يروي علماء السير والمغازي أنّ ملك الروم بعث برسول إلى الخليفة الرّاشد سيّدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه لغرضين، الأول: بعث رسالة إلى أمير المؤمنين، والثانية استقصاء الأخبار في المدينةالمنورة والنّظر في حال هذه الأمّة الجديدة الغريبة عن الروم. فإذا به يصل إلى المدينة فيسأل عن قصر أمير المؤمنين، فإذا به يفجَع حين سمع أنّ أمير المؤمنين لا يملك قصرًا وإنّما بيتًا متواضعًا، فبحث عن البيت ولم يجد حرسًا ولا جُندًا، بل رجلاً من عوام المسلمين، فسأله عن أمير المؤمنين، فقال له: إنّه هناك نائم تحت الشجرة. فإذا به يرى رجلاً يلبس ثوبًا مرقّعًا تحت الشجرة يتوسَّد حجرًا، فقال رسول ملك الروم: ''عَدَلتَ فأمِنْتَ فنِمْتَ''، جملة متكوّنة من ثلاث كلمات، ولكن تحمل في طيّاتها معان عظيمة تعتبر من أُسس بناء الدولة في الإسلام، وهي إقامة العدل بين النّاس. وكما قال تعالى: {وأقيمُوا الوزن بالقِسط ولا تُخسروا الميزان''. لذا، من السبعة الّذين يُظلُّهم الله عزّ وجلّ في ظلِّه يومَ لا ظِلَّ إلاّ ظِلُّه الإمام العادل كما جاء في الحديث الّذي رواه إمامنا ملك والبخاري ومسلم والترمذي من طريق أبي هريرة رضي اله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ''سبعة يُظلُّهم الله في ظلِّه يوم لا ظلَّ إلاّ ظلُّه: الإمام العادل...''، بل إنّ أحبّ النّاس إلى الله يوم القيامة وأدناهم منه مجلسًا إمام عادل، كما جاء في الحديث الّذي رواه الترمذي من طريق أبي سعيد الخُدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ''إنّ أحبَّ النّاس إلى الله يوم القيامة وأدناهم منه مجلسًا إمام عادل، وأبغض النّاس إلى الله وأبعدهم منه مجلسًا، إمام جائر''. لذا، الإمام العادل عند الله على منابر من نور عن يمين الرّحمن عزّ وجلّ، كما جاء في الحديث الّذي رواه مسلم من طريق عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، يبلُغُ به النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: ''إنّ المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرّحمن عزّ وجلّ وكلتَا يداهُ يمين الّذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما وَلُوا''.