تأكد أمس بصفة رسمية أن الحزب الوطني الحاكم في مصر سيخوض الدور الثاني من الانتخابات التشريعية المقرر الأحد المقبل وحيدا بعد قرار أحزاب المعارضة المشاركة في انتخابات الدور الأول عدم مواصلة خوض هذه الانتخابات بسبب عمليات تزوير وخروقات صاحبت العملية الانتخابية لصالح الحزب الحاكم. وجاء قرار أحزاب المعارضة بعد الإعلان عن النتائج النهائية للدور الأول الذي جرى الأحد الماضي بفوز كاسح للحزب الوطني الحاكم مبطلا أي احتمال لوقوع أية مفاجأة وسارت نتائجه في نفس سياق نتائج الانتخابات السابقة في مصر بل وفي مختلف دول العالم الثالث. فقد حصل الحزب الوطني الحاكم على 5,94 بالمائة من إجمالي عدد مقاعد البرلمان المقدرة ب508 بحصوله على209 مقعدا من أصل 221 محل المنافسة في الدور الأول. وتحصلت المعارضة العلمانية على خمسة مقاعد بينما عادت سبعة مقاعد إلى مرشحين غير إسلاميين في وقت لم يتمكن مترشحو جماعة الإخوان المسلمين الذين خاضوا هذه الانتخابات كمستقلين من الظفر ولو بمنصب واحد. وهو ما أثار سلسلة اتهامات وانتقادات وجهتها المعارضة الإسلامية والعلمانية للحكومة المصرية بتزوير الانتخابات من أجل المحافظة على هيمنة الحزب الوطني الذي يتزعمه الرئيس حسني مبارك على البرلمان. وقال عصام العريان قيادي في حركة الإخوان المسلمين أن ''الآراء مشتركة'' في إشارة إلى مقاطعة أحزاب المعارضة للدور الثاني. من جانبه أعلن حزب الوفد عن المعارضة الليبرالية انسحابه هو الآخر وقال منير فكري عبد النور الأمين العام للحزب ''سننسحب من عملية الاقتراع برمتها بما فيها المقعدين الذين تحصلنا عليهما خلال الدور الأول'' وكان حزب الوفد أعلن أنه تقدم بملف كامل عن التزوير إلى الرئيس حسني مبارك ومشاركته في الدور الثاني تتقرر انطلاقا من رد الرئيس على هذا الملف. وقال ''هناك قرار يجب اتخاذه بعد كل ما حدث لأنه من غير المنطق أن يفوز حزب ب95 بالمائة داخل البرلمان''. ولكن الحكومة المصرية دافعت عن نتائج الانتخابات ورفضت الانتقادات التي وجهتها الولاياتالمتحدة لها بشأن سير العملية الانتخابية في مصر. وقال حسن زكي المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية أن مصر تعتبر التقارير والتصريحات الصادرة عن البيت الأبيض وكتابة الدولة حول الانتخابات بمثابة تدخل غير مقبول في شؤونها الداخلية. وأضاف أنه ''من المؤسف أن يتم إصدار مثل هذه التقارير قبل الإعلان عن النتائج النهائية للدور الأول من الانتخابات التشريعية مما يشكل دليلا على وجود مواقف سلبية مسبقة بخصوصها''. وكانت الولاياتالمتحدة عبرت عن استيائها وخيبة أملها لسير الانتخابات التشريعية المصرية وأعربت عن قلقها للمعلومات المشيرة إلى حدوث التزوير وأعمال عنف خلال الاقتراع. ليس ذلك فقط، بل اعتبرت كتابة الدولة الأمريكية أن هذه المعلومات تشكك في مصداقية القضاء المصري وشفافية العملية الانتخابية. وكان ملاحظون مستقلون وعديد الصحف المصرية نددوا بالخروقات التي شهدتها مختلف أنحاء البلاد خلال عملية الاقتراع لصالح الحزب الوطني الحاكم من شراء للأصوات ومنع مراقبي المجتمع المدني من دخول مكاتب الاقتراع إضافة إلى أعمال التدخل والتخويف من جانب قوات الأمن يوم الاقتراع. وفي تعليقها عن النتائج النهائية اعتبرت صحيفة ''الشروق'' المستقلة بأنها تشكل ''زلزالا انتخابيا بالنسبة للمعارضة''. بينما كتبت صحيفة المصري اليوم المستقلة في افتتاحيتها أنه ''عندما يفوز حزب سياسي بكل الانتخابات طيلة 30 سنة من دون أي استثناء فهذا معناه أن التزوير أصبح قاعدة لا تتجزأ من بنية النظام''.