من المبادئ الأساسية في الإسلام الابتعاد عن كل ما هو ضار بصحة الإنسان، فالشخص المؤمن والملتزم بشريعة الله لا يمكن أن يقدم أذية نفسه وعلى أسرته، إلا أنه ورغم تعاليم الدين الواضحة فقد بلغ الإنسان درجة لا توصف من البغي و الإفراط والانهيار خاصة في ما يتعلق بالإدمان على المخدرات إذ صار يتعاطاها بشراهة، إما عن طريق الحقن أو التدخين، ونظرا لغلاء أسعار المخدرات نجد بعض المدمنين يلجؤون إلى استنشاق مواد غريبة من مشتقات البترول وسوائل حارقة، و لاصقات الغراء "الباتكس" والديليون" و تتبع عوادم شكمان السيارات، ما يجعل منهم مدمنين من درجة أولى تتجلى ليتحولوا من آدميين كانوا يعيشون حياة هادئة إلى جثث متحركة، بلا هدف و بلا أمل، تنتظر النجاة أو الخلاص!. المخدرات من أخطر الآفات التي تعاني منها المجتمعات في كل العالم فلا تخلو دولة من هذا السم الذي فتك بالعديد من أبنائنا من مختلف الفئات العمرية، ذكورا وإناث، لتصبح أكبر تهديد للعالم، وتتزايد احتمالات تعاطي هذه المؤثرات عند الفرد كلما ضعف الوازع الديني وزاد التفكك الأسري.. فالشعور بالفراغ وتأثير الأصدقاء وتوفر المال ووقت الفراغ وحب الاستطلاع لمعرفة تأثيرها، والهروب من الواقع المعاش أسباب لتفشي هذا الميكروب بحيث يلجأ إليه الشخص ليحصل على شعور إيجابي، والابتعاد عن المشاعر التي لا يرغب في تذكرها، والابتعاد عن مشكلات الحياة اليومية، ولكي يزيل التوتر والقلق، والتقليل من المشاعر غير المرغوب فيها، ولكنه يتناسى أضرارها التي تكون خطرا على نفسه وأسرته، وعلى كيان الدولة السياسي والاقتصادي والأمن الاجتماعي.يوم 26 جوان من كل عام هو اليوم العالمي لمكافحة تعاطي والاتجار بالمخدرات حسب الإستراتيجية العامة الموضوعة من قبل الأممالمتحدة لأحياء هذا اليوم، وذلك للفت انتباه المجتمع وتوعية أفراده بمخاطرها.. ولتسليط الأضواء على هذه الآفة الاجتماعية، أخذت الاتحاد تصاريح من مواطنين أدلوا بآرائهم في ما يتعلق بظاهرة تناول المخدرات بصفة عامة، انطلاقا من بيعها إلى استهلاكها، والأضرار التي تخلفها وكذا دور السلطات وجمعيات المجتمع المدني والأطباء في محاربتها والقضاء عليها... على الجامعة أن تكون منبرا للتوعية البداية كانت مع الزبير موظف من وهران الذي أكد أن هذه الأفعى السامة تزحف من الحدود المغربي ورغم المجهودات المبذولة من طرف السلطات المعنية إلا أنها تجد سبيلا للدخول إلى البلاد.. وازداد انتشارها في الآونة الأخيرة بين طلاب الجامعات وأصبحت بيئة للإدمان. ويسترسل كلامه قائلا: "من المفترض أن تكون الجامعة منبرا للمعرفة التي يعتمد عليها في التغيرات السياسية والاجتماعية والثقافية، ونتيجة لغياب التوعية والإرشاد والأنشطة الثقافية للطلاب الذين يعدون أهم شرائح المجتمع وبعد تغير السياسة التعليمية، أصبح الطلاب صغارا في السن، فهم أكثر عرضة للتأثيرات الخارجية"..وتقول نهلة طالبة جامعية: علينا أن نأخذ مخاطر هذه الآفة بعين الاعتبار من خلال توعية الشباب بالأضرار الناجمة من هذه الظاهرة الخطيرة واخذ كل الاحتياطات اللازمة والتصدي لمهربيها وعدم ترك الفرصة لهم لتهريبها إلى داخل البلاد، وفرض عقوبات صارمة لكل من يتاجر بها في بلادنا، خاصة أولئك الذين يريدون تشويه سمعة الجزائر.. العولمة ساهمت في انتشار الإجرام الدولي أما مفوض الشرطة س. غ فقال: أصبحت آفة المخدرات تهدد جميع دول العالم بدون استثناء وذلك بعد تطور وسائل الاتصال والتنقل والسفر والعولمة وانتشار بعض المؤسسات والشركات العبارة للقارات التي تنتشر في جميع دول العالم حيث نتج عن ذلك سهولة الاتصال بين عصابات المخدرات مما أدى إلى انتشار الإجرام الدولي بصوره لم يعرفها المجتمع الدولي من قبل كما قامت بعض العصابات الدولية بتصنيع أنواع خطيرة من المخدرات تعرض حياة كل من يتعاطها للخطر مما أدى إلى تهديد للصحة العامة للمجتمع الدولي بأسره. "طاعون" العصر الحديث يفتك بملايين الأرواح وعن المضار النفسية والاجتماعية التي يخلفها هذا الطاعون يقول الدكتور سمير غياظ مرشد نفسي واجتماعي: في العصر الحديث تعتبر المخدرات من أصعب المشاكل النفسية والاجتماعية التي يواجهها المجتمع والعالم و المشكلة في مختلف الطبقات الاجتماعية ومختلف الأعمار وإن كان أكثر في مرحلة المراهقة والشاب وهي المرحلة التي تعتمد عليها الدولة في إنتاج أبنائها، وتشتمل المخدرات على مادة مسكرة طبيعية أو مستحضرة كيميائيا يؤدي تعاطيها إلى حالة تخدير كلي أو جزئي مع تشوش الوعي، ومن الأسباب المؤدية إلى تعاطي المخدرات، ولحد الساعة لا زالت تغرس وتنتج وتزايدت أنواع المخدرات الطبيعية والصناعية المدمرة والقاتلة وذات السعر الباهظ والمكلف جدا مثل الهيروين والكوكايين وحبوب المهدئة والمنشطة التي يستخدمها الشباب دون أي رادع فعال، ما يؤدي بالفرد المدمن إلى السرقة والقتل والاغتصاب والنزاع الأسري، في سبيل اقتنائها.. الوقاية خير من العلاج فيقظة الأمن لا تكفي وحدها ويسترسل الدكتور قائلا: تتغلغل هذه الآفة في المجتمعات ذات الطبيعة الهشة، وتكون عرضة أكثر من غيرها لاستفحال هكذا ظواهر شاذة، والسبب أن المخدرات بالأساس، مثلها مثل "البكتريا" الموجودة في الجو، لن تصيب إلا الأبدان الضعيفة والفاقدة لجهاز المناعة، فربما مرض بسيط يعرض صاحبه إلى حالات ومضاعفات خطيرة تؤدي به أحيانا إلى الموت. ولا شك أن للأصدقاء والأصحاب دورا كبيرا في التأثير على اتجاه الفرد نحو تعاطي المخدرات، ولكي نحمي مجتمعنا من هذه المعضلة يجب على الدولة محاربتها من جذورها بالقضاء على البطالة وإتاحة فرص عمل للشباب حديثي التخرج، وتصحيح الأخطاء الشائعة عن دور المخدرات في تخلص الفرد من مشاكله واستخدامها كوسيلة لتطبيب ذاته والهروب من المشاكل، وعلينا نحن كأطباء تصحيح بعض المفاهيم الخاصة بفكرة الإدمان يقوى الناحية الجنسية والتأكيد على أنه يعمل على خفض الرغبة، أما الوقاية فهي مسؤولية المجتمع.. فيقظة الأمن لا تكفي وحدها. "ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة" يقول الله تعالى في كتابه الكريم: "ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة"، ويقول شيخ الإسلام إبن تيميه : "أن الحشيشة تورث مهانة آكلها ودناءة نفسه وانفتاح شهوته ما لا يورثه الخمر ففيها من المفاسد ما ليس في الخمر، وإن كان في الخمر مفسدة ليست فيها وهي الحدة" فهي بالتحريم أولى لأن ضرر آكل الحشيش على نفسه أشد من ضرر الخمر على الناس وحرمها الله لأنها تضر أصحابها، و المخدرات مسكرة ولو لم يشملها لفظ بعينها، وقد أخرج أبو داود وأحمد عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( نهى عن كل مسكر ومفتر ) وقيل المفتر الذي يحدث في الجسم فتورا وتراخيا وضعفا. والمعروف أن جميع المخدرات تحدث هذه الأضرار في الجسم، ويقول الإمام المحق إبن القيم : ( أن الخمر يدخل فيها كل مسكر مائعا كان أو جامدا أو عصيرا أو مطبوخا فيدخل فيها الحشيش والأفيون لأن كله خمر... حجز حوالي 200 طن من المخدرات في الجزائر خلال سنة بلغت الكمية المحجوزة من المخدرات في الجزائر خلال السنة المنصرمة 2013 حوالي 200 طن سنة 2013 منها 4ر63 طنا حققتها مصالح الجمارك الجزائرية، وتتمثل هاته الكبيرة في الكيف المعالج القادم من المغرب الذي يعتبر أول منتج للقنب الهندي في العالم حسب آخر تقرير لمرصد الأممالمتحدة حول المخدرات و الجريمة. و قد بلغ عدد الأشخاص المتورطين في تهريب المخدرات و الأقراص المهلوسة 96 مهربا فيما بلغت الغرامات التي ينبغي عليهم تحملها 27 مليار دج.