يعتبر إدمان المخدرات أو الخمر من بين الأفات التي كانت تهدد في وقت سابق الشباب، لكنها قد إنتشرت بالمؤسسات التربوية ومست بنات حواء بشكل كبير حيث أن الإحصائيات كشفت أن أغلب القضايا المتداولة بالمحاكم الخاصة بترويج المخدرات يتورط فيها الجنس اللطيف، إضافة أن أغلب الجرائم البشعة يرتكبها الشباب المدمنون. أصبح الإدمان من بين الظواهر الخطيرة التي باتت تهدد كيان مجتمعنا، أمام الإنتشار العشوائي لمروجي المخدرات والخمر من الشباب الذين وقعوا بفخ تجارتها ولم يستطيعوا التخلص منها كونهم لم يجدوا بديلا للخروج من شبح البطالة سوى ببيع تلك السموم بكافة الطرق، حيث دقت تلك الآفة أبواب الثانويات والجامعات ومست البراءة بالإبتدائيات، في المقابل فإن الإحصائيات قد كشفت أن أكثر من 5 بالمئة من بنات حواء بتن مهددات بشبح الإدمان، إضافة إلى أن ألاف الشباب باتوا غارقين في إدمان الخمر والمخدرات، كما أصبحت صاحبات الأيادي الناعمة من بين مروجاتها فبالرغم من المخاطر الصحية التي قد تصل للإصابة بأمراض، معدية خطيرة إلا أن نسبة المدمنين على المخدرات لاتزال في إرتفاع من كلا الجنسين أمام غياب الوعي والحملات التحسيسية الكفيلة بتوعية الشباب بمخاطرها فكثيرا ما يرتكب المدمنون جرائمهم من سرقة وقتل وهم غائبون عن الوعي تحت تأثير المخدرات، كما أن الحصول عليها يتطلب أموالا باهضة مما يدفع بالمدمن البطال للحصول عليها الإعتداء على الغير، فكثيرا ما نسمع عن شاب مدمن يقتل صديقه أو أحد أفراد أسرته تحت تأثير المخدرات، فيضيع مستقبله مسجونا خلف القضبان في المقابل فإن كثير من الأحياء الشعبية على غرار باب الوادي وباش جراح، باتت وكرا لبيع المخدرات والخمور ومسرحا لشجار المدمنين بالسيوف والأسلحة البيضاء، هذا ما دفعنا للقيام بجولة إلى باش جراح، حيث علمنا من سكانها أن أغلب شباب المنطقة يتخبطون في شبح الإدمان كما يبيعونها بشكل عادي بالطرقات والأسواق من دون رقابة أو متابعات قانونية، وقد لاحظنا أن المواد المخدرة باتت تباع بشكل عادي على إختلاف أنواعها حيث يصل حجم القرص المخدر أو قطعة صغيرة من القنب الهندي، حسب التجارالمعروفين بالمنطقة إلى 4000 دينار لتتجاوز الأنواع الأخرى ال150000 كما أكدوا لنا أن أغلب زبائنهم من الشباب الميسورين يقصدون هذا المكان لشراء طلباتهم من المواد المخدرة، بينما محدودو الدخل يفضلون شراء الاقراص المهلوسة الرخيصة الثمن من الحبات المخدرة الحمراء، أو لف السجائر بالحشيش لكن يبقى السؤال المطروح من أين يجلب هؤلاء الشباب البسطاء تلك السموم؟ لنجد إجابة على هذا السؤال الذي يظل غامضا تجولنا بحذر بتلك المنطقة المعروفة بتجارة المخدرات من دون أن نكشف عن هويتنا وكأننا من الزبائن، حيث تأكدنا من بعض بائعي تلك السموم أن هناك من الجنس اللطيف من يتاجرن بالمواد المخدرة في منازلهن، حيث كانت وجهتنا الأولى لبيت إحدى التاجرات المعروفات بباش جراح، وقد طرقنا بابها لنطلب منها شراء إحدى المواد المهلوسة وقد تفاجأنا لتواجد أنواع مختلفة من المخدرات التي كانت تعرضها علينا من الكوكايين والحبوب الحمراء، إضافة إلى المريخوانا حيث تقدر أسعارها بين 4000 إلى 200000 دينار، كما إستغربنا لتواجد عدد لايستهان به من الشابات اللواتي يقصدن منزلها لتعاطي المخدرات، كما كشف لنا أبناء حيها أنها سجنت لعدة سنوات بقضية ترويج المخدرات إلا أنها مازالت تزاول نشاطها في الخفاء. وجهتنا الأخيرة قادتنا إلى الأحياء الشعبية المتواجدة بباب الوادي، حيث لاحظنا أن بائعي المواد المخدرة ينتشرون بشكل كبير في الأسواق، وقد تفاجأنا أنهم يبيعون المواد المخدرة لزبائنهم في الخفاء، كما شاهدنا شبابا أخرين يلفون السجائر بالحشيش، وقد علمنا من بعض البائعين بساحة الشهداء أن أغلب الشباب البطالين باتوا يتاجرون في الحبوب كالحمراء والماريخوانا إضافة للحشيش، -وحسب قولهم- فإن أغلبهم بات لا يستطيع الاستغناء عن إدمانها أو المتاجرة بها حيث أرجعوا السبب إلى تخبطهم في البطالة وعدم إيجادهم بديلا أخر لكسب لقمة العيش، في حين صرح لنا أخرون أن أغلبهم يحاولون نسيان مشاكلهم الإجتماعية بتعاطي المخدرات. المخدرات تغزو الثانويات والإبتدائيات ولم تقتصر أفة إدمان المخدرات أو الخمر على الجنس الخشن فقط بل مست بشكل كبير الجنس اللطيف بكافة الفئات سواء من المثقفات أو غيرهن، حيث كشفت الإحصائيات أن ما يفوق 5 بالمئة من الجزائريات بتن مهددات بإدمان المخدرات، كما كشفت دراسات أن 5.8 بالمئة من الطالبات مهددات بإدمان المخدرات والخمر بمختلف أنواعها، حيث كشفنا من خلال الجولة الميدانية التي قمنا بها في بعض الجامعات أن بعض الطالبات بتن يوزعن تلك السموم داخل الإقامات الجامعية ويتناولن الخمور وحتى الأقراص المهلوسة خلف جدران الحرم الجامعي والمؤسسات التربوية، إضافة أننا علمنا أن اختلاطهم بالشباب كان سببا في إدمانهم للفائف السجائر المحشوة بالحشيش أو الأقراص المهلوسة أو إختلاطهم برفيقات السوء، لكن ما تفاجأنا له أن بعض طالبات الثانويات بتن من أكثر المدمنات على المخدرات، حيث علمنا من إحدى الطالبات بثانوية “ع .د” أنها تفاجأت بعد دخولها لمرحاض المؤسسة التربوية لترى أن صديقاتها في القسم يقمن بشم بودرة بيضاء كما تعجبت أنهن يجدن لف السيجارة بالحشيش كالشباب، كماأكدت لنا أنهما حاولتا إقناعها بتناول تلك السجائر لما لها من قدرة على تخليصهن من مشاكلهن العائلية، لكن “سليمة” سألتهما من أين حصلتا على تلك السموم وقد علمت أنهما تحصلان عليها من أصدقائهما الشباب. كما تحكي لنا إحدى الأمهات بمرارة عن حادثة وفاة إبنها الذي لم يتجاوز ال12سنة والذي كان إختلاطه بأبناء الحي من المنحرفين سببا في إدمانه للمخدرات الذي أدت -حسبها- لوفاته، حيث تروي لنا قصة فقدانها لفلذة كبدها فتقول “لم أتمكن من تصديق حادثة وفاة إبني بتلك السرعة، ولم أكتشف أن إدمانه لأقوى أنواع الكحول المسمى “باستيس” كان سببا في وفاته إلا بعد إطلاعي على تقرير الطبيب الشرعي، ولم أكن أتوقع يوما أن أصدقاءه سيأثرون عليه ويدفعونه لإدمان الخمر”. ولا تختلف معاناة أمهات أخريات كمنيرة، التي أكدت لنا أنها فقدت إبنهاالذي لم يتجاوز ال18سنة بعد إدمانه لجرعة زائدة من المخدرات المعروفة “بالكولا “، كما أضافت أنها لم تستطع إكتشاف مأساة إدمانه للسموم إلى بعد فوات الأوان، لتجده جثة هامدة بسرير غرفته وكيس “الكولا” بيده، وحسب قولها فإن الطبيب الشرعي أثبت أن سبب الوفاة هبوط حاد بالدورة الدموية. جرائم يرتكبها الشباب تحت تأثير المخدرات لطالما عرفت باش جراح وباب الوادي، بالجرائم الدموية وحوادث الإعتداءات التي يرتكبها شباب المنطقة وهم تحت تأثير السموم، نظرا لتخبط نسبة كبيرة منهم بشبح إدمان المخدرات والخمر، حيث أن كثيرين يرتكبون جرائم تتنوع بين السرقة والإغتصاب إضافة إلى الضرب بأسلحة بيضاء، فتتحول تلك الأحياء إلى مسارح لجرائم القتل الناتجة عن إرتكاب الشباب لأفعالهم العنيفة والحوادث المخيفة التي تحدث في أغلب الأحياء الشعبية، من قبل المدمنين الذين يثار غضبهم لأتفه الأسباب فيرتكبون أبشع الجرائم وهم فاقدون للوعي تحت تأثير تلك السموم، حيث أخبرنا سكان باب الوادي أنهم كثيرا ما يستيقظون على أصوات الشجارات العنيفة التي تزهق بها أرواح الشباب المدمنين الذين تكون أغلب تصرفاتهم مبنية على العنف والعداوة، ويكون الدافع ورائها هو الشجار على تلك السموم، حيث أن كثيرا من القضايا التي تتداولها المحاكم يكون أغلب المتورطين فيها من المدمنين الذين يرتكبون أبشع الجرائم وهم تحت تاثير تلك السموم، حيث عرفت أغلب المحاكم قضايا يقتل فيها الشباب المدمنون أصدقاءهم أو أشقاءهم وهم تحت تأثير المخدرات، فيضيّعون شبابهم خلف القضبان. كما يتورط المراهقون المدمنون على المخدرات في قضايا سرقة إضافة إلى إعتداء على الغير بالضرب المبرح عند نشوب الشجارات بإستعمال الأسلحة البيضاء، في لحظة طيش وغفلة منهم وهم في عالم أخر غارقين في اللاوعي. ومن بين أبشع الجرائم التي يرتكبها الإخوة أو الأزواج المدمنون بمنازلهم هي حوادث الضرب المرتكبة ضد أقاربهم، حيث عرف مجلس قضاء العاصمة قضايا لأشقاء يقتلون إخوتهم وهم تحت تأثير تلك السموم، وأزواج يتخلصون من زوجاتهم بأبشع الطرق بدافع الرغبة في الإستيلاء على أموالهم لشراء تلك السموم، كما عرفت بعض المحاكم قضايا زنا المحارم التي تفاقمت بشكل كبير بمجتمعنا، حيث شهدت محكمة سيدي أمحمد قضية لشاب قام بوضع قرص مهلوس لزوجة أبيه وقام بإرتكاب الفعل المخل بالحياء برفقتها وهو تحت تأثير المخدرات، وقضية لشاب أخر قام بالتحرش بوالدته وهو تحت تأثير المخدرات بعدما تعمد خداعها وقام بوضع المخدر بالمشروب الذي قدمه لها.
إرتفاع محسوس لتجارة المخدرات بالجزائر في 2012 فالحبوب الحمراء والريخوانا والحشيش على إختلاف أشكالها وتسمياتها، كالزطلة والشيرة تعتبر من أكثر الأنواع إنتشارا بالجزائر، كونها أصبحت منطقة عبور لتلك السموم ويتم تهريبها في الخفاء عبر مداخل عديدة من المناطق الحدودية، وحسب تصريحات مديرية الأمن الوطني فإنه تم ضبط 10 أطنان من المخدرات عبر كامل المناطق الحدودية خلال سنة 2012، كما أن ألاف الجزائريين باتوا مهددين بالإدمان حيث تأكدنا من مصادر موثوقة بالمديرية أن تلك السموم باتت تهرب عبر معابر مختلفة وبشكل كبير من النيجر ومالي، إضافة إلى تهريبها عبر حدود مغنية وتلمسان عبر المغرب، كما أن عصابات المتاجرة بالمخدرات وبعض الشخصيات المرموقة باتوا يستغلون بطالة الشباب ليورطوهم في توزيعها وبيعها بمبالغ ضخمة، حيث أصبح تقديم الرشاوى كفيلا بتسهيل عملية دخولها إلى الجزائر، ولعل خير دليل على هذا ما باتت تعرفه المحاكم من قضايا يتورط فيها من تقاضوا رشاو من رجال الأعمال وتجارها من الشخصيات المرموقة في سبيل السماح لهم بإدخالها عبر الموانئ الحدودية، ولعل خير دليل ما تداولته إحدى المحاكم التي سلطت أقصى العقوبة على رجال أمن تورطوا في تجارة المخدرات بالمحمدية، حيث باتت تلك السموم تدخل لأرض الوطن بكميات هائلة رغم الجهود التي تبذلها الدولة لضبط بارونات المخدرات إلا أن تلك الأفة لا تزال تنخر كيان مجتمعنا بدخولها بطرق ملتوية. مخاطر صحية وخيمة تترتب عن تعاطي المخدرات بالرغم من الأمراض الخطيرة والمعدية التي تسببها ظاهرة إدمان المخدرات والخمر، إضافة إلى أنها من المحرمات إلا أن كثير من الأشخاص يتخبطون في شبح الإدمان كما يصعب عليهم التخلص منه أمام غياب الثقافة والوعي لدى البعض، إضافة لنقص بمراكز تأهيل وعلاج وكذا نقص حملات التوعية والتحسيس، حيث أكد الدكتور خياطي، أن عدد مراكز العلاج من تلك الأفة تتواجد أغلبها بالمصحات العقلية، كما لا يجيد المسؤولين عن العلاج التكفل بالمدمنين بالطرق العلمية الصحيحة مما يجعل هذا النقص بمختلف الولايات يقف عائقا أمام المدمنين الراغبين في التخلص من تلك الآفة، كما يؤكد الأطباء أن إستنشاق الكولا أحد أسباب سرطان الرئة، كما أن زيادة جرعة المخدرات يتسبب في هبوط حاد بالدورة الدموية، كما يتسبب تناول الحشيش في تقلبات مزاجية تتصف بالعدوانية وعدم الشعور بالعالم الخارجي لتأثيره المباشر على السيالة العصبية والدماغ مما يجعل خطر الشلل الدماغي أو الجسدي يتربص بأغلب المدمنين، كما أن مخاطر الإصابة بالأمراض المعدية كالإيدز والسل بات يهدد أغلب المدمنين نظرا لغياب الوعي وتصرفاتهم غير الصحية المتمثلة في إستنشاق نفس أكياس “الكولا” وإستعمال حقن المخدرات من شخص لأخر مما يتسبب في إصابتهم بالأمراض الخطيرة كفيروس الكبد إضافة إلى مرض السيدا. فعند إقلاع المدمنين عن تناول كمية المخدرات المعتادين على تناولها لفترة فإنهم قد يفارقون الحياة نظرا لتأقلم أجسادهم على تناول تلك المواد المخدرة بشكل مستمر، لذا فإن المدمنين يواجهون صعوبة في التخلص من الإدمان إلا بعد فترة طويلة بعد معالجة نفسية وصحية خاصة تشجعهم على الإقلاع عنها بصفة نهائية. فعند الإقلاع عن تعاطي المورفين تواجه المدمن مجموعة من أعراض الإقلاع، خلال فترة تتراوح بين 24 – 48 ساعة واهم تلك الأعراض التوتر، الهياج، الأرق، حكة شديدة بالجسم، إفراز العرق بغزارة والرغبة الجامحة في البحث عن جرعة جديدة، ويصف المدمنون شعورهم خلال تلك المرحلة بآلام جسدية متفرقة إضافة إلى أعراض نفسية أخرى كالشعور بإضطراب نفسي.