طالب، يوم أمس، بالعاصمة الإيرانية حوالي خمسين نائبا، في وقفة احتجاجية لهم داخل مبنى البرلمان، بإعدام زعيمي المعارضة مير حسين موسوي ومهدي خروبي. وقد جاءت هذه الوقفة لمواجهة إصرار المعارضة على التظاهر احتفالا بانتصار الثورة في مصر، ووصف هؤلاء النواب زعيمي المعارضة في بيان نقلته وكالة الأنباء المحلية ''إيرنا'' ب''المفسدين في الأرض''، وهي الصفة التي يعاقب عليها النظام الإيراني بالإعدام. الغريب في الأمر أن مرشد الثورة علي خامنئي، هنأ الشعب المصري بإنجازه واحتفل أتباعه بما حدث في مصر، لكن المحافظين المحسوبين كما هو معروف على خامنئي، يرفضون احتفال غيرهم بإسقاط مبارك، بل ذهبوا بعيدا عندما رفعوا شعار ''الموت لموسوي، الموت لخروبي''، وهو ما يعني عمليا وليس خطابيا أن احتفال المحافظين بنتائج الثورة المصرية، لا يعدو أن يكون مجرد تسجيل حضور ومزايدة واستغلال سياسي للتمويه على ما يجري داخل إيران. موازاة مع هذا منعت أجهزة الأمن الإيرانية زعيمي المعارضة بالقوة من مغادرة مسكنهما للالتحاق بالمتظاهرين ومشاركتهم الفرحة والتهنئة بالإنجاز التاريخي الذي حققه الشباب المصري، كما أغلقت الشوارع المؤدية إلى مسكنهما للحيلولة دون وصول أنصارهم إليهما، وهو ما يعني أن السلطة الإيرانية لا تكتفي باحتكار الاحتفال بنصر شعب آخر فقط، وإنما تستخدم نفس الأسلوب القمعي الذي استخدمه النظام الساقط في مصر، في التعامل مع جماهير الشعب الإيراني. وخارج طهران منع جهاز ''الباسيج'' المواطنين من التظاهر في مدن أصفهان ومشهد وشيراز، واستعمل كما في طهران الغازات المسيلة للدموع في عمليات تفريقهم. وقد خلف هذا الحراك الإيراني ردود فعل خارجية كثيرة، حتى وإن جاء في ظرف زمني ما زالت فيه الأنظار مشدودة إلى الساحة المصرية التي ما زالت متوترة بعد إصرار مجلس ائتلاف الثورة على تحقيق مطالبه فورا، خاصة ما تعلق بالإلغاء الفوري لقانون الطوارئ وإبعاد كل وجوه النظام السابق من واجهة الحياة السياسية، سواء الوزراء الذين ما زالوا في الحكومة أو نائب الرئيس المخلوع عمر سليمان، الذي ما زال، كما تقول مصادر مصرية، يتردد هو ومدير مكتب مبارك على مبنى القصر الرئاسي في القاهرة. ومن بين المواقف المعلنة ما جاء على لسان كاتبة الدولة للخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون التي وصفت ما قام به الإيرانيون ب''شجاعة الشعب الإيراني''، وشكَّلت كما قالت ''إدانة لنفاق النظام الإيراني الذي كال على مر الأسابيع الثلاثة الماضية المديح للمظاهرات في مصر''، بينما تعامل مع جماهيره بأسلوب قمعي لم يختلف في شيء عما تعامل به حسني مبارك مع شباب مصر. وقالت إن قمع الشرطة للمتظاهرين الإيرانيين مؤشر ل''نفاق إيران في تشجيع المصريين، وقمع شعبها''. وأكدت كلينتون أن بلادها ''تقف صفا واحدا مع المعارضين الإيرانيين الذين تظاهروا الإثنين''، ودعت السلطات الإيرانية إلى منح شعبها نفس الحريات التي حصل عليها المحتجون في مصر مؤخرا. للإشارة خلفت الاشتباكات التي شهدتها العاصمة طهران، يوم أول أمس، قتيلا وعشرات الجرحى ومئات الموقوفين، وهو ما ولد احتقانا سيخدم دون شك حسابات المعارضة الإيرانية، وستفشي الأيام القادمة حجمه وطبيعته، وعما إذا كان سيؤدي إلى انفجارات كتلك التي عصفت بنظامي مبارك في مصر وبن علي في تونس.