أعلن الرئيس التونسي، زين العابدين بن علي، عن تنازلات عديدة في المجال السياسي والحريات، وإن جانب بن علي أي إشارة لانسحابه من الحكم، فإنه وعد بعدم الترشح لرئاسيات 2014 من خلال عدم تغيير الدستور الذي يقيد سن الترشح. كما أعلن فتح المجال الإعلامي ووقف الرقابة على الأنترنت. كما أعلن بن علي رفع الحظر عن التظاهرات السلمية وحرية التعبير السياسي. قدم الرئيس التونسي، زين العابدين بن علي، تحت ضغط الشارع، تنازلات جديدة، وتحدث الرئيس التونسي لأول مرة عن المطالب السياسية للشعب التونسي وكرر مرارا في خطاب ألقاه، مساء أمس، ''فهمت رسالتكم''، وأنه لا رئاسة مدى الحياة، في إشارة إلى رئاسيات 2014، لذلك قرر بن علي عدم الترشح بقوله إنه لن يقدم على تعديل الدستور سيما في المواد التي تقيّد سن الترشح، ما كان سيمنعه من تقديم نفسه للرئاسيات في الموعد القادم. وقال: ''أعمل من اليوم على دعم الديمقراطية وتفعيل التعددية وصون الدستور... وهنا أقول لا رئاسة مدى الحياة''. ووعد الرئيس التونسي، الذي بدأ خطابه لكل ''التونسيين في الداخل والخارج''، وبالوعد ب''التغيير الشامل للجميع للسياسي والبطال والكل''، كما كلف لجنة لمراجعة الخطط الانتخابية في اتجاه الرئاسيات المقبلة التي لن يترشح لها: ''وعلى اللجنة إعطاء تصوراتها المرحلية نحو 2014، ولِمَ لا الفصل بين موعد الرئاسيات والانتخابات التشريعية''. وأعلن زين العابدين بن علي عن فتح المجال الإعلامي الذي تتحكم فيه الدولة منذ فترة طويلة، كما قرر وقف الرقابة على شبكة الأنترنت، وأعلن ''الحرية في التعبير السياسي والتظاهر الحضاري ولا بأس أن يتقدم أي حزب لطلب التظاهر، ولكن مع العلم مسبقا مكان التجمعات حتى لا تخرج عن طابعها السلمي''. وفي فقرة هي الأكثر إثارة في خطاب ألقاه بن علي وهو مرتبك ويداه تلامسان دون إدراك الميكروفون الذي وضع أمامه، أفاد أن ''العديد من الأمور لم تجر كما أردت في مجال الديمقراطية والحريات''، ثم قال ''غلطوني بخصوص الحقائق وسيحاسبون''. وأعلن بن علي أيضا، تشكيل لجنة وطنية للتحقيق في الأحداث الدامية التي تعرفها تونس، ''ستحقق في مسؤولية كل طرف وأنتظر من كل تونسي أن يدعم الجهود في التهدئة والإصلاح''. أما اجتماعيا فقرر بن علي ''خفض الأسعار الأساسية للمواد الغذائية كالسكر والحليب والخبز''. ووصف بن علي مظاهر التخريب بأنها ''ليست من عاداتنا وليست من سلوكنا ولا بد أن يتوقف هذا التيار وأدعو الجميع لنضع اليد في اليد من أجل البلاد وأولادنا''، ثم كرر ''فهمت أنكم تريدون الحريات''. وشدد بن علي يقول: ''حزني وألمي كبيران، 50 سنة من عمري وأنا في خدمة تونس، بين الجيش والرئاسة، وأنا منذ 23 سنة على رأس الدولة، قدمت التضحيات ولم أقبل يوما أن تسيل قطرة دم واحدة لتونسي، أرفض أن يسقط المزيد من القتلى''. واتهم الرئيس التونسي مجددا من أسماهم ''المنحرفين مستغلي الوضع والاحتجاجات السلمية''، وأضاف: ''أسفي كبير، فكفانا عنفا، وأعطيت تعليمات لوزير الداخلية بوقف الكرتوش الحي (الرصاص الحي) إلا في حالة أراد شخص فك سلاحك''. الجزائر: عاطف قدادرة عميد نقابة المحامين التونسيين ل''الخبر '' ''الوضع خطير وتونس تحت انفلات أمني'' أكد عميد نقابة المحامين التونسيين عبد الرزاق كيلاني أن الوضع خطير جدا في تونس ويستوجب تحركا سريعا لمجمل القوى ومكونات المجتمع المدني في تونس. وقال كيلاني في اتصال مع ''الخبر'' أن الانفلات الأمني الذي تعيشه تونس يدعو إلى الألم، مشيرا إلى أن ''تونس أمام مصير مجهول ولا أحد يعلم إلى أين ستقودنا الأوضاع الأخيرة والى أي سيناريو ستنتهي بنا''. وأكد عبد الرزاق كيلاني أن نقابة المحامين، وجهت نداء إلى السلطات لوقف إطلاق الرصاص على المتظاهرين ووقف إراقة الدماء، والإسراع في وضع قناة للحوار. وأطلقت مبادرة مشتركة مع الرابطة التونسية لحقوق الإنسان واتحاد الشغل التونسي واتحاد التجار واتحاد الصناعيين تتعلق بإصلاح الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية وإطلاق الحريات وحرية التجمع والتظاهر وحرية التعبير والإعلام. واعتبر نقيب المحامين التونسيين أن الشعارات التي تتردد في الشارع والتي تطالب بإسقاط النظام التونسي هي نتيجة طبيعية لحالة الاحتقان التي عاشها التونسيون منذ فترة، ولحالة القمع ومنع وهضم الحريات من قبل السلطات، ومنع حق التظاهر السلمي وانعدام حرية التعبير. مشيرا إلى أن ''السلطة التونسية لم تتصل بنقابة المحامين، لكن هذه الأخيرة للمساهمة في إصلاح الأوضاع''. من جانبه قال أحمد الصديق المتحدث باسم نقابة المحامين التونسيين ل''الخبر'' أن ''الموقف خطير جدا في تونس والحركة الاحتجاجية متواصلة، والوضع الأمني متدهور بشكل واضح في غالبية المدن التونسية''. مشيرا إلى أنه ''يتواصل سماع إطلاق الرصاص في العاصمة وفي مختلف المدن من قبل الشرطة، وكنا طالبنا كنقابة المحامين بوقف إطلاق الرصاص وأدنّا بشدة ذلك''. وأضاف المحامي أحمد الصديق: ''إفراغ النظام التونسي للساحة السياسية وتهميشه للأحزاب وقمع منظمات المجتمع المدني جعل الشارع التونسي يتحرك بعفوية ودون أي تأطير، ما عدا اتحاد الشغل ونقابة المحامين الذين يحاولان العمل على التواجد في الشارع رغم التضييق الذي تمارسه السلطات''. الجزائر: عثمان لحياني محي الدين غربيب ل''الخبر'' ''نتوقّع أكثر من مليون تونسي في مسيرات بفرنسا غدا'' كشف رئيس لجنة الدفاع عن الحريات وحقوق الإنسان بتونس، غربيب محي الدين، في تصريح ل''الخبر''، عن تجنيد ما يزيد عن مليون تونسي يعيش بفرنسا من أجل الخروج إلى الشارع غدا بالعاصمة الفرنسية. ويتوقّع غربيب مشاركة كبيرة من كل ''الجاليات العربية والإسلامية وحتى المتعاطفين من الشعوب الأوروبية، خاصة بفرنسا، التي من المنتظر أن تشارك فيها أحزاب سياسية معارضة، لما يحدث في تونس من تقتيل جماعي للمواطنين الأبرياء العزل، إضافة إلى هذا الجالية التونسية الكبيرة التي يتجاوز عددها مليون شخص بفرنسا وحدها، كما ينتظر أن تشارك الجاليات الأخرى على غرار الجزائريين بصورة خاصة في المدن الكبرى الفرنسية في باريس ومرسيليا وليون''. وعن التنسيق مع الأطراف الجزائرية، قال: ''نحن ننسق مع الإخوة الجزائريين مثل نقابة ''السناباب'' وكذا رابطة حقوق الإنسان، خاصة وأنهم عاشوا نفس الأجواء والأحداث ولكن بصورة أقل حدة من ذلك''. وعن الشعارات التي يرفعها المحتجون، قال: ''لقد قررت لجنة الدفاع عن الحريات وحقوق الإنسان في تونس، اعتماد الشعارات التي رفعها المحتجون في كل المدن التونسية، ولعل أهم هذه الشعارات ما رفعه ال30 ألف من الإخوة المتظاهرين ليلة أمس في صفاقس: ''بن علي قاتل وساركوزي شريك''؛ ''خبز وماء وبن علي ما''؛ ''حاكموا بن علي...''. الجزائر: ياسين.ب الاحتجاجات تخلف يوميا المزيد من القتلى والجرحى نقلت وكالة الأنباء الفرنسية مقتل الفرنسي، حاتم بطاهر، وسويسرية من أصول تونسية بالعاصمة. وأدان الجامعيون التونسيون اغتيال زميلهم بطاهر، 38 سنة، الأستاذ بجامعة تونس. في هذه الأثناء تنبأ جان مارك أيرو، رئيس كتلة الحزب الاشتراكي في البرلمان الفرنسي، السقوط ''الحتمي'' للرئيس التونسي زين العابدين بن علي. ووجه اللوم لحكومة بلاده عن ''صمتها'' أمام أحداث تونس. وعبر عن تضامنه مع الشعب التونسي'' الذي ثار ضد الظلم الاجتماعي وضد نظام فاسد وبوليسي''، كما قال. لكنه نبه إلى خطر استخلافه بنظام أسوأ، ويقصد الإسلاميين. ليدخل هكذا في القالب العام وقد نال بن علي ''نبله'' في غلق الطريق على الإسلاميين التونسيين من الوصول إلى الحكم. واجتمع أمس المجلس الاستشاري لمعالجة الأوضاع. وقررت الحكومة التونسية تعليق جميع النشاطات الرياضية خلال الأسبوع بسبب الأحداث. وقام المئات من المتظاهرين بمحاولات احتجاجية لكنهم فرقوا بالقنابل المسيلة للدموع أمام مقر النقابة التونسية للعمل المحاصرة منذ يومين من طرف الشرطة. وأكدت سهير بلحسن، رئيسة الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان بتونس، أن 8 أشخاص قتلوا ليلة الخميس، مما يرفع عدد القتلى إلى 66 قتيلا، ووصفت الأحداث ب''المجزرة''. يشار إلى أن الحكومة الفرنسية تخشى من تحديد موقف إدانة نظرا لمصالحها، وقد أبرمت مؤخرا صفقة بيع طائرات مدنية من نوع أيربيس وإنشاء محطة نووية لتوليد الكهرباء بتونس. غير أن الوزير الأول فرانسوا فيون أدرك خطورة الوضع وندد أمس، ب''الاستعمال المفرط للقوة''. من جابه لم ينف الاتحاد الأوروبي فرضية تعليق المفاوضات الجارية الآن مع تونس قصد إبرام اتفاق تمييزي؛ حيث قالت رئيسة الدبلوماسية الأوروبية، كاثرين أشتون، إن الأوروبيين يفكرون في انعكاسات الأحداث التي سوف يكون لها تأثير على العلاقات مع أوروبا، كما قالت. وعددت الفرضيات القائمة. ويلح الاتحاد الأوروبي في الدرجة الأولى، على إدخال إصلاحات ب''انفتاح ديمقراطيّ والحريات والأساسية ودولة القانون''. وقد دعا نواب أوروبيون إلى تعليق العلاقات مع تونس. وكانت تونس دخلت في مفاوضات مع أوروبا منذ 1995، من أجل انتزاع اتفاق تفضيلي، مثل ذلك الذي استفاد منه المغرب، يمكنها من امتيازات تجارية، وقد استفادت تونس من امتيازات تمويل أوروبي معتبر في إطار سياسة الجوار. الجزائر: عبد القادر حريشان عصابة تحيط ببن علي حسب وكيليكس كانت البرقيات التي سربها موقع وكيليكس وصفت محيط الرئيس التونسي زين العابدين بن علي ب''المافيا الحقيقية''. وأشارت إلى عائلة طرابلسي، التي تنحدر منها زوجته ليلى، التي بسطت يدها على الاقتصاد التونسي. ففي برقية صادرة في جوان ,2008 تحت عنوان ''ملكك ملكي''، تشير إلى ثلاثة أمثلة محسوبة على العصابة، نشرتها ''الغارديان'' البريطانية، تقول إن ''نصف عالم الأعمال في تونس له علاقة ببن علي''، بطريقة أو بأخرى من خلال النسب. منها مثلا أرض أخذتها زوجته مجانا ثم بنت عليها مدرسة خاصة ثم باعتها. ومنها أيضا أخرى تتعلق بصهره صخر الماطري الذي اقتنى مزرعة حوّلها إلى مشروع تجاري. فيما تقول برقية أخرى صادرة في 2009 من السفارة الأمريكيةبتونس أنه لا وجود، في المشهد السياسي التونسي، لمن يخلف بن علي في حالة ما.