شخص يسأل عن حكم رفع صوت المكبّر عند الآذان، خاصة آذان الفجر في كثير من المساجد، ممّا يُسبّب الإزعاج للنّاس؟ إنّ لصلاة الفجر مع جماعة المسلمين فضلاً عظيمًا. وقد ذهب بعض المفسّرين إلى أنّ المقصود من قوله تعالى: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إنَّ قُرآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا}، الإسراء ,.78 صلاة الصبح، وقد وردت أحاديث كثيرة في فضل الصّلاة مع جماعة المسلمين بصفة عامة وفضل العشاء والفجر بصفة خاصة، لثقلهما على المنافقين وعلى ضعاف الإيمان، من شغلهم الحرص على الدنيا وملذاتها وشهواتها عن أداء الفرائض على أكمل وجه. أمّا عن رفع صوت المُكبِّر عند الآذان خاصة آذان صلاة الفجر، فمُخالف لهدي النّبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، الّذي نهى عن إيذاء وإحراج المسلمين واتّخاذ شعيرة الآذان العظيمة وسيلة من أجل إلحاق الأذى بالمؤمنين، أمرٌ غير مشروع ولا جائز، فقد تترتّب عليه آثار سلبية خطيرة، كانزعاج النّاس من سماع الآذان وصم آذانهم، وعوض الإصغاء وقول الذكر الثابت عن رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، عند سماع الآذان من بدايته إلى نهايته، كما يُسبّب ذلك رُعبًا عند الأطفال الصغار إذا رفع صوت المكبّر عن آخره. أمّا الوسط فهو المطلوب، هذا إن كان المسجد في حي صغير، أمّا إن كان الحي كبيرًا، فلا نظن أنّ ذلك يزعج أهله بل بالعكس، فإنّ ذلك يكون سببًا في إيقاظهم جميعًا وحضورهم إلى المسجد. فتاة تسأل عن حكم تلاوة القرآن من المصحف في فترة حيضها؟ أجمع أهل العلم على عدم جواز مسّ الحائض للمصحف، لكن لا حرج في قراءتها من محفوظها للاستعاذة من الشيطان الرّجيم ومن وساوسه، خاصة وأنّ فترة الحيض طويلة. أمّا إن كانت المرأة معلّمة أو متعلّمة، فلا حرج في قراءتها لوجود الضرورة، ولا بأس أن نذكّر بحكم مسّ المصحف بغير وضوء أصغر، وهو عدم الجواز، فيجب على مَن يُريد تلاوة القرآن أن يتوضّأ للصّلاة ويبدأ بتوفيق الله. شخص يستفسر عن مدى صحّة الفتوى الّتي صدرت بخصوص قصر الصّلاة في السفر والمدة المجيزة لذلك؟ لقد اختلف العلماء في المدة الّتي يجوز فيها للمسافر قصر صلاته، وقد بلغت أقوالهم في ذلك إلى أكثر من عشرين قولاً، ومعلوم أنّه لا يجوز اتّهام الغير بالابتداع والفسوق في المسائل الخلافية. وقد ذكرنا أنّ الجمهور اتّفق على أنّ مدة الإقامة الّتي يجوز فيها للمسافر قصر الصّلاة هي أربعة أيام، أي ما يعادل عشرين صلاة. وممّا استدل به الجمهور، ما رواه البخاري في صحيحه عن جابر وابن عباس، رضي الله عنهما، أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لمّا قدم مكة صُبح الرابع من ذي الحجّة، فأقام بها الرابع والخامس والسادس والسابع وصلّى الصبح في اليوم الثامن، ثم خرج إلى منى، وكان يقْصُر في هذه الأيام، وقد أجمع على إقامتها، فالنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم صلّى بمكة عشرين صلاة يقْصُر. أمّا مَن قال بقصر الصّلاة مطلقًا للمسافر الّذي لم ينو الإقامة ولو بقي مدة عام في ذاك المكان، فأدّلتهم تحمل على المسافر الّذي ينتظر حاجة في المكان الّذي قصده. أمّا مَن قصد مكانًا من أجل العمل فيعتبر منتظرًا لحاجة، خاصة وأنّ سفره سيتكرّر ويصبح كالمقيم بعد مرور أربعة أيام، وبالإضافة إلى أنّ القلب أوّل المستفتين لا يهنأ بقصر الصّلاة مدة طويلة والنّاس حوله يُتمُّون، وهو يعلم أنّ الصّلاة عمود الدِّين. كما أنّ مدة الأربعة أيام هي المدة المتّفق على جواز القصر فيها في جميع الأقوال، فيؤخَذ بها عملاً بالأحوط.. والله أعلم.