إلا أن شقيق هدار قد طرق الباب الخطأ، وسلك الطريق المسدود، وبدلاً من أن يوجه خطابه إلى رئيس حكومة كيانه المتشبث بالسلطة والحريص على المنصب، وإلى وزير الحرب الحالي والسابق وقادة أركان جيشه، الذي أثبت تقرير مراقب الدولة أنهم جميعاً يتحملون كامل المسؤولية عن مجريات ونتائج الحرب، قام بصب جام غضبه على حركة حماس، وأطلق ضدها سيلاً من التهديدات والوعود العنيفة، متوعداً إياها بأشد العواقب، ومحذراً إياها بالأسوأ في حال لم تقم بإطلاق سراح شقيقه، أو الكشف عن مصيره وبيان حاله، وطالب حكومة كيانه بالضغط على حركة حماس وتهديد قيادتها واستهداف رموزها وعناصرها، والتشديد على أسراها معاقبتهم، وتشديد الحصار على قطاع غزة، والتوقف عن تزويدهم بالمحروقات على أنواعها، والامتناع عن إمدادهم بالكهرباء أو بالوقود المستخدم في تشغيل محطة توليد الكهرباء، والتوقف عن إدخال قوافل المؤن والبضائع والإسمنت ومواد البناء وغيرها. كما طالب المجتمع الإسرائيلي بالتعاطف مع عائلته وعوائل بقية الجنود الأسرى، والعمل على إغراق صفحات التواصل الاجتماعي المختلفة بدعوات الإفراج عن شقيقه، وخلق أجواء ضاغطة على آسريه، واعتبر أن الجميع قادرٌ على المساهمة والمشاركة، لدفع المجتمع الدولي للتعاون والتعاطف معهم، والعمل إلى جانبهم لممارسة أقصى الضغوط على حركة حماس، التي يجب أن تستجيب إنسانياً للدعوات الدولية، وتفرج عمن تتحفظ عليهم من الجنود الأحياء أو رفاتهم إن كانوا قتلى. كان ينبغي على شقيق هدار أن يتوجه إلى حكومة كيانه ورئيسها، ويطالبهم بالاستجابة إلى شروط المقاومة، وتلبية طلباتهم، والموافقة على عقد صفقة تبادل للأسرى مع كتائب القسام، تماماً كما وافقت على عقد صفقاتٍ مشابهةٍ في السابق، وعليهم الاستفادة من تجربتهم مع جلعاد شاليط والتعلم منها، بدلاً من إضاعة الوقت، وتعطيل إجراءات الصفقة، والمماطلة في الموافقة عليها أو تمريرها، أملاً في الحصول على معلوماتٍ مجانية، أو النجاح في تحرير أسراهم بالقوة، دون أن يتكبدوا معرة دفع أثمانٍ باهظة لاستعادتهم، ومهانة الخضوع لشروط المقاومة الفلسطينية، بما يشجعها على القيام بالمزيد من محاولات أسر جنودٍ وضباطٍ آخرين. عجيبٌ أمر هؤلاء الإسرائيليين وغريبٌ سلوكهم، يقيمون الدنيا ولا يقعدونها، ويشغلون العالم كله معهم، يشتكون إليه ويبكون عنده، ويتوسلون إليه ويلحون عليه، ويحملونه المسؤولية عن جرائمهم، ويطالبونه بموقفٍ جادٍ من أجل بضعة أسرى لهم، ممن أسروا وهم على أرض المعركة وأثناء الحرب والعدوان، وهم في بزاتهم العسكرية، يحملون بنادقهم أو يقودون عرباتهم العسكرية ودباباتهم الهمجية، ممن أجرموا في حق شعبنا وقتلوا منه المئات. بينما يقومون باعتقال الآلاف من أبناء شعبنا، ويزجون بهم في السجون والمعتقلات المهينة، في ظروفٍ صعبةٍ وأوضاعٍ قاسيةٍ، يعزلونهم ويعاقبونهم ويسومونهم سوء العذاب، ويعذبون أسرهم ويحرمونهم من رؤية أبنائهم وزيارتهم، وفي حال موافقتهم على زيارتهم فإنها تتفنن في تعذيبهم والإساءة إليهم، ثم يأتون أمام المجتمع الدولي ليتشدقوا بالمفاهيم الإنسانية، ويطالبون العالم بأن يتفهم حاجة أمهات الجنود الأسرى، الذين يبكون أبناءهم، ولا يعرفون عنهم شيئاً، ويبحثون عمن يطمئنهم ويسري عنهم، ويقف إلى جانبهم ويخفف عنهم. الفلسطينيون في قطاع غزة والمقاومة إلى جانبهم ومعهم، ينصحون عوائل الأسرى والمجتمع الإسرائيلي، بأن يطرقوا الأبواب الصحيحة، وأن يلجأوا إلى الخيارات الممكنة والحلول العقلانية، فالطريق الأقصر والأسلم لاستعادة جنودهم وأبنائهم، هي في الضغط على حكومة كيانهم ورئيسها ووزير حربهم، ليباشروا في عقد صفقةٍ مع المقاومة الفلسطينية، والاستجابة إلى شروطها والقبول بها والتعجيل في تنفيذها، ذلك أن المقاومة الفلسطينية ومعها شعبها لن تفرط بمن عندها من الجنود الأسرى، ولن تطلق سراحهم، ولن تفرج عن أي معلوماتٍ عنهم، ولو شن عليهم العدو حرباً جديدة، حتى يقبل بالإفراج عن أسرى الشعب الفلسطيني، وأن يكف عن اعتقال المزيد منهم، وأن يعجل بالوفاء ببنود صفقة وفاء الأحرار، ويفرج عمن اعتقلهم من الأسرى المحررين، وأن يعلن التزامه من جديد بشروط الصفقة الأولى، ويتعهد بعدم خرق شروطها مرةً أخرى، ولا يحلم أبداً بأن يحرر جنوده بدون ثمن، أو أن يقهر المقاومة بالقوة ويحررهم من بين أيديها عنوةً. إن من حق كلِ أمٍ أن تحزن على ولدها وأن تشفق عليه من الغياب والأسر، وأن تتمنى عودته واحتضانه، ومعانقته وشم رائحته، وأن تراه بعيونها وتحيطه بذراعيها، وأن يكون معها وبالقرب منها، تفرح به وبأولاده، وتسعد معه وبجواره، وإن هذا حلم كل أمٍ فلسطينيةٍ حرمت ولدها، وأمل كل زوجةٍ فقدت زوجها وأب أطفالها، ورجاء كل أبٍ ابيضت عيناه من الحزن شوقاً لولده وحزناً عليه، لهذا الهدف المشروع نحن نسعى لتحرير أبنائنا، واستعادة فلذات أكبادنا، والوفاء لهم بالعهد، والالتزام تجاههم بالوعد، ولن يهنأ لنا عيش ولن تقر لنا عين، حتى نراهم جميعاً أحراراً معنا وطلقاء بيننا.