وسط احتمال بإعلان وشيك عن نقل مقر الحكومة الانتقالية والمؤتمر الوطني العام (البرلمان) إلى المنطقة الشرقية في ليبيا، عمقت أمس المحكمة الدستورية العليا الليبية من الأزمة السياسية والقانونية لحكومة رئيس الوزراء الجديد أحمد معيتيق بعدما رأى مكتب الادعاء في المحكمة خلال جلسة عقدتها أمس، أن انتخاب معيتيق رئيسا للوزراء يمثل انتهاكا للدستور الليبي المؤقت. وأفادت مصادر رسمية في المحكمة العليا أمس أنها «حجزت القضية إلى يوم الاثنين المقبل للنطق بالحكم»، والبت في شرعية انتخاب معيتيق.ويأتي ذلك بالتزامن مع ظهور عبد الله الثني رئيس الحكومة الانتقالية في مدينة بنغازي أمس، بشكل مفاجئ، وسط معلومات عن اجتماعه سرا للمرة الأولى مع اللواء السابق بالجيش الليبي خليفة حفتر الذي يخوض معارك عسكرية ضد المتطرفين في ليبيا. وقالت مصادر ليبية مطلعة إن «الثني اجتمع على ما يبدو مع حفتر في تطور دراماتيكي مفاجئ، من شأنه أن يغير الكثير من المعادلة السياسية والعسكرية في البلاد»، علما بأن الثني عندما كان وزيرا للدفاع في حكومة رئيس الوزراء المقال علي زيدان، ندد بمحاولة حفتر تدبير انقلاب عسكري والسيطرة على السلطة بالقوة.وتتواتر تلك الأنباء بعد مرور ساعات على نجاة حفتر من محاولة اغتيال إثر هجوم بسيارة مفخخة استهدف مقر إقامته بالقرب من مدينة بنغازي أول من أمس. وكشفت المصادر التي تحدثت ل«الشرق الأوسط» مشترطة تجنب تعريفها، النقاب عن أن الاجتماع السري بين الثني وحفتر جرى وسط إجراءات أمنية مشددة، مشيرة إلى أن قوات من الصاعقة ومشاة البحرية طوقت منطقة جليانة القريبة من وسط مدينة بنغازي لتأمين زيارة الثني.وتوقعت المصادر الليبية أن يعلن الثني عن اتخاذ مقر جديد لحكومته في المنطقة الشرقية، بعد سيطرة معيتيق على المقر الرئيسي للحكومة بالعاصمة طرابلس. وعقد الثني أمس اجتماعا مع أعضاء المجلس البلدي ومؤسسات المجتمع المدني وأعيان مدينة بنغازي، التي وصلها قادما من مدينة المرج، حيث يقال: إنه اجتمع بشكل مغلق مع اللواء حفتر وتناولا طعام الغداء.وتأتي هذه التطورات غير المتوقعة فيما انتقل معظم أعضاء حكومة الثني مع بعض أعضاء المؤتمر الوطني إلى مدينة البيضاء، المقر السابق للبرلمان في عهد الملكية الليبية. وإضافة إلى الإعلان المرتقب عن نقل الحكومة من طرابلس إلى بنغازي، يسعى عز الدين العوامي، النائب الأول لرئيس المؤتمر الوطني، إلى نقل مقر المؤتمر إلى مدينة البيضاء في تحد لقرارات المؤتمر الوطني باعتماد انتخاب معيتيق، الذي شككت المحكمة الدستورية العليا أمس في صحته.لكن عمر الترهوني، أحد مستشاري معيتيق وأمين سر مجلس الوزراء الليبي، قال في المقابل ل«الشرق الأوسط»، إن «الجلسة كانت مخصصة لتداول القضية دون أن تصدر المحكمة الدستورية حكما نهائيا بشأنها». وقال الترهوني في تصريحات خاصة عبر الهاتف من العاصمة الليبية طرابلس: «ليس صحيحا أن المحكمة قضت ببطلان انتخاب معيتيق. ما تنقله بعض وسائل الإعلام في هذا الصدد غير حقيقي، لا زلنا ننتظر الحكم النهائي للمحكمة، ونحن متفائلون».وعقدت أمس الدائرة الدستورية للمحكمة العليا جلسة في العاصمة طرابلس للنظر في الطعن المقدم من بعض أعضاء المؤتمر ضد انتخاب حكومة معيتيق، حيث قررت تأجيل إصدار حكمها النهائي إلى الاثنين المقبل بعدما قدمت نيابة النقض مذكرة برأيها، خلصت فيها إلى أن إجراءات انتخاب حكومة معيتيق شابها البطلان ومخالفة للائحة الداخلية للمؤتمر الوطني.كما عدت النيابة أن ترؤس صالح المخزوم، النائب الثاني لرئيس المؤتمر، لجلسة انتخاب معيتيق جرى بطريقة غير قانونية، لأنه لا يوجد مانع يعوق دون ترؤس عز الدين العوامي، النائب الأول، للجلسة. لافتة إلى أن «توقيع نوري أبو سهمين، رئيس المؤتمر، على انتخاب معيتيق غير جائز لأنه لم يحضر الجلسة ولم يترأسها». ورغم أن رأي نيابة النقض ليس ملزما للمحكمة؛ لكنه غالبا ما يكون متفقا مع حكم المحكمة التي لم تصدر حكمها بعد.