تتسبب المشاريع الكبرى في الجزائر العاصمة في تفاقم مخاطر الفيضانات بعيدا عن الرقابة. وتتهم مؤسسة صيانة الطرق والتطهير بالعاصمة ''أسروت'' القائمين على أشغال الميترو والترامواي والطرقات والأنفاق بالمساهمة في سد بالوعات بالإسمنت المسلح وعدم جمع الأتربة. رافقت ''الخبر'' موظفي وأعوان مؤسسة ''أسروت'' عبر عدة أحياء في العاصمة، ووقفت على عدة خروقات لشركات وطنية وأجنبية لا تحترم المعايير الدولية في الورشات.. البداية كانت من شارع فرنان حنفي في العناصر، حيث تسبب مشروع الترامواي في سد بالوعات بالإسمنت المسلح، وهو ما أحدث فيضانات على مستوى مجلس قضاء الجزائر والنفق المحاذي له بعد 7 ساعات من تهاطل الأمطار. وانتقد المدير التقني لمؤسسة ''أسروت''، يزيد باقة في تصريح ل''الخبر''، الذي كان مرفوقا برئيسة مصلحة الإنجاز ناصري حفيظة، قيام أغلب الشركات الوطنية والأجنبية بأشغال تعيق عمل الأعوان، حيث أن المشاريع الكبرى التي تشهدها العاصمة في مجال الري والأشغال العمومية والنقل، تسببت في ''سد بالوعات بعدة نقاط، ما أدى إلى تفاقم خطر الفيضانات مع كل فصل ماطر''. وتتمثل هذه المشاريع أساسا في مشروع الميترو والترامواي والمحوّلات والأنفاق، ويصل الأمر ''إلى حد أن الأتربة التي تنتج عن أشغال الحفر تجرفها مياه الأمطار، وتتسبب في عرقلة حركة المرور وانسداد البالوعات''، كما أن مؤسسة ميترو الجزائر أغلقت بالوعات بالإسمنت المسلح، والترامواي حطم بالوعات أخرى وقنوات صرف مياه. وتابع المتحدث ''مشكلتنا في العاصمة أن المتدخلين الاقتصاديين ينجزون أشغالا بطريقة عشوائية، وأغلب الورشات فوضوية، ولا يراعون أدنى المقاييس المتعارف عليها عالميا''. أما في حي باب الوادي وتحديدا في كيتاني، فوقفنا على قيام الأعوان بتبليط رصيف، بسبب تحطيمه من طرف شركة سونلغاز، التي لم تحمّل نفسها عناء إعادة الرصيف إلى حالته السابقة. كما يشتكي رئيس قطاع باب الوادي، محمد بن عزوز، من مشكلة توقيف المركبات بين الأحياء، التي لا تمكن الأعوان من التدخل في أغلب الأحيان، وقال ''قمنا بجمع أكثر من 4000 متر مكعب من الردوم في ظرف 9 أشهر، وهي كمية خيالية بالنسبة لحي واحد''. وتمكنت ''أسروت'' منذ سنة 2006 في القضاء على أكثر من 60 نقطة سوداء، كانت تتسبب في تجمع المياه وعرقلة حركة السير. كما تم رفع مئات الشكاوى ضد مجهولين بسبب سرقة الأغطية الحديدة للبالوعات، والتي تصل تكلفة الواحدة منها بالأشغال المرافقة ما بين 4 و7 ملايين سنتم. وطالب المتحدث بأن يتم استحداث شرطة الطرقات لفرض الصرامة والمراقبة، خصوصا وأن المواطنين يقومون برمي الردوم بشكل يومي ومن دون أن تحرر مخالفات ضدهم، وهو ما يسبب متاعب للعمال. وفي الرياح الكبرى في دالي ابراهيم، وجدنا الأعوان منهمكين في جمع الأتربة وامتصاص المياه من الحي المنكوب منذ الفيضانات الأخيرة. وقال رئيس قطاع المؤسسة ابراهيم حباش، بأنه تم استحداث فرقة خاصة بالحي ب12 عاملا، لإعادة الوجه الحقيقي للحي وحمايته من الفيضانات. وعن تهاون بعض الأعوان في القيام بالعمل وتلقيهم شكاوى من المواطنين، كشف المدير التقني للمؤسسة بأن ''تعليمات صارمة توجه بشكل يومي لأزيد من 2300 عامل بالشركة، ومنهم 1700 عامل ميداني، لعدم التهاون في القيام بالأشغال الموكلة إليهم''. وقال المتحدث: ''يتم اتخاذ إجراءات ردعية في حق المخالفين، خصوصا من يقفون على قارعة الطريق والأرصفة، من دون القيام بالأشغال الموكلة إليهم أو من يتسببون في ضياع أو تحطم العتاد''. وأوضح المدير التقني بأن معدل تساقط الأمطار في العاصمة وصل إلى حدود 700 ملم في الخمسة أشهر الماضية. وهي كمية معتبرة. ومع تساقط الأمطار خلال الأسابيع القادمة، وفوضى المشاريع والورشات، فإن ''خطر الفيضانات يبقى ورادا'' بما يهدد بكارثة حقيقية. وتبعا للأرقام المقدمة، فقد أحالت الشركة 500 عامل على لجنة الانضباط، خلال السنة الجارية، في حين بلغ عددهم السنة الماضية 680 إجراء عقابيا. واعتبر المتحدث بأن هؤلاء ''يشوّهون صورة المؤسسة ويجب أن يطبق عليهم القانون، والذي يصل إلى حد الفصل عن العمل''. وتم بناء على ذلك، تشكيل لجان مراقبة تشرف عليها المفتشية العامة، حيث تقوم بدوريات مفاجئة لمعاينة الأشغال والورشات. واقتنت الشركة عتادا متطورا في مجال الأشغال العمومية والصيانة، حيث تم تخصيص ميزانية تقدر ب126 مليار سنتيم السنة الماضية لإبرام صفقات العتاد.