمنهن من وصفن التطرق للموضوع بمثابة النافذة التي قد تدفع الأزواج للتفطن لهذه التصرفات التي تضر بالعلاقات الزوجية ، في ظل تسترهن عن البوح بها لأزواجهن مباشرة خوفا من انعكاساتها في ظل هيمنة السلطة الأبوية للزوج . كشف مثل هذه الحالات لم يكن سهلا حتى من طرف المحامين حفاظا على أسرار العائلات و تجنبا للنظرة الدونية من قبل المجتمع لمثل هذه التصرفات رغم تغلغلها وسط الأسر الجزائرية ، مع تأكيدهم على معالجة عديد القضايا المشابهة ، و محاولتهم الوصول إلى حلول مرضية بين الطرفين تجنبا للطلاق ، في وقت لا يعاقب فيه القانون الزوج ولا الزوجة و تبقى مثل هذه القضايا لا تستند بنظرهم إلى دعامة و قاعدة في ظل افتقار المنظومة القانونية لجرم السرقة و التسلط بين الزوجين . التجارب السابقة تدفع الزوجات إلى اختيار رفيق العمر قبل الوقوع في الخطأ تسجيل مثل هذه القضايا و تناميها في المجتمع الجزائري ، دفع بالعديد من الفتيات إلى التريث في اختيار الزوج المناسب و أخذ الحيطة استنادا إلى تجارب سابقة لأمهاتهن و قريباتهن . و هو حال « علجية « التي تشتغل موظفة بإحدى الإدارات ، حيث قالت أن علاقاتها بزوجها سمن على عسل و لم تطرأ بينهما أي مشاكل من هذا القبيل في ظل تفهم زوجها ، ما أعطى لهما حرية في تدبير أمور المنزل وسط أجواء يسودها التفاهم حول كل كبيرة و صغيرة ، لكنها استدركت بالقول أن الزواج يعد بمثابة فتح باب جديد في الحياة ، لذا اتخذت الكثير من الحيطة في اختيار الزوج المناسب بعد وقوفها على معاناة والدتها و تجارب أخرى لصديقاتها ، و أضافت أنها على علم بعديد الحالات المشابهة ، أين تفطنت العديد من الزوجات بحكم التجربة إلى إبقاء عنوان بريدهن بعد زواجهن ببيوت الأهل تجنبا لوقوعهن تحت رقابة الأزواج و بالتالي عدم منحهم الفرصة للتعرف على رصيدهم البريدي شبان يرفضون الأعمال الشاقة و يترصدون مرتبات زوجاتهن يبقى مشكل البطالة يعصف بشريحة هامة من الشباب ، بحكم انعدام فرص الشغل و تفضيل العديد منهم شغل مناصب مريحة رغم تدني مستواهم الدراسي ، مثل العمل كأعوان أمن و حراسة آو السياقة في الشركات العمومية و الخاصة ، و هروبهم من الأعمال الشاقة مثل أشغال البناء و الفلاحة ، ما يجعلهم في حيرة في إعالة أسرهم آو حتى توفير مصروفهم الشخصي ، و عادة ما يختارون اللجوء إلى الزواج بالنساء العاملات كتدبير لتجاوز ظروف البطالة و انعدام المدخول و بمرور الوقت و بعد إنجاب الأولاد تقع الزوجة تحت ضغط المحافظة على تماسك أسرتها مع تمسك الزوج بالعصمة لتكون بذلك ضحية للرضوخ إلى مطالبه بالتصرف في راتبها ، و يتعدى الأمر في بعض الحالات إلى مطالبتها بمنحه الكفالة لتمكنه من التصرف بصفة مطلقة براتبها الشهري . للزوج الحق في سحب 10 ألاف دينار من رصيد زوجته هذا و حسب القوانين المسيرة لقطاع البريد في الجزائر، فان للزوج الحق في سحب مقدار من المال من رصيد زوجته قدره 10 ألاف دينار شريطة استحضاره للدفتر العائلي لإثبات الزواج و الصك البريدي لزوجته و بطاقة هويتها ، و نفس الحال ينطبق على الزوجة . أما الحالات الأخرى فتستوجب موافقة الطرفين ، و يمنع على أعوان الدفع بالمراكز البريدية دفع أزيد من هذا المبلغ إلا بموافقة المعني ، أما عن إرسال كشوفات الرصيد فتتم بصفة ممركزة و دورية من البريد المركزي ، و لا يمكن توقيفها إلا بطلب من المعني ما يجبر أعوان الدفع إلى اعتماد الطرق الكلاسيكية آو ما يعرف بتسمية « الكارطونة « في عمليات السحب التي تستوجب حضور صاحب الرصيد شخصيا في حال الإطلاع على الرصيد و كذا السحب .