استنجدت وزارة العدل، أمس، بالمحضرين القضائيين لضمان سير الجلسات بعد الإضراب المفتوح الذي شنه كتّاب الضبط على مستوى جميع المحاكم والمجالس القضائية للوطن، ما تسبب في شلل تام لهذا القطاع الحساس، وتعطل مصالح المواطنين. واجهت وزارة العدل استمرار إضراب كتاب الضبط بتسخير المحضرين القضائيين لحضور الجلسات وضمان سيرها، وهو الإجراء الذي تم اتخاذه انطلاقا من أن المحضر القضائي هو ضابط عمومي ويؤدي خدمة عمومية لصالح المواطن والعدالة. وأكد رئيس الغرفة الوطنية للمحضرين القضائيين، السيد شريف محمد، أن وزارة العدل استندت إلى نص المادة 13 من القانون المنظم لمهنة المحضر القضائي والتي يقول نصها: ''يمكن أن يستدعى أو يسخر المحضر القضائي لحضور الجلسات في المحاكم''، ما يعني، حسب مصدرنا، أن حضور المحضرين القضائيين في الجلسات منصوص عليه في القانون الأساسي للمحضر القضائي، وهو مسخر لأداء خدمة عامة في الظروف الاستثنائية كالحالة التي توجد عليها المحاكم منذ الأربعاء الماضي، باعتباره ضابطا عموميا ومحلّفا. من جانب آخر كشف السيد شريف أنه يوجد 1800 محضر قضائي على المستوى الوطني، وأن جميع المحاكم مزودة بمحضر قضائي وجميعهم، بمن في ذلك من يملكون مكاتب خاصة، مسخرون لأداء خدمة عمومية في إطار ما تنص عليه المادة ,13 غير أنه تساءل في الوقت ذاته إن كانت المحكمة ستسخر كتاب الضبط لتنفيذ الأحكام في حالة قيام المحضرين القضائيين باحتجاج مثلا. وقد أثار هذا الإجراء حفيظة أصحاب الجبة السوداء، حيث انسحب أغلبهم من قاعة المحاكمات، ووصفوه بغير القانوني، من منطلق أن كاتب الضبط يعتبر الشاهد الأساسي في جلسة المحاكمة، في حين أن المحضر مكلف بتبليغ وتنفيذ الأحكام، وليست له صفة كاتب الضبط. وفي العاصمة أعلن ممثلو نقابة المحامين الانسحاب الجماعي، أمس، عن قاعات الجلسات بسبب الإجراء الذي اتخذته وزارة العدل إثر دخول أمناء الضبط في إضراب مفتوح منذ الأربعاء الفارط واستبدالهم بمحضرين قضائيين. وتدخل الأستاذ لخلف شريف، ممثل نقابة المحامين بالعاصمة، أمام رئيسة الغرفة الجزائية الخامسة ملتمسا تأجيل جميع القضايا لأنه من غير المسموح للمحامي الموكل في القضايا الجزائية والذي يسهر على حقوق المتهمين أن يرافع أمام محضر قضائي، وفي النهاية اتفق الدفاع على الانسحاب ومغادرة القاعة. كما اعتبر ممثلو النقابة الذين التقتهم ''الخبر'' بمجلس قضاء العاصمة، أن تشكيلة المحكمة تتكون من قضاة وكتاب الضبط حسب النظام العام، لكن هناك خللا بعد استبدالهم للمحضرين الذين لا يتمتعون بصفة كاتب ضبط الجلسة، وبالتالي هاته التشكيلة غير قانونية وجميع الأحكام والقرارات تعتبر باطلة. كما يعد الإجراء خرقا قانونيا لأن عمل المحضرين يتعارض مع أولويات المحامين المتمثلة في البحث عن مصلحة موكليهم التي تتعارض أيضا مع هذا الإجراء، لأن المحضر القضائي مهمته تنفيذ الأحكام ويمكنه أن يتحوّل إلى خصم للمحامي في حالة تنفيذ أحكام قضائية ضد موكليهم. وفي نفس السياق رفض أمناء الضبط المضربون عن العمل استئناف العمل إلى غاية التفات الوزارة لمطالبهم التي اعتبروها أساسية، في مقدمتها رفع الأجور والحصول على ترقيات وتفادي الضغط في العمل. وقد شل إضراب أمناء الضبط المحاكم الخمس ومجلس قضاء العاصمة، كما توقفت الشبابيك وغرف التحقيق عن العمل، بينما ظل المواطنون يتذمرون بسبب تعطل مصالحهم وتوقيف استخراج الوثائق الإدارية كالجنسية وصحيفة السوابق العدلية.