تسارعت الأحداث في تونس بشكل غير مسبوق منذ عام 1987، وانتقلت موجة الاحتجاجات على البطالة والظروف الاجتماعية إلى منطقة السوق الجديد القريبة من مدينة سيدي بوزيد، وشهدت المدينة الصغيرة مواجهات بين الشرطة والمتظاهرين عندما حاولت قوات الشرطة التونسية تفريق المظاهرة بالقوة. اضطرت قوات الشرطة التونسية التي استقدمت من مدينة سيدي بوزيد إلى إطلاق الرصاص الحي في الهواء، لكنها فشلت في احتواء الأحداث التي تطورت إلى رمي الحجارة والعصي والمقذوفات على الشرطة، ما أدى إلى إصابة ثلاثة أشخاص، بينهم شرطي أصيب برصاصة عن طريق الخطأ، فيما قيل أنه أصيب من طلقة بندقية أحد المحتجين. وهي السابقة التي تؤشر على بلوغ الأحداث منحى خطيرا وغير مسبوق في تونس. ورفع المتظاهرون شعار ''العمل استحقاق يا عصابة السرّاق'' والذي صار الشعار الأبرز في غالب المظاهرات التي تشهدها تونس هذه الأيام، وتجددت الاحتجاجات في مدينة الرقاب، القريبة من سيدي بوزيد وأقدم المتظاهرون التونسيون على مهاجمة محكمة ومركز للبريد وخربوا ممتلكاته، كما هاجم المحتجون مقر الحزب الحاكم في المدينة، التجمع الدستوري، وخربوا مقهى يعتقد أنه ملك لأحد كوادر حزب الرئيس بن علي. كما توسعت الاحتجاجات إلى منطقة بن قردان القريبة من الحدود مع ليبيا والتي كانت شهدت قبل أشهر احتجاجات مماثلة على البطالة. وقال النقابي علي الهادي إن المعلومات الواردة من بن قردان تشير إلى أن البطالين هناك منحوا السلطات مهلة للإعلان عن مشاريع لصالح المنطقة والحد من حالة التهميش التي تعانيها المنطقة الحدودية مع ليبيا. في سياق آخر، دعا عدد من كوادر الاتحاد التونسي للشغل، كبرى النقابات العمالية، إلى تجمع غدا وسط العاصمة التونسية احتجاجا على قمع الشرطة التونسية لسكان منطقة سيدي بوزيد ومنزل بوزيان والمكناسي. ووزع النقابيون، أمس، منشورا يدعو النقابيين والمحامين والناشطين في مجال حقوق الإنسان إلى المشاركة في التجمع الذي تتخوف السلطات التونسية من أن يتحول إلى مسيرة وسط العاصمة. وبمدينة منزل بوزيان القريبة من سيدي بوزيد شيّع السكان القتيل الذي سقط برصاص الشرطة التونسية، خلال المواجهات الدامية بين السكان المحتجين والشرطة، وسارت الجنازة من بيت القتيل إلى غاية مقبرة المدينة الصغيرة التي خرجت إلى العلن على خلفية الأحداث الاستثنائية التي شهدتها منذ يومين، وعمت حالة من الحزن المدينة. ووصف المشيّعون الضحية بأنه ''شهيد البطالة''، ورفع التونسيون المشاركون في المسيرة شعارات مناوئة للسلطات ومطالبة بالقصاص من الشرطة التي أطلقت الرصاص الحي. وبدت مدينة منزل بوزيان، أمس، أشبه بالمدينة الميتة، حيث اتجه الجميع إلى المشاركة في المسيرة التي كانت تراقبها الشرطة عن قرب، تحسبا لانزلاق الأوضاع وتجدد المواجهات. وعلى طول الطريق الرابط بين سيدي بوزيد ومنزل بوزيان تنتشر الشرطة التونسية بشكل مركز وتقوم بتوقيف السيارات وحافلات النقل لمراقبة الداخلين إلى المدينة، وتدقق في الهويات وتستفسر سبب دخول من لا يسكنون في المدينة. وبرر مسؤول في الشرطة التونسية هذه الإجراءات بالاحتراز من دخول مجموعات من اللصوص الذين يستغلون ظروف المدينة لسرقة المحلات. وفي مدينة سيدي بوزيد مازالت لعبة الكر والفر بين الشرطة والسكان المحتجين، حيث تنتشر قوات الشرطة على أهم المحاور الرئيسية في المدين بالقرب من مقر الولاية ومقر البريد وعلى طول شارع الحبيب بورفيبة والسابع نوفمبر. كما تراقب الشركة كل تحركات الناشطين النقابيين والقيادات المحلية للأحزاب السياسية في المدينة. وقال الهادي علي، عضو اتحاد الشغل في سيدي بوزيد، إن الوضع ينذر بالانفجار بين الحين والآخر بسبب تداعيات ما حدث في منزل بوزيان وإقدام الشرطة على إطلاق الرصاص الحي ضد المتظاهرين. وسمحت السلطات التونسية للصحف بنشر تحقيقات عن أحداث سيدي بوزيد، لكنها لا تخرج عن الرواية الرسمية، واستنطاق المسؤولين والناشطين الداعين إلى التعقل ووقف الأحداث وإعطاء السلطات فرصة إصلاح الوضع.