وقعت إدارة المجلس الشعبي الوطني في ورطة بسبب غياب النواب عن جلسات مناقشة مشروع قانون المالية لسنة ,2011 ما اضطرها إلى تأجيل موعد انطلاق جلسة عرض المشروع من طرف محمود خوذري نيابة عن وزير المالية، كريم جودي، والاستنجاد برؤساء الكتل لإجبار نوابهم على الحضور. أمام هذا الموقف الأول من نوعه في تاريخ الفترات التشريعية للبرلمان، وقع وزراء حكومة الوزير الأول، أحمد أويحيى، في حرج كبير، وعبروا عن استيائهم لدى رئاسة ثالث مؤسسة دستورية في البلاد، حيث قامت إدارة المجلس الشعبي الوطني ب''تهدئتهم'' قبل أن تغرق في اتصالات هاتفية مع النواب وخاصة نواب الأغلبية الممثلين لأحزاب التحالف الرئاسي ''تستجديهم'' الحضور. وبرر نواب ل''الخبر'' سبب غيابهم بسوء برمجة إدارة ورئاسة المجلس الشعبي الوطني للجلسات المخصصة لعرض ومناقشة مشاريع القوانين لما تبقى من عمر الدورة الخريفية التي غلبت عليها مناقشات وجلسات بيان السياسة العامة، طيلة الأسبوعين الماضيين، وما تخللها من تأجيلات بسبب تقاطع الجلسات مع أجندة رئيس الجمهورية الذي برمج افتتاح السنة الجامعية والسنة القضائية من دون إخطار الوزير الأول أو رئاسة الغرفة البرلمانية السفلى. وأوضح هؤلاء النواب بأن الشروع في عرض مشروع قانون المالية تزامن مع عطلة الخريف المدرسية، وأنها جاءت بعد عيد الثورة مباشرة، ما صعب نوعا ما عودتهم إلى العاصمة لحضورهم ومناقشة المشروع. من جهة ثانية، أعطى عدد آخر من النواب مبررا هو الأقرب إلى الواقع من سوء برمجة الجلسات، حيث رأوا أن مناقشة بيان السياسة العامة وتوفر الوزير الأول أحمد أويحيى طيلة أسبوعين للإجابة على استفساراتهم والرد على انتقاداتهم، سمحت للكثير منهم وخاصة الذين غادروا العاصمة باتجاه ولاياتهم الأصلية، من إفراغ جعبتهم من جهة، ومن جهة ثانية، الزهد في مناقشة مشروع قانون المالية الذي لا يتضمن إجراءات تثير الجدل، على اعتبار أن الحكومة أجازت القوانين التي كانت ستثير انتقادات نواب المعارضة مثلما كان الشأن لدى مناقشة بيان السياسة العامة. ويذكر أن مسألة تغيب النواب عن الجلسات المخصصة لمناقشة مشاريع القوانين، وانعكاساتها السلبية على تشريع القوانين لا تزال تشكل مصدر قلق لدى الحكومة والبرلمان معا ! علما أن نشاط النواب داخل المجلس الشعبي الوطني لا يتعدى شهرا أو شهرين في السنة على أحسن تقدير، والباقي كله ''عطلة مدفوعة الأجر''، بل أن نسبة غياب النواب في أشغال جلسات البرلمان تكاد تكون قاعدة بالنظر لكون مقاعدهم شاغرة طول الوقت.