بات للاكتظاظ الذي تشهده مختلف مصالح التوليد خاصة المتواجدة بالجزائر العاصمة تفسيرات متعددة، منها إقبال عدد كبير من نساء المدن المجاورة للعاصمة على تلك المصالح لسبب أو لآخر، الأمر الذي ضاعف من طاقة الاستقبال التي باتت تفوق بكثير العدد المفترض، مما جعل اللجوء لافتراش القاعة أو مقاسمة سرير مع امرأة أخرى وارد بكثرة. تشتكي معظم مصالح الولادة التابعة لمستشفيات الجزائر العاصمة، من الاكتظاظ الكبير نتيجة توافد النساء الحوامل عليها من كل ناحية، سواء داخل أو خارج الجزائر العاصمة. ويظهر أن العامل الصحي ليس وحده سببا في قصد مركز ما دون آخر، بل تدخل عوامل أخرى في الاعتبار، منها اكتساب الصغير صفة المولود ببلدية من بلديات العاصمة دون غيرها. يرفض أن يقال أن ابنه ''وليد السمار'' من المفارقات التي وقفنا عليها ونحن نقوم بهذا الربورتاج ما أكدته لنا مصادر طبية من كل من مستشفى القبة و مستشفى مصطفى باشا الجامعي، والمتمثل في رفض بعض الآباء أن يولد أبناءهم في بلدية ما، وهو ما ساهم في زيادة الاكتظاظ على مصلحة الولادة لمستشفى معين، في حين تبقى أسرّة مصالح أخرى فارغة، حيث أكد لنا أحدهم أنه مع اكتظاظ مصلحة التوليد بمستشفى القبة تم توجيه الحامل رفقة زوجها لعيادة عمومية على مستوى بلدية وادي السمار، وكان الرد بالرفض القاطع من قبل زوج الحامل أن ينقلها لتلك العيادة مرددا أنه يرفض أن يكون ابنه ''وليد السمار'' بل ''ابن القبة '' لتلد بالفعل زوجته بمستشفى القبة وينال الأب مراده. من جهته، أكد لنا السيد شاوش مدير مستشفى مصطفى باشا الجامعي، أنهم واجهوا عديد المرات مثل هذه الحالات، حيث كثيرا ما يتم توجيه النساء الحوامل اللواتي يقصدن المستشفى لوضع حملهن إلى عيادة نعيمة الواقعة ببلكور والتابعة لمستشفى مصطفى باشا، لكن كثيرا ما يلاقى التوجيه بالرفض من قبل زوج المرأة الحامل خاصة الساكن ببلدية سيدي امحمد والذي يرفض أن يولد ابنه ببلدية بلوزداد. هذا ناهيك عن القادمين من ولايات مجاورة هدفهم أن يولد ابنهم بالجزائر العاصمة. وفي ظل رفض العديد من المواطنين نقل زوجاتهم للوضع في مستشفيات وعيادات أخرى، يقول محدثنا ''نضطر لقبول الحامل لأن رفضها يدخل في خانة عدم نجدة شخص في شدة''. مصالح الولادة العمومية لم تتغير منذ 24 سنة ساهم عدم تسجيل أية زيادة في مرافق التوليد على مستوى الجزائر العاصمة، في اكتظاظ هذه الأخيرة وعمل بعضها بوتيرة جد مرتفعة. فباستثناء مصالح التوليد لكل من مستشفى القبة، باينام، عين طاية وبني مسوس التي أنشئت عام 1986 وأضيفت إلى مصلحة مصطفى باشا الجامعي التي كانت تعمل لوحدها قبل ذلك التاريخ، لم يتم منذ تلك السنة إنشاء مصالح توليد، إضافة إلى أن المصالح المتوفرة لم تسجل توسعا أو زيادة في عدد الأسرّة، وهو ما يفسّر الاكتظاظ المسجل. وعن مخلّفات مشكل الاكتظاظ، أكد لنا البروفيسور عداد بوزيد، رئيس مصلحة أمراض النساء والتوليد بمستشفى مصطفى باشا الجامعي، أن سريرا بمصلحته يعمل بمعدل ثلاث مرات أكثر من سرير مصلحة توليد مستشفى آخر لتبلغ نسبة امتلاء المصلحة 112 بالمائة. يحدث هذا في الوقت الذي تعتبر فيه مصلحة توليد مصطفى باشا الجامعي مصلحة مخصصة للتكفل بالولادات الصعبة ومتابعة الحمل الخطير، سواء على صحة الأم أو الوليد، حيث أنها المصلحة الوحيدة المصنّفة ضمن الدرجة الثالثة عبر مختلف أنحاء الوطن. ورغم ذلك يقول البروفيسور عداد ''نجد أنفسنا مجبرين على توليد نساء ذوات حالات حمل عادية لأنهن يقصدن المصلحة ويصلن في حالات متقدمة من المخاض''.