بدأت فرنسا مسلسل الجدل الدائر حول ''النِّقاب'' في أوروبا منذ فترة قصيرة، والآن قرّرت هولندا أن تحذو حذوها. ومع اتّساع نطاق الجدل حول النقاب في أوروبا، فإنّ حظرًا ثالثًا أو أكثر قد لا يتأخّر كثيرًا. رغم محدودية انتشاره في أوروبا، إلاّ أنّ النِّقاب أصبح رمزًا ''يُنْذِر بالشرِّ'' للأوروبيين، الّذين تقلقهم مشاكل الهجرة واندماج المسلمين في المجتمع، مع مشاكل الأزمة الاقتصادية. ومع تحوُّل المزاج السياسي في أوروبا تجاه اليمين فإنّ خطوات منخفضة التّكلفة، لكنّها ذات قيمة رمزية مرتفعة مثل حظر النِّقاب، أضحت نقطة التقاء للأحزاب اليمينية المتطرفة الّتي تدق على أبواب السلطة. وتلقى دعوتهم صدى لدى أولئك الذين يُقلقُهُم تهديد أمني محتمل من أشخاص يخفون وجوههم، أو يزعجهم ما يعتبرونه ضربة للمساواة بين الجنسين حين يرون امرأة تغطي وجهها. وبعد ثلاثة أيّام من إقرار باريس الحظر في الشهر الماضي، تقدّم حلفاء حزب رابطة الشمال الّذي يتزعّمه رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني بمشروع قانون مماثل في روما، وتقدّم حليف آخر لبرلسكوني بمسودة قانون لحظر النِّقاب لمجلس الشيوخ في الأسبوع الماضي. وأشادت صحيفة ''افينير'' الناطقة بلسان الكنيسة الكاثوليكية في إيطاليا بالحظر الفرنسي، وذكرت أنّ ارتداء النِّقاب ليس من العقيدة الإسلامية بل ''رمز هوية لشخصية أيديولوجية''. ورفض البرلمان في إسبانيا الّتي يحكمها اشتراكيون مشروع قانون من المعارضة المحافظة في جويلية لدراسة فرض حظر وطني على النِّقاب في الأماكن العامة، غير أنّ قرارات حظر صدرت على المستوى المحلي، حيث حظرت برشلونة النِّقاب بالمباني العامة في جويلية الماضي، بعد أنْ أعلنت مدينتان صغيرتان في إقليم كتالونيا هما ليريدا والفندريل حظر النِّقاب في وقت سابق من العام. وأقرّ مجلس النواب البلجيكي حظر النقاب في أفريل، لكن الحكومة انهارَت قبل أن يناقش مجلس الشيوخ الأمر. وفي سويسرا حثّ حزبان يمينيان وراء الاستفتاء الناجح المفاجئ لحظر المآذن، عددًا من الكانتونات على التّقدم بمشروع قانون لحظر النِّقاب للبرلمان الاتحادي، ولم تتقدّم أيّ جهة بمشروع قانون ولا يزال الجدل مستمرًا. ويوم الخميس الماضي وافق حزبان هولنديان ينتميان ليمين الوسط على حظر النِّقاب في الأماكن العامة ثمنًا لحصول حكومة الأقلية الّتي شكّلها الحزبان على تأييد حزب الحرية اليميني المتطرف الحريص على وقف ما سمّاه ''أسلمة هولندا''. بينما أظهر استطلاع أخير أنّ 61% من الألمان يؤيِّدون حظر النِّقاب، لكن المناقشات تركّز أكثر على الجدل الّذي أثاره تيلو ساراتسن الّذي استقال من مجلس إدارة البنك المركزي عقب نشره كتابًا يحط من قدر المهاجرين المسلمين. وفي النمسا بدأ حزب الحرية المعارض يكسب أرضية في استطلاعات الرأي بموقفه المناهض للإسلام والهجرة، وقال المستشار الاشتراكي ''فرنر فايمان'' إنّه ''يمكنه تصور'' حظر وإن الشركاء في ائتلافه المحافظ يريدون مناقشة الأمر. كما أثير الأمر في البوسنة، حيث يمثّل المسلمون أكبر مجموعة عرقية ولكن عدد المنقبات قليل جدًا.