مشاري الذايدي استكمالاً للمقال الأخير حول الحضور السعودي في الإعلام الأميركي ومخازن التفكير وكل مظاهر الحياة الأميركية، مقارنة بالحضور الإيراني، نبدأ بهذين الخبرين المتقاربين زمنيًا. الأول: هو تمهيد مجلس الشيوخ الأميركي الأربعاء الطريق أمام صفقة لبيع دبابات وعتاد عسكري آخر بقيمة 1.15 مليار دولار للسعودية، حيث صوت المجلس بأغلبية 71 صوتًا مقابل 27 ضد تشريع يهدف إلى عرقلة الصفقة. الثاني: مشروع القانون الذي يعمل عليه الكونغرس الأميركي للكشف عن أموال المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، و80 شخصًا من القادة الإيرانيين. المشروع نال موافقة 39 نائبًا ومعارضة 20 آخرين. البيت الأبيض أصدر بيانًا يرفض فيه القانون، ويلوح بالفيتو الرئاسي، ومما جاء في بيان إدارة أوباما أن القانون سيؤثر على «حيوية الاتفاق» مع إيران. لو أخذنا هذا المثال، فإنه يقودنا إلى صورة مغايرة عن «ثقل» المصالح السعودية في أميركا، وكيف أنها، في نهاية المطاف، هي التي تملي على صناع السياسة الأميركية تقدير السعودية. لكن لو اكتفينا بهذا المثال، لحصلنا على صورة ناقصة، ومضللة، فالحق أننا شهدنا في فترة أوباما بالميديا الأميركية، التابعة تقليديًا للتيار الليبرالي، مثل «سي إن إن» وصحيفة «نيويورك تايمز»، مثلا: «كثافة» في الهجوم على السعودية، ومحاولة ل«شيطنة» المملكة، ومن خلفها العرب والسنة، وإن لم يقلها القوم بصراحة. هل يمكن كسب هذه المنابر لصالح السعودية؟ أظن أنه لا يمكنك كسب من قرر سلفًا تصنيفك في قالب محدد، فعداء السعودية، والمعسكر العربي المحافظ سياسيًا، هو جزء ثابت من «تقاليد» اليسار الغربي، وملمح من ملامح هويته. إذن كسبهم، معركة خاسرة، لكن يبقى الرد عليهم، والسجال معهم، و«مزاحمة» الدعايات المضادة، مثل مقال جواد ظريف، وزير الخارجية الإيراني، الحاقد على السعودية، المستثمر في مشاعر الكراهية اليسارية التقليدية للسعودية. السؤال، هل هناك أصدقاء للسعودية في القوى الأميركية وأين نجدهم؟ يخبرني صديق سعودي ممن قضى شطرًا من عمره يدرس في أميركا، ثم الآن يعمل في البيزنس بالسعودية وأميركا، وأثق بعقله وثقافته و«علاقاته» مع النخب الأميركية، أن في معاهد البحث والدراسات الأميركية، فرصة للذب عن السعودية، ليس حبًا بها، بل نفرة طبيعية من الاستسهال الذي تقوم به الميديا الأميركية تجاه السعودية، تاريخًا، وتجاه الإسلام فكرًا وحضارة، ومثل لذلك بالباحث المعروف غريغوري غوس، الذي كتب مفندًا أوهام الميديا الأميركية، النمطية، عن السعودية ب«فورين بوليسي»، رغم أنه سبق أن وجه نقدًا سياسيًا للسعودية، لكنه يرفض تتفيه العلم والتاريخ نكاية في السعودية.. حسب رأي صديقي.