أجمع المراقبون والمتتبعون للانتخابات التشريعية في مصر، على أن السلطة الحاكمة وحزبها الوطني، على وجه الخصوص، لجأت إلى التزوير في الجولة الثانية من الانتخابات، لكن هذه المرة لا لتمكين الحزب الوطني الحاكم بالبقية المتبقية من مقاعد البرلمان، وإنما زورت لتمكين المعارضة بعدد من المقاعد التي أجل الحسم فيها للجولة الثانية، وذلك حتى لا يتشكل البرلمان المقبل من تشكيلة سياسية واحدة هي الحزب الذي يرأسه الرئيس حسني مبارك، والذي فاز في الدور الأول بأكثر من تسعين بالمائة من المقاعد. المراقبون تساءلوا عن سر فشل الإخوان في الفوز بأي من المقاعد المتنافس عليها، عندما كانت كل طواقم الحركة وإمكاناتها مجندة خلال الدور الأول، لكن عندما قررت وأعلنت الانسحاب تفوز بمجموعة من المقاعد، وكذلك الأمر بالنسبة للوفد والحزبين الآخرين ''السلام الديمقراطي'' و''الجيل'' اللذين حصلا على مقعدين في الدور الثاني بالرغم من أن الرأي العام المصري لم يكن يسمع بهما أصلا. وحسب النتائج الأولية لهذه الجولة، فقد فاز ثلاثة مرشحين من حزب الوفد ومرشح واحد ينتمي إلى جماعة الإخوان، بالإضافة إلى فوز أربعة مرشحين ينتمون لحزب التجمع المعارض، ومرشح لحزب الجيل ومرشح لحزب السلام الديمقراطي كما سبقت الإشارة، وعدد من مرشحي الحزب الوطني الحاكم الذي سبق واكتسح الساحة خلال الجولة الأولى من الانتخابات. في هذا السياق أفاد تقرير صادر عن الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية، بأن الحزب الحاكم لجأ إلى عقد صفقات اللحظة الأخيرة لتجميل وجه البرلمان المقبل، وذلك بدفع مرشحين مستقلين غير منتمين إليه للانضمام لأحزاب ليس لها مرشحون لخوض الانتخابات وتزوير النتيجة لمصلحتهم على حساب مرشحيه. كما نقلت وكالة يونايتد برس إنترناشونال عن مدير الجمعية السيد أحمد فوزي قوله ''إن الأجهزة الأمنية أجبرت مرشح الإخوان في دائرة المرج والنزهة، مجدي عاشور، على الاستمرار وخوض جولة الإعادة لكي يكون الإخوان المسلمون ممثلين في البرلمان. وأمام هذا الواقع، عرفت الجولة الثانية إقبالا ضعيفا في معظم الدوائر الانتخابية بسبب مقاطعة الأحزاب والقوى السياسية المعارضة للعملية، ولعزوف الرأي العام عن الانتخابات بعد أن فقدت طعمها، كما شابت العملية أعمال عنف وانتهاكات. وفي هذا الشأن قال المجلس القومي لحقوق الإنسان إنه تلقى أكثر من 50 شكوى بمنع مندوبي المرشحين من دخول اللجان وعمليات تزوير وتسويد للبطاقات الانتخابية في عدد من الدوائر.